آراء | متابعات

الشاوي يكتب: توزير الرميد يعتبر سُبّة شديدة الإذاية للحقوق وللإنسان

يقال إن العثماني رجل أمازيغي بشوش، وقرأت في (لوموند) الفرنسية أنه يبطن ما لا يظهره وعليه سِماتُ تَطَرّفٍ (غير داعشية)، وكنتُ قد جالسته لوقت في مدريد، سنة 2006، فلم أسمع منه إلا التقدير رغم ضيقه المكتوم، في تلك الجلسة، من تعبير عفوي ألقيته في وجهه، ففهم منه، كما يفهم المتسرّعون (الذين في قلوبهم فَزّ)، أنني ضد الإسلاميين جميعهم رغم اختلاف أوطانهم… ثم إنني أرى في الطبيب النفسي اليوم ملامح هدوءٍ تُنسيك سَمَاجة المُقَالِ من تعيينه وَثِقَلَ نفسه وتلك الضحكات البليدة التي يحسبها فهلوة وهي مقيتة.

وكان قد جاء في الأخبار أن العثماني اختار وزراءه من ستة أحزاب بعضها قيد التلاشي، ومن المحللين الذين ضاقت بهم ساحة التحليل اليومي، أنه لم يختر شيئا بل استولى عليه التكنوقراط فصادروا حزبه نفسه أو كادوا لولا بقية رحمةٍ وَلَيْنٍ… وذلك قبل أن يخرج عليه السيد عبد الإله ابن كيران بكثير من النقد المُبطّن بالتشفي وقد زاده حامي الدين رَشْحا وَقَلْيا.

وقيل الشيء الكثير دون أن يشير أي قائل إلى أن حزب (العدالة والتنمية) كان في حقيقة ما انتواه به الخصوم، وقد استفدنا ذلك من قول العارفين بتاريخ المكر والانتقام، قاب قوسين أو أدنى من الانقسام على نفسه، على أمَل أنْ تذهب به ريح الانشقاقات بين رافض وقابل… إلى جحيم الفرقة كما وقع لغيره خلال الحقب الماضية حسب السُنَن المعروفة.

ومهما يكن من أمر، فقد جاءت اختيارت الحكومة الحالية على قدر أهل عزم الأحزاب الستة المشكلة لها… إلا في اختيار واحد مفضوح على النقيض تماما من العشوائية المضطربة التي نطق بها سهمهم في غيبة المناصفة الرشيدة!!

هنا القضية التي سقطت على العقلاء في مجال مخصوص على غير قياس معروف: أتساءل بحياد، حين أكونُ مُتَفَهِّما، عن الصفة التي يمكن أن يتَّصف بها شخص دامِعُ العينين وهو يغادر وزارة العدل تحت أنظار الكارهين له الفرحين ضاحكين منه، ألم يكن هاربا بإصلاحه المزعوم وجميع المنافقين له في إثره مطاردين؟. والواقع أنه كان منقبض النفس والعقل، يندب حظا لم يمكّنه من إفساد ما بقي بدون إفساد حقيقي طوال خمس سنوات في ولايته ووزارته وقطاعه.

إنني أتكلم بدون دوران عن الرميد ولا أعني غيره وليشرب البحر. وحوله أقول من خلال نقد الناقدين لِمِلَّتِه: لقد أخطأ العثماني، وأخطأ معه تيار موتور يهدد بالكارثة داخل حزبه، وأخطأ من أوحى له بذلك أيضا… في اختيار مَن لا يستحق، مع الاعتذار، أي اختيار لكي يتولى حقيبة لا يحملها إلا العقلاء حتى ولو كانوا من عملاء نظام استبدادي. أقصد أن إسناد حقيبة حقوق الإنسان إلى السيد الرميد يعتبر سُبّة شديدة الإذاية للحقوق وللإنسان، ولا يخفف من ذلك، من باب السخرية، إلا إذا كان هذا الإسناد مقصودا في حد ذاته للاستهتار بهما، أي بالحقوق وبالإنسان، بدون وازع.

المَطْعُون في الرجل أنه إسلاموي متشنّج يعادي الحريات، وأنه في حقيبة أخرى لم يترك وراءه إلا الفراغ والدموع وَأَنَاهُ الجريحة. ثم إنه مُتَكَّرِّشٌ أباح التعدد لنفسه، مع استحالة العدل، فلم يشذ عن قاعدة خُلَصَائه من القوم الداعين إلى الإسلام الإخواني غير الحنيف.

ولو عرفنا أن هذا المخلوق سيتكلم باسمنا في المحافل الدولية، كما سبق له أن فعل، بدون حياء، في ولاية كبيرهم النفّار، لأدركنا (والجمع مقصود للتعبير عن إجماع في التقدير) مقدار الألم الذي سيصاب به الإنسان في حقوقه المهضومة.

في هذه النقطة بالذات، أعلن عداوتي المجَّانيَّة لهذا الرجل، لأنني لا أستطيع ثنيه عن الذهاب إلى جنيف، وأعلن عداوة أخرى لمن ولاَّه على حقوقنا بدون خوف من أن يقال إن المغرب ليس فيه من المناصفة إلا التعدد، وأعلن عداوة أخيرة على جميع شركائه في التيه والقصد والهدف. وشعوري في هذا أنه لو كان للحقوق طعم لكان طعم حَمَاطَة، أعني بالحُرقة والخشونة التي أجدها في حلقي عندما أذكر اسمه الشخصي والعائلي قائلا له هكذا: اذهبْ حيثما شئت، فـ(الحقوق) لم تصطفيك بعد أن رمّدتَ (العدالةَ) ترميدا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *