وطنيات

البعمري يكتب : البرنامج الحكومي وملف الصحراء

والحكومة تعد برنامجها الحكومي الذي ستعرضه على البرلمان لنيل ثقته، لا بد أن يستحضر ملف الصحراء وما يمكن أن تقدمه الحكومة في هذا الباب.. عندما أقول ما يمكن أن تقدمه أقصد أنه لا يمكن أن تختبئ وراء معقوفتين؛ الأولى تتعلق بخطاب الإجماع حولها، والتذكير بأنها قضية كل المغاربة….والثانية تتعلق بالاقتصار على دعم الملك في ما يقوم به من مجهودات في هذا الباب.. وإذا كان الأمران معا مطلوبين، فإنه لا يمكن الاكتفاء بهما؛ فالملك يقوم بدوره كرئيس للدولة، والحكومة يجب أن تقوم بدورها في هذا الباب، لأنها مسؤولة عن كل الملفات، ولا يعقل بعد دستور فاتح يوليوز أن تستمر في اجترار خطاب كلاسيكي في الموضوع، خاصة أن الملك نفسه طالب بتنويع المبادرات والخطوات في دعم قضية الصحراء، وملف وحدتنا الوطنية، وهي دعوة تعكس وعيا كبيرا بأهمية أن تقوم جل المؤسسات بأدوارها في الموضوع.

لم يعد مقبولا الاكتفاء بخطاب “كلنا مجندون وراء الملك”، فالتجند وراءه يقتضي دعمه بتحمل المسؤولية انطلاقا من موقع رئاسة الحكومة، لا الاختباء وراءه، ووراء ما يقوم به من دبلوماسية اقتصادية و”سياحية”.. على الحكومة أن تخبرنا كيف ستعمل على:

– دفع الدول التي مازالت تعترف بما يسمى الجمهورية الصحراوية إلى سحب اعترافها.

– تعزيز الدبلوماسية الرسمية بالشكل الذي يجعلها مؤهلة للقيام بكامل دورها.

– الانفتاح واختراق الدول التي تعتبر في صف البوليساريو، خاصة الدول الاسكندينافية، وبعض الدول الإفريقية، وعلى رأسها جنوب إفريقيا..

– دمج المجتمع المدني في الدبلوماسية وتمكينه من الوسائل والإمكانيات للترافع الدولي في الملف.

– مواجهة البوليساريو في المؤسسات الدولية التي أصبحت أعينها أكثر تصويبا على المغرب بسبب انفتاحه.

– ملاءمة التشريع الوطني مع الاتفاقيات الدولية، خاصة منها الالتزامات الملقاة على عاتق المغرب بسبب انخراطه في المسلسل الحقوقي بمجلس حقوق الإنسان.

– إعلان كيفية مواجهة مطلب ما يسمى الثورات الطبيعية، لأنها المعركة الحقيقية المقبلة في الملف على الصعيد الدولي.

– القضاء على اقتصاد ومنظومة الريع بالأقاليم الصحراوية.

ملف الصحراء مسؤولية مختلف المؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة التنفيذية الذي لم يعد بعد دستور 2011 وخطابات الملك في الموضوع يحق لها التذرع بكونه ملفا خاصا بالقصر؛ فالملك نفسه حرر المبادرة في هذا الباب وطالب كما نطالب بأن يتحمل الجميع مسؤوليته في الموضوع.

وإلى جانب مختلف القضايا التي تشكل في نظر المواطن طابع الاستعجالية، كالتعليم، والتشغيل، والصحة…فإن قضية الصحراء تعتبر ذات طبيعة استعجالية؛ لأنه ومنذ بروز الملف وافتعاله من طرف الخصوم والمغرب يرهن في نزاع مفتعل يمس ويستهدف وحدته الترابية.

اتخذ هذا الصراع طابعا عسكريا في فترة ما، ليتطورإلى صراع ونزاع دبلوماسي. والحكومة من خلال برنامجها مطالبة بوضع تصور حول كيفية مواجهة الخصوم في أوروبا وأجهزتها، وفي إفريقيا وأجهزتها.. في الأمم المتحدة وأجهزتها، سواء مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو مجلس حقوق الإنسان.

المتأمل لتحركات الخصوم سيكتشف أنهم يتحركون وفق برنامج واضح، أجندته معاكسة المغرب والتشويش عليه، سواء بافتعال دعاوى قضائية أو بافتعال قضايا وملفات ظاهرها حقوقي وباطنها يكشف حجم الأموال التي يغدق بها الخصوم في الداخل والخارج للتشويش على المملكة وإعاقة تقدمها.

برنامج الحكومة إذن، وخاصة هذه السنوات، يجب ألا يكتفي باللغة الكلاسيكية المتداولة، بل عليه أن يطرح للمغاربة ولنواب الأمة تصورهم في هذا الباب. وفي كيفية تحرك الحكومة قد يقال إن الملف حوله إجماع ولا داعي لكل هذه الملاحظة، لكن وجبت الإشارة إلى أن الإجماع حول الملف وحول الموقف منه ومن الوحدة الترابية، لكن في تفاصيله وتفاصيل عمل الدبلوماسية المغربية قد نختلف في كيفية التحرك والتعبئة وفي جدولتها وكيفية الرد على الخصوم، وتأهيل الدبلوماسية الرسمية والشعبية…والإعلام في أولوية التحرك في اتجاه ماذا ومع من؟ خاصة أن أوروبا تعرف تغيرا سياسيا كبيرا مع بروز قوى جديدة في الساحة قد يكون لها تأثيرها في صناعة القرار دوليا.

شخصيا سأعمل على التعقيب إن جازت التسمية على البرنامج الحكومي في نصه المتعلق بملف الصحراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *