خارج الحدود

المرضى الفقراء يقعون في شباك التجارب السريرية في الهند‎

لم يصدق نيرانجان لال باتهاك ما سمعه من طبيب عرض عليه أن يداوي آلامه في القلب مجانا… لكن بعد خمس سنوات، اكتشفت عائلة هذا الحارس البالغ من العمر 72 عاما أن المستشفى كان يستعين به لاختبار دواء جديد ضد اضطرابات القلق.

ففي الهند حيث يتعذر على ملايين السكان دفع تكاليف العلاجات الطبية، يشكل الفقراء فريسة سهلة للمجموعات الصيدلانية الهندية والأجنبية التي ترغب في إجراء تجارب سريرية وتوكل مجموعات أبحاث قليلة الذمة وغير منظمة تنفيذها.

 

وأخبر ألوك باتهاك قريب نيرانجان في اتصال هاتفي بوكالة فرانس برس “قيل لنا إن عمنا سيعالج بعلاج خاص”.

 

وأضاف “كان الطبيب يؤكد لنا أنه ليس علينا دفع فلس واحد مقابل العلاج، لكن الشرط الوحيد كان ألا نشتري الدواء من الصيدلية إذا انقطعنا منه، بل أن نلجأ إليه”.

 

وقد أدخل العجوز اليوم إلى المستشفى، وتقدمت عائلته بشكوى إلى المحكمة العليا، مؤكدة أن الدواء الذي تناوله كان “اتوباكسار” من تصنيع المجموعة الصيدلانية اليابانية “إساي”، وهو يوصف لمكافحة اضطرابات القلق.

 

وبحسب عائلة نيرانجان التي تحظى بدعم من منظمة “سواشتيا أدهيكار مانش” المتخصصة في الحقوق الصحية، لم يكن المريض ليقبل بالخضوع لهذا الاختبار لو علم بشأنه. وقد أدى الدواء إلى تدهور قدراته العقلية واصابته بالخرف.

 

وكشف قريبه والدمعة في عينه “بالكاد يعرفنا اليوم، وقد انتهت حياته ونسفت آمالنا برؤيته سعيدا وفي صحة جيدة”.

 

وقد خاضت عائلة نيرانجان هذا النزاع القضائي، شأنها شأن عشرات العائلات التي تقدمت بشكاوى إلى السلطات القضائية للتنديد بالتجارب السريرية غير الشرعية.

 

ويشكل فقراء كثيرون في الهند فئران تجارب لاختبارات الأدوية التي تقوم بها، من دون علمهم، شركات هندية أو متعددة الجنسيات وتوكلها إلى مؤسسات بحثية غير منظمة، على ما كشفت المنظمات غير الحكومية.

 

وأكدت رئيسة الجمعية الهندية للأبحاث السريرية في تصريحات لوكالة فرانس برس أن “التجارب السريرية في الهند تمتثل، كما هي الحال في أنحاء العالم أجمع، للمعايير عينها التي تحدد كيفية إجرائها وتحرص على ضمان سلامة المرضى”.

 

ويعتبر إجراء التجارب السريرية خطوة إلزامية ومكلفة جدا بالنسبة إلى المجموعات الصيدلانية التي ينبغي عليها أن تثبت للهيئات الناظمة أن عقاقيرها قابلة للتسويق ولا تؤدي إلى أعراض جانبية خطيرة.

 

وقد أكد اتحاد المجموعات الصيدلانية في الهند أن هذه الأخيرة تقتصد 60% من التكاليف المرتبطة بالتجارب عندما تجري اختباراتها في الهند. وقد شهدت سوق الأبحاث الطبية في هذا البلد الناشئ ارتفاعا بنسبة 12,1% خلال الفترة 2010 – 2011، وسجلت رقم أعمال قدره 485 مليون دولار (376 مليون يورو)، بحسب تقرير صادر عن مجموعة الأبحاث “فروست أند سوليفن”.

 

ووفق التوقعات المقدمة في هذا التقرير الصادر في تموز/يوليو الماضي، من المرتقب أن يبلغ رقم أعمال هذا القطاع المليار دولار بحلول العام 2016.

 

وكشف أموليا نيدهي المتخصص في الحقوق الصحية أن المجموعات الصيدلانية تستفيد من نقص النظم الصارمة.

 

وذكر بأن “القوانين متشددة جدا في الولايات المتحدة وأوروبا. أما الهند فهي أقل تشددا في ما يخص التجارب السريرية”.

 

وبموجب القانون، ينبغي ان يحصل كل مريض يخضع لتجارب سريرية على نسخة من الملف الخاص بالدواء قيد الاختبار وأخرى من تصريح إقامة هذه التجارب.

 

لكن، في أحيان كثيرة، لا يذكر على الادوية أن هذه الأخيرة لا تزال قيد التجربة، ويستخدم الفقراء كحقل تجارب، على حد قول أموليا نيدهي.

 

وفي ظل الانتقادات المتزايدة، تقوم الحكومة بتعديل قانون قديم بشأن الأدوية لتشدد الالتزامات المفروضة على المجموعات وتنشئ لجان أخلاقيات تتولى الإشراف على التجارب. ولم تحدد بعد أي مهلة زمنية لدخول القانون حيز التنفيذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *