متابعات

رأي: المستور في تنصيب ولاة وعمال الصحراء

شكل حدث تنصيب ولاة وعمال الأقاليم الصحراوية يوم 26 يناير 2014، حدثا مهما نظرا لأهميته من حيث المخاض العسير التي تعيشه المناطق الصحراوية التي ترتبط برهانات المحيط الإقليمي والدولي. والى حدود الساعة لا يعرف الشعب المغربي ما يطبخه ذوي القرار للشعب، خاصة وأن الحكومة لم تعد تملك أي سلطة وقرارت، وأصبحت تائهة؛ لا هي حققت شيء ولا هي قادرة على الصمود أمام الإخفاقات المتتالية. ولعل غياب حضورها في ملف الصحراء، وفي التعيينات الحالية لدليل على ذلك.

ولكي نقرب المغاربة مما يحدث سنقوم في هذه المقالة بدراسة ظاهرة تنصيب الولاة وعمال الأقاليم الصحراوية من خلال قراءة متواضعة في تنصيب الولاة والعمال مؤخرا، الهدف منها التنبؤ للرهانات الممكنة في الصحراء، وعليه نبدي بالملاحظات التالية:

1- تعيين الولاة جاء أيام معدودة بعد تعرض وزير في الحكومة المغربية نبيل بنعبد الله لضربة من حجرة قيل أنها طائشة. هذا التعنيف لمسوؤل من الدولة تناقلته وسائل الإعلام الوطنية والدولية، وهو ما جعل الملك محمد السادس يطمئن على الوزير ويحث الحكومة على التعامل مع مثل هذه المواقف بحزم، رغم أن بن كيران هو الآخر وكرئيس الحكومة تعرض لمضايقات من طرف معطلين من الرباط، وهو ما جعله خاضعا اليوم لمراقبة لصيقة من حراسه الخواص، كما تعرض وزيره في الصحة بتعنيف مماثل في وسط البرلمان، وهو الآخر تحت الحراسة الأمنية في تنقلاته.

أما في الصحراء فلم يكن وزير الإسكان نبيل بن عبد الله الوحيد الذي تعرض لضربة بحجرة “طائشة”، فقد سبق وأن تعرض لنفس الأمر عبد الرحيم بوعبيد زعيم الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية بمدينة كلميم 1963، وأيضا المكي الناصري عامل إقليم أكادير آنذاك، في قيادة “آيت بعمران” بمركز مستي نواحي إقليم سيدي افني. ومازال المناضل المحسوب على القوات الشعبية والذي أصبح اليوم عون سلطة يتذكر كيف أنه صوب حجارة ” الزيو” إتجاه وجه المكي الناصري الذي كان يدافع آنذاك عن حزب الجبهة، لكن تبقى كارثة رمي بالأحجار خاصية مرتبطة في الصحراء في كل مناسبة إنتخابية.

ويبقى الهجوم على منزل عضو المكتب السياسي للحزب الإتحاد الاشتراكي عبد الوهاب بالفقيه بكلميم، من أخطر الأحداث التي عرفتها الصحراء. في 24 فبراير 2011، حيث تدخلت قبيلته لتحصين منزله بوابل من أحجار جبل تيرت المسماة “أبنكيك” أو “الكرت” وهي أكبر من “الزيو” التي هي حجرة عادية يرميها الأطفال ويتلاعبون بها لإيجاد التصويب، وغالبا ما تحدث جرح خفيفا، كالتي حصلت للوزير على جبهته في إقليم أسا ظنا منه أنها رصاصة.

2- تنصيب الولاة وعمال الأقاليم الصحراوية يوم الأحد 26 يناير 2014، تميز بظاهرة أخرى لا تختلف عما وقع للوزير بنعبدالله بإقليم أسا، وهو تشويه سمعة والي جهة العيون الخليل الدخيل، عندما قام أفراد داخل القاعة التي حضر فيها وزير الداخلية بوقفة احتجاجية أفسدت على المسوؤلين حفاوة التنصيب، إلى درجة أن البعض من هؤلاء الأفراد وبصوت مسموع نعتوا الوالي الدخيل بالمفسد “والشفار”، كما نشرته المواقع الالكترونية في الأقاليم الصحراوية.

التساؤل المطروح على غرار ما تم طرحه بالنسبة للوزير بنعبد الله عندما زار إقليم أسا، هو من كان وراء هذا اللغو؟ ومن له الجراءة لتشويه سمعة الوزير الخليل الدخيل، وهو بالمناسبة من قبيلة الركيبات، ولأن من عُرف أولاد العم “أهل الرشيد” في الثقافة الصحراوية الالتزام بنظرية الإنقسام لدوركايم والثابت فيها “أنا وأخي على إبن عمي وأنا وابن عمي على الغريب”، ولو تعلق الأمر حتى بالفساد وتضارب المصالح، وهو ما يعني أن هناك قبيلة أخرى أحست بالضرر ربما تكون منافسة.

وحسب ما قيل فإن أفرادها الغاضبين على الوالي الخليل الدخيل من قبيلة إزركين، هو ما أفضى إلى هذا العنف اللفظي مادام أن قبيلة أمينتو حيدرا ومعها أطر أبناء قبيلتها في دهاليز وزارة الداخلية لاترضى ليس بخليل الدخيل كوالي وابن قبيلة الركيبات بل بحاسباتها في عاصمة الصحراء العيون، وقد تكون تقارير أهل الركيبات لإبعاد القبيلة التي تنتمي إليها “غاندي الصحراء” هو ما جعل آباء قبيلة ازركين ينتفضون ضده، خاصة وأن الدخيل نسب يوما إلى أهل تكنة أنهم مشاغبون ولهم دور كبير في خلق البلبلة وانفصاليين قبل أن يتراجع عن ذالك، وهو سر تواجد والي جديد وهو من العائدين من تندوف من قبيلة آيت الحسن …، وهو بالمناسبة ابن عم عامل إقليم تزنيت المتقاعد بوشعايب سويلم الذي تعرض هو الآخر سنة 2006 برمي بالحجارة بسيدي افني على موكبه نجا منها بأعجوبة، وهو ما تسبب في أحداث السبت الأسود في سيدي إفني بعد ذلك سنة 2007.

3- تنصيب الولاة في الصحراء تم في منطقة ودنون أو مجال قبائل تكنة وآيت بعمران تحت إشراف وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، وهو بالمناسبة قيادي داخل التجمع الوطني للأحرار، حزبه تمثله قبيلة آيت الحسن بالصحراء، التي تشرفت بتمثيل ابنتها مباركة بوعيدة في وزارة الخارجية في النسخة الثانية من حكومة بن كيران 2013.

كما أن القبيلة نفسها التي كان يقودها رجل الأعمال عمر بوعيدة رئيس جهة كلميم لمدة ثلاث دورات ابتداء من 1997 مهنته مهندس ورئيس مجموعة من الشركات بعضها متخصص في المحروقات غادر كلميم في إتجاه بريطانيا قيل بسبب معاناته مع مرض السكري، وتم تعويضه برئيس الجهة الحالي الحبيب أنزوم حيث إستقطبه عضو حزب الاتحاد الإشتراكي عبد الوهاب بالفقيه بعد فشله في انتخابات المستشارين وهو على رأس لائحة التجمع الوطني للأحرار، وتم تنصيبه على رأس جهة كلميم السمارة في 17 شتنبر 2012، تحت إشراف الوالي عبد الفتاح البجيوي.

والسبب ربما يرجع الى أصول زوجته التي لها علاقة قرابة مع عضو المكتب السياسي لحزب الوردة الملياردير حسن الدرهم، الذي روج عنه في المواقع الإلكترونية تسجيلا لصوته وهو في حالة من الغضب لا يطاق يتهم فيها الفرنسيين بسرقة 40 مليار سنتيم.

ومن جهة فخروج الحبيب أنزوم رئيس جهة كلميم السمارة حاليا إلى الساحة السياسية بإسم قبيلة آيت الحسن، جاء بعد صراع ثلاثي بين أبناء قبيلته ومنهم الدكتور بوعيدة عبد الرحيم الذي يلقي دروس في القانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش، والذي ترشح للإنتخابات البرلمانية الأخيرة بإسم حزب “الكتاب”، أي التقدم والإشتراكية أكتوبر 2011. وقيل أن الحبيب أنزوم رئيس جهة كلميم حاليا ذو رصيد مالي قادم من أمستردام عاصمة هولندا، إشترى منه مساحة كبيرة من الأراضي لتوفير دعم لحملته الإنتخابية، والتي خسر فيها بالنقط كما خسرت قبيلته بعد نجاح ولد عمو مبارك بوعيدة. وهو ما جعله يشمئز من أولئك الذين وعدوه من مراكش بالحصول على مرتبة متقدمة في البرلمان ووهموه بلعبة ثمتيل النخبة الصحراوية بكلميم، حيث كتب أكثر من 20 مقالا عن الصحراء في جريدة الأسبوع الصحفي، التي يديرها عاصر الملوك الثلاتة مصطفى العلوي.

في حين أن الوالي عبد الفتاح البيجوي الذي كان يشرف على إدارة كلميم، كان خير ناصر لعضو المكتب السياسي للحزب الإتحاد الاشتراكي ابن قبيلة آيت عبلا من آيت بعمران، الذي نصب بأمواله الأستاذ لشكر المحامي ابن فرقة تينزرت أمينا عاما للحزب خلافا لليازغي، وبالمناسبة فلشكر من قبيلة آيت براهيم، على مقربة من فرقة “إدا وشقرا “، بلدة العلبة السوداء عبد الله باها وزير بدون حقيبة وحامي سورها المستشار الملكي أندري أزولاي، الوالي عبد الفتاح البجيوي، هذا كان من المحسوبين على منظمة العمل الديمقراطي اليسارية، التي كان يرأسها الودغيري وتم دمجه بإسم الإتحاد الإشتراكي أثناء حكومة التبادل 1992، وهو بالمناسبة صهر الملياردير الإماراتي مانع العتيبة، الذي اشترى ممتلكات الملياردير ولد المدني من فرقة “إدالخنوس” من قبيلة أزوافيض، والتي ينتمي إليها أنصار نبيل بن عبد الله وزير الإسكان الذي تعرض لقنص من حجرة “طائشة” بإقليم أسا.

4- حضور أخنوش وزير الفلاحة بإقليم كلميم لتنصيب والي الجهة الحضرمي، جاء أيام فقط بتنازل رئيس الحكومة بن كيران لوزير الداخلية مناقشة قانون الجهوية الموسعة. ونحن نعلم أن آخر مرة وصل فيها عزيز أخنوش إلى إقليم اكلميم كانت سنة 2006 بعد زيارة الملك محمد السادس للإقليم، كان خير هدية قدمه إياه عبارة عن جياد أو الفرس القادم من آيت بعمران، حضي خلالها محمد الوحداني رئيس مجلس البلدي لسيدي افني الحالي، بإستقبال من طرف الملك محمد السادس بعد وساطة من عزيز أخنوش، رغم أن مراسل “المساء” قال أنه اخترق البرتوكول وتمكن من الوصول إلى الملك والتحدث إليه.

وهو مايعني ومن خلال دراستنا العلمية لهذا الإجراء وعلاقته بمنطقة نفوذ أحد أعمدة الإقتصاد المغربي الذين أستقطبهم الراحل الملك الحسن الثاني من فرنسا في إطار ماعرف ب” géant 14 les” فإن تنصيب وزير الفلاحة أخنوش للوالي الحضرمي “مؤسس جبهةالبوليساريو”، يبرر الرهان الجهوي الممكن مادام أن القائم منذ سنة 1969 حسب التدبير المركزي للمخزن، وحسب تصور الفرنسيين هو جهة أكادير طرفاية. أي بعبارة أوضح يمكن أن تكون بوادر الجهوية الموسعة تراعي وجود عزيز أخنوش بانتمائه الحزبي مادام أن قبيلة آيت الحسن تمثل أعيان الحزب في الصحراء، كما أن من القبيلة أيضا توجد غالبية المعتقلين الإنفصاليين.

5- إقليم أسا، التي عين فيها الكاتب العام لعمالة وإقليم الداخلة، لم تحضى إطلاقا بنصيبها من العمال والولاة، رغم أن لها إمتداد في الجهاز الأمني المغربي بشتى تلاوينه “بوليس، مخازنية، جيش ..، وفي هذه التعيينات حضرت رهانات المعتقلين السياسيين في السجون المغربية بعد تنصيب مدير السجون المغربية من أبناء الصحراء صالح التامك والي وزارة الداخلية منذ 2010، وصهر قواد أهل دحمان بكلميم، وينتمي إلى نفس قبيلة الحقوقي علي سالم التامك بأسا، هذا الأخير فضل التحرك باسم ساكنة العيون مؤخرا باعتبارها منطقة النزاع حتى تبقى “الكوديسا” ناطقا باسم حقوق الإنسان بالصحراء تساندها في ذالك جمعية “كينيدي” حفيدة الرئيس الأمريكي السابق جورج كينيدي، والتي ورطت المغرب بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل ثقافة حقوق الإنسان”.

وفي مقالنا القادم سنحاول تسليط الضوء عن تنصيب عامل الإقليم بسيدي افني يوم الأربعاء القادم. حتى يتأكد أن تعيين الولاة والعمال يرتبط بإستراتيجية الحسابات السياسوية مادام أن السياسي يحضر أثناء الإشراف على التنصيب، وما حضور عزيز أخنوش المحسوب على التجمع الوطني للأحرار إلا التأكيد على إبقاء وزارة الخارجية بيد التجمع الوطني للأحرار، وإعادة الإعتبار لقبيلة آيت الحسن في الأقاليم الصحراوية، ولو بخلق التوازن المستحيل بوالي جديد في العيون محسوب على نفس القبيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *