آراء

هل أخفق الإعلام الرسمي في التواصل بعد فاجعة منى؟

هل من حظ المغاربة أن يتركوا لحال سبيلهم في محنهم كل ما اشتد غضبهم وسخطهم وأغلقت الأبواب في وجههم كل ما ألم بهم مكروه أو فاجعة؟ هل من حظ المغاربة أن يتولى تدبير شؤونهم من لا يعي حاجتهم لمعرفة الحقيقة في حينها وحقهم في المعلومة والمعلومة الدقيقة في الوقت المناسب دون تأخير؟

ألم يتعلم مسؤولونا الدروس مما سبق من الكوارث والفواجع ليستمر التعتيم وغياب وضعف التواصل مع المواطنين في وقته بعد فاجعة منى لموسم الحج لهذه السنة؟

بعيدا عن تأثرنا لما لحق بحجاج بيت الله الحرام وما لحقهم وذويهم من حزن وأسى وبعيدا عن رأينا في طريقة تدبير السلطات السعودية وبقية البلدان الإسلامية لعملية الحج من تمييز وسوء معاملة وعدم احترام كرامة الحجاج، أثبتت فاجعة منى لهذه السنة عن وجه آخر لطريقة تدبير سلطاتنا للأزمات والكوارث.

فقد أظهرت فاجعة منى مرة أخرى غياب أسس التدبير الجيد للأزمات وغياب التنسيق الفعال بين مختلف المتدخلين في حل الأزمات وتتبعها والتواصل بشأنها. إنها إشكالية التواصل والتنسيق التي تغيب عن المتدخلين في شؤون البلاد العليا والحج مثال من بين أمثلة كثيرة يغلب عليها طابع الإرتجالية في التعاطي معها.

من قدر المغاربة أن تصمت السلطات وتغيب المعطيات الرسمية بعد كل حادثة وفاجعة، ومن قدرهم أيضا أن يتولى العالم الإفتراضي ومواقع التواصل الإجتماعي مهمة التواصل مع المواطنين في غياب كل ما هو رسمي حتى وإن كان ما يتداوله روادوه غير دقيق وغير صحيح، ومن قدرهم أيضا أن ينتظروا مسؤولينا كثيرا حتى يجودوا عليهم بفتات من أخبار لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تشفي غليلهم ويضطرهم ذلك للبحث في أماكن أخرى بعيدا عن القنوات الرسمية وهو ما لاحظناه أثناء وبعد حادثة منى.

تحولت مواقع التواصل الإجتماعي لساحة تتكاثف فيها الجهود وتكلف روادوها بالمساعدة في البحث عن المفقودين والموتى والجرحى من حجاجنا عبر نشر صور الضحايا والمفقودين ليتعرف عليها أهاليهم ويساعدوهم على الوصول للحقيقة مادامت الحقيقة مغيبة ولم تكلف سلطاتنا نفسها عناء التواصل معهم بالشكل المطلوب كما ينتظره المغاربة.

تمكن رواد شبكات التواصل الإجتماعي عبر تعبئة شاملة من إحراج السلطات الرسمية ونقلت تفاصيل الحادثة لحظة بلحظة وخصوصا تلك التفاصيل التي فضلت الآلة الإعلامية الرسمية لكل البلدان عدم ذكرها وهي أمور وضعت سلطات المملكة العربية السعودية في دائرة الإتهام بعدما شاهد العالم كله الطريقة التي تعاملت بها مع الحجاج قبل وأثناء وبعد الحادثة مما أثار سخط وغضب عدد كبير من المتتبعين.

ومما زاد من سخط المواطنين صمت السلطات المغربية وتأخرها في التواصل معهم بخصوص أحوال أقربائهم وأهاليهم بعد فقدان التواصل معهم حيث تأخرت الآلة الإعلامية الرسمية في التواصل بشأن أحوال الحجاج ولم تتعامل بالقدر الذي كان ينتظره منها المواطنون.

وهنا قد يكون عذا البطء مبررا لدواعي الحذر والتريث في إخبار المواطنين خصوصا وأن الفاجعة خلفت صدمة كبيرة لدى المتتبعين وكان من الصعب التعرف على هويات الحجاج الذين أصيبوا في الحادثة فمات من مات وفقد من فقد وهو ما استدعى عدم التسرع في إعطاء أية معلومة إلى حين التأكد منها.

المغاربة في كل الحوادث التي ألمت بهم كانوا دائما ينتظرون المعلومة الصحيحة من مصدرها الرسمي ليرتاح بالهم، إلا أن ما يلاحظ هو تقاعس السلطات الرسمية وطابع الهواية الذي تتميز به في تعاطيها مع المواطنين وانتهاجها لسياسة الصمت وعدم التسرع وترك الساحة للإشاعات ولأشخاص لا يكترثون لآلام وأحزان المغاربة كلما لحقهم مكروه أوتعرضوا لفاجعة وما وقع في منى هذه السنة إلا دليل آخر على هذا الإخفاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *