المغرب الكبير

تونس تستحضر أزيد من ستين سنة من ماضي انتهكات حقوق الإنسان

تشرع “هيئة الحقيقة والكرامة” ، الموكول لها تدبير العدالة الانتقالية في تونس، ابتداء من اليوم الخميس في تنظيم أولى جلسات الاستماع العلنية لضحايا ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، باعتبارها محطة “هامة على درب ترسيخ المسار الانتقالي” في البلاد.

وتهدف هذه العدالة الانتقالية إلى كشف حقيقة انتهاكات حقوق الانسان خلال الفترة الممتدة من الأول من يوليوز 1955 (أي بعد نحو شهر على حصول تونسعلى الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي) الى 31 ديسمبر 2013 (..) ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وجبر ضرر الضحايا ورد الاعتبار لهم.

وتروم هذه الجلسات ، التي سيتم نقل أولاها مباشرة على القنوات التلفزية الوطنية، وفق رئيسة “هيئة الحقيقة والكرامة” سهام بن سدرين ، ” إيصال المعلومة إلى الرأي العام وتوثيق الحقيقة، قصد إنصاف الضحية ومحاسبة المنظومة، لا محاسبة الجلادين والانتقام منهم”.

وأوضحت “هيئة الحقيقة والكرامة” أنه من المنتظر أن تعطى الكلمة خلال كل جلسة من هذه الجلسات ، التي ستتواصل إلى غاية 2017 ، لأربعة أو خمسة ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان على أن تدوم كل شهادة بين 30 و40 دقيقة، دون أن تحدد جدولة بباقي الجلسات المقبلة.

ومن أجل إضفاء رمزية على عملها، اختارت هيئة الحقيقة والكرامة” أن تعقد أولى جلسات الاستماع يومي الخميس والجمعة في أحد النوادي الشهيرة بضواحي العاصمة ، الذي كانت ترتاده عائلة الرئيس الأسبق .

وتلقت هيئة “الحقيقة والكرامة” أكثر من 65 ألف ملف، يهم ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، يتعلق 603 منها بالقتل العمد، و61 بالإعدام دون توفير شروط المحاكمة العادلة، و194 بالاختفاء القسري، و10 آلاف بالتعذيب، و846 بالهجرة الاضطرارية..الخ..

كما يهم ماضي انتهاكات حقوق الانسان أزيد من 411 حالة تتعلق بالفساد المالي والاعتداء على المال العام، وأزيد من 11 ألف و200 حالة تخص حرية التعبير والإعلام والنشر، إضافة إلى 355 حالة تهم الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي.

ويحدد قانون تنظيمي فترة عمل هيئة “الحقيقة والكرامة” ، التي تأسست في يونيو 2014 وتضم مبدئيا 15 عضو، في أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.

ومنذ تأسيسها كانت الهيئة محور انتقادات كثيرة ، همت طريقة انتخابها وتركيبتها ، وعدم حياد رئيستها سهام بن سدرين، إحدى أشهر المعارضات لنظام الرئيس الأسبق بن علي ، خاصة بعد تصريحات رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي تحدث فيها عن عدالة انتقامية ورغبة في مراجعة المسار بأكمله.

ولم يسلم عمل ، هيئة الحقيقة والكرامة، التي أنيطت بها مهام حفظ الذاكرة والمصالحة الوطنية، من التجاذبات الإيديولوجية والحسابات السياسية ، التي أصبحت تهيمن على الحياة اليومية للتونسيين منذ سقوط نظام بن علي في يناير 2011.

 ويجمع عدد من المهتمين بمسألة العدالة الانتقالية في تونس على أن هذه الجلسات ستمثل ” لحظة فارقة” في تاريخ البلاد ، وخطوة نحو استكمال مسار العدالة الانتقالية ، المفترض من خلالها أن يتم أولا كشف الحقيقة ثم المحاسبة والمصالحة ومن ثمة جبر الضرر وإصلاح المؤسسات وأخيرا حفظ الذاكرة وإعادة كتابة التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *