متابعات

ما هي الحدود القانونية لاستعمال الأمن للسلاح الوظيفي؟

اهتزت مدينة سلا، بداية الأسبوع الجاري، على وقع جريمة قتل ارتكبها شاب في حق جدته، وأثناء محاولة توقيف الشاب عمد أحد عناصر الأمن إلى إطلاق رصاصة تحذيرية.

هذه الواقعة أعادت إلى الأذهان العديد من الحوادث التي لجأ خلالها عناصر الأمن إلى استعمال السلاح لتوقيف الجانحين، والتي تكررت معها تساؤلات عديدة حول حدود استعمال السلاح الوظيفي، تساؤلات تقابلها آراء مختلفة بين من يؤيد استعمال السلاح من منطلق “حماية المواطنين والتصدي للجريمة” ومن يرفضه من بداعي “الخشية من انتهاك الشروط التي تضبط الحالات المسموح فيها باللجوء إليه”.

ضوابط قانونية

وقال المحامي بهيئة الدار البيضاء، محمد الشمسي، إن “القانون لم يبح الاستعمال العشوائي والمزاجي للسلاح، بل سيّجه بكثير من الشروط التي في حال ثبوتها يخلى سبيل رجل الأمن، وفي حال عدم ثبوتها يتابع بتهمة القتل غير العمد”.

وأوضح المتحدث ذاته، بخصوص الحدود القانونية لاستعمال السلاح الوظيفي من طرف الموظف التابع للدرك الملكي أو الأمن الوطني، أنها “مرتبطة بشرط مرن وفضفاض لم يحسم المشرّع بخصوصه وهو: وجود حالة دفاع شرعي” مشيرا إلى أنه يبقى على عنصر الأمن، الذي استخدم السلاح، أن يثبت أنه “استعمل السلاح لضرورة قصوى ولولا ذلك لوقعت جريمة أشد”.

وفي حال الاضطرار لاستعمال السلاح الناري، هناك ضوابط أخرى، إذ “يجب ألا يوجه السلاح إلى عضو قد تؤدي إصابته إلى القتل كالقفص الصدري والرأس” يقول الشمسي الذي أشار أيضا إلى أنه في بعض الأحيان يكون توجيه السلاح عشوائيا “نتيجة لحمل المشتبه فيه سلاحا، ولعدم توفر مسافة تفصله عن عنصر الأمن بشكل يتيح لهذا الأخير الاختيار”.

وفي حالة وفاة المشتبه فيه نتيجة إصابته بطلق ناري من سلاح وظيفي، “يتم اعتقال رجل الأمن ويبقى رهن التحقيق إلى حين تأكد المحكمة أن استعماله للسلاح الوظيفي كان استعمالا بموجب قانوني” يوضح المتحدث.

عوامل نفسية

ورغم وجود تعليمات صارمة تضبط استعمال السلاح، إلا أن الملاحظ، حسب رئيس “المركز المغربي لحقوق الإنسان”، عبد الإله الخضري، أن عددا من رجال الأمن “لا يمتثلون إليها، إذ من جهة تبدو بعض الحالات التي استعمل فيها السلاح أنها لا تستدعي ذلك، ومن جهة ثانية يتم استهداف مناطق خطيرة”.

وشدد الخضري، على ضرورة استحضار الجانب النفسي لرجل الأمن والمشتبه فيه في لحظة تواجههما، مبرزا في هذا السياق أنه “قد يحدث أن رجل الأمن يستشعر الخطر بنسبة كبيرة يختار معه استعمال السلاح وإن كان الأمر لا يتطلب ذلك”.

وفي سياق حديثه عن الجانب النفسي لعناصر الأمن يستحضر الخضري أيضا الظروف والأجواء التي يشتغل فيها هؤلاء، مبرزا أن تلك الأجواء “قد تؤدي أحيانا إلى اكتساب عنصر الأمن شخصية عدوانية قد تدفعه، دون احتساب العواقب، إلى استعمال السلاح دون أن يكون في حاجة له”.

من ثمة أكد الخضري على ضرورة المواكبة النفسية لرجال الأمن مع “تعزيز بعض النقط السوداء بعناصر أمن إضافية”، إذ يوضح في هذا السياق أن عنصر الأمن قد يلجأ أحيانا إلى استعمال السلاح حين يجد نفسه “أعزلا وضعيفا في مواجهة شخص أو أكثر ممن يشكلون خطرا”.

ضرورة أمنية

الخبير الأمني والعميد الممتاز المتقاعد، محمد أكضيض، من جانبه، أوضح أن “الأمن يحارب ظاهرة الإجرام” مشيرا إلى أن عناصر الأمن، وللقيام بوظيفتهم، “تُوفر لهم عددا من اللوازم، التي يحدد القانون شروط استعمالها، وعلى رأسها السلاح الناري”.

وشدد المتحدث، على أن “هدف الأمن هو حماية المواطن وليس قتل المواطن” مبرزا أن استعمال السلاح يكون في حالات الضرورة القصوى، مضيفا في السياق نفسه أن “الأمن حين يتدخل يجد نفسه أحيانا أمام مواقف حرجة تجعله في حالة دفاع شرعي قد تستدعي إطلاق رصاصات إنذارية أو في بعض الأحيان إصابة المشتبه فيه، حين لا يترك له الأخير الوقت والمجال للدفاع الشرعي المنصوص عليه قانونا”.

“ليس من السهل ضبط مجرم، المجرم يقاوم أثناء محاولة إلقاء القبض عليه” يقول أكضيض في تفسيره لجوء عناصر الأمن أحيانا إلى استعمال السلاح.

وفي حالة إطلاق الرصاص، يؤكد أكضيض أن الأمر “لا يمر دون إجراء بحث صارم من طرف مديرية الأمن، إلى جانب النيابة العامة التي تقوم بدورها لكشف ملابسات إطلاق الرصاص”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *