مجتمع

حالات تعدد الزوجات بالمغرب ناذرة.. والقوانين صارمة

14 عاما تقريبا مرت على بدء العمل بمدونة الأسرة في المغرب، المدونة التي اعتبرها كثير من المتتبعين بمثابة “ثورة” في مجال الأحوال الشخصية، لما تضمنته من نصوص بما فيها النص الذي يؤطر التعدد الزوجي ويضبطه بشروط.

ومع أن نسبة زواج التعدد تعتبر ضئيلة جدا ولا تصل إلى حجم يمكن معه وصفها بـ”الظاهرة”، إلا أن تلك النسبة تطرح عددا من الإشكاليات بسبب أن كثيرا منها لا يستجيب بالضرورة إلى الشروط القانونية المؤطرة للتعدد.

حالات قليلة

نسبة ضئيلة جدا يمثلها زواج التعدد من مجموع الزيجات التي تتم في المغرب سنويا، إذ لم تتجاوز نسبة رسوم زواج التعدد في أقصى الحالات 0.34 في المئة، وذلك حسب ما تتضمنه دراسة رسمية تشمل الفترة بين 2004 و2013.

وحسب إحصائيات رسمية لوزارة العدل تضمنتها دراسة تحليلية إحصائية بمناسبة عشر سنوات من تطبيق مدونة الأسرة، صادرة في عام 2014، فإن “رسوم الزواج المتعلقة بالتعدد تعرف نوعا من الاستقرار منذ سنة 2004” وتسجل الإحصائيات أيضا ارتفاعا في نسبة رفض طلبات الإذن بالتعدد، ويمكن الإشارة هنا على سبيل المثال، إلى أن عدد طلبات الإذن بالتعدد المقدمة خلال عام 2013 وصل إلى 5811 طلبا، تم قبول 1822 طلبا منها في مقابل رفض 2105 طلبات.

ويلفت المصدر نفسه إلى أن “الأذون الممنوحة من قبل المحاكم لا يعني بالضرورة أنها تساوي عدد رسوم زواج التعدد” مع العلم أن “كثيرا من هذه الأذون لا يتم استعمالها من طرف طالبيها لسبب أو لآخر”، مشيرا إلى أن رسوم زواج التعدد “لم تتجاوز خلال فترة تطبيق المدونة عتبة 0.34 في المئة من العدد الإجمالي لرسوم الزواج”.

تحايل على القانون

المحامي في هيئة الرباط، خالد الإدريسي، يوضح أن مدونة الأسرة حاولت تقنين التعدد ووضعت عدة شروط له، فلم يبق الأمر مفتوحا كما كان قبلا في إطار مدونة الأحوال الشخصية.

وحسب الإدريسي، فإن المدونة “وضعت شرطين أساسيين لقبول التعدد، الأول هو أن تتوفر للراغب في التعدد القدرة المالية لإعالة أسرتين أو أكثر والثاني أن يكون هناك مبرر موضوعي يخول له طلب الإذن بالتعدد”، ويتابع الإدريسي موضحا، أنه بغض النظر عن الشروط الموضوعية هناك أيضا شروط مسطرية تتمثل في “ضرورة تبليغ الزوجة الأولى وأن تعبر عن موافقتها”.

وفي حال عدم موافقة الزوجة الأولى ورفضها لزواج زوجها وفي حال تشبث هذا الأخير بطلبه يمكن للمحكمة أن تفتح تلقائيا مسطرة التطليق للشقاق، وهو النص الذي يوضح المتحدث أنه “كان مثار جدل كبير”، مشيرا إلى أن المحكمة حاليا تلجأ في حال رفض الزوجة إلى “رفض الطلب”.

وحسب الإدريسي فإنه وعلى الرغم مما جاءت به المدونة إلا أن نسبة التعدد بقيت تقريبا على حالها، مبرزا في هذا السياق أن هذا الموضوع “تتحكم فيه عوامل عديدة لا تقتصر على العامل القانوني”، مشددا هنا على دور العامل الديني بهذا الخصوص، إذ “يلجأ كثير من الراغبين في التعدد إلى تبريره بإباحته من طرف الشرع”.

أيضا يسلط الإدريسي الضوء على ما يمكن اعتباره “تحايلا” لتجاوز الشروط التي وضعها المشرع، إذ “يلجأ البعض إلى الفصل 16 المتعلق بثبوت الزوجية، ويوضح بهذا الخصوص أن عددا من الأزواج يقولون إنهم كانوا متزوجين بالفعل ويطلبون إثبات الزواج وهنا لا تجد المحكمة بدا غير القبول والحكم وفق الطلب” خصوصا في حال كان هناك أطفال، إذ ترجح مصلحتهم على أية مصلحة أخرى، وهكذا يستفيد الزوج من التعدد دون أن يضطر للجوء إلى مسطرة الإذن به.

منع غير مباشر

من جانبها ترى، الناشطة الحقوقية، لطيفة البوحسيني، أن القانون ضيق بشكل كبير على التعدد، مبرزة أن “القانون لم يمنع التعدد بشكل صريح ولكن يمكن القول إنه منعه بطريقة غير مباشرة”.

وتتابع البوحسيني موضحة، أن التعدد “لم تعد له أهمية في المغرب ولم يعد تلك الظاهرة التي تطرح إشكالا أو تثير القلق”، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بـ”حالات نادرة جدا”.

وإلى جانب القانون، ترى المتحدثة أن المجتمع المغربي “عرف تحولات كثيرة على مستوى العقليات والقيم مما انعكس على العلاقات وطريقة الزواج بشكل جعل من التعدد اليوم يمثل استثناء لحالات شاذة”.
وبخصوص لجوء البعض إلى التلاعب لتجاوز الشروط المقيدة للتعدد، تقول البوحسيني إن الإشكال في هذه الحالة مرتبط بالقضاء، قبل أن تردف مؤكدة مرة أخرى على كون القانون “ضيّق على التعدد بشكل كبير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *