مجتمع

هل تتجسس الدولة على فيسبوك المغاربة؟

عرف المغرب، منذ خروج الدستور الجديد سنة 2011 إلى الوجود، تطورا في ميدان حماية الخصوصية الفردية، وذلك لإشارته إلى ضمان “سرية الاتصالات الشخصية كيفما كان شكلها”.

لكن في شهر أبريل 2015 أصدرت منظمة الخصوصية الدولية، تقريرا خاصا بالمغرب عنوانه “تحت أعين السلطة”، تقول فيه إن نشطاء وصحافيين مغاربة تعرضوا لمراقبة حساباتهم على فيسبوك ولبريدهم الإلكتروني واتصالاتهم الهاتفية من طرف الدولة.

ما زال النقاش مفتوحا منذ ذلك الحين والسؤال قائما: هل تتجسس الدولة على فيسبوك المغاربة؟

باب خلفي

يمكن لبرامج التجسس بصفة عامة نسخ أو قرصنة كل المحتوى الذي يوجد داخل الحاسوب المخترق، وكذلك تسجيل سلوك المستعمل وكل ما يدور داخله. وهناك برامج متطورة يمكنها تشغيل كاميرا ومايكروفون الحاسوب، ويعني ذلك ضمنيا اختراق فيسبوك المستعمل.

​وفي هذا الصدد، يقول الخبير في مجال أمن المعلوميات عبد الحفيظ أيت الشيخ، أن مبرمجي هذه البرامج يشتغلون على ما يسمى “الباب الخلفي” (Back Door)، وهي تقنية تفتعل تواصلا عكسيا بين المرسل والمستهدف وتسمح له بالتحكم بالحاسوب والتجسس عليه وسرقة محتوياته حتى ولو كانت مخفية.

ويوضح أيت الشيخ، أن نقرة واحدة على ملف تحتويه رسالة مجهولة على فيسبوك تمكن من اختراق جهاز الشخص المستهدف، وفي أغلب الأحيان لا يحس الشخص بعملية التجسس التي تمارس عليه.

“هناك برامج لا تستطيع مضادات الفيروسات التعرف عليها”، يؤكد أيت الشيخ الذي يشير إلى أن ما يمكن أن يدفع الإنسان إلى الشك بوجود برنامج يخترق حاسوبه هو ملاحظته لسلوك غير مألوف في الحاسوب من قبيل اشتغال الكاميرا تلقائيا، على سبيل المثال.

منطقة رمادية

من جانبها، ترى الناشطة الحقوقية وعضو جمعية الحقوق الرقمية، نضال سلام حمداش، أن “الدول غير الديمقراطية هي التي تلجأ إلى مراقبة الحسابات الخاصة حتى تستعملها كورقة ضغط ضد الناس بصفة عامة والنشطاء والصحافيين بصفة خاصة”، مضيفة أن “الدولة تستعمل مثل هذه الأساليب حتى تتابع الناس بالقانون الجنائي وتتجنب متابعتهم بسبب أفكارهم ومواقفهم”.

​وتوضح حمداش، أنه “ولو لدواع أمنية، في قضايا الإرهاب مثلا، يجب على الدولة أن تتوفر على أمر قضائي حتى يكون لديها الحق في التجسس أو مراقبة المعني بالأمر”، لتستطرد قائلة: “أما أن تتنصت الدولة على الناس أو تراقب حواسيبهم عبر برامج التجسس بدون مبرر فهذا يعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان”.

منظور قانوني

في المقابل، يشير المحامي جمال الشمارخ إلى أن الدستور المغربي يكفل الحماية القانونية لسرية المواصلات، وهذا ما يشير إليه الفصل 24، كما يكفلها قانون المسطرة الجنائية والقانون المتعلق بحماية الأفراد من معالجة معلوماتهم الشخصية.

​بيد أنه يمكن لهذه الخصوصية أن تخترق في حالات استثنائية، وفق الشمارخ، وذلك لاستكمال التحقيقات الجنائية، لكن لا يتم هذا الأمر إلا عندما يُستصدر أمر قضائي من طرف قاضي التحقيق أو النيابة العامة.

قانون المسطرة الجنائية يحدد شروطا معينة لإصدار أوامر في هذا الخصوص، حسب المحامي ذاته، لكن ما تزال هناك مناطق رمادية فيما يتعلق بالسلطات التقديرية الممنوحة للقضاة ولأجهزة المخابرات.

في هذا الصدد، يقول المحامي جمال الشمارخ إن “الإنسان في حالة ارتكابه لجريمة ما تصبح حريته مقيدة”.

المحامي ذاته يضيف قائلا إنه “قانونيا لا يمكن لأية جهة أن تراقب اتصالات أو حسابات أي مواطن إلا بإصدار النيابة العامة لأمر قضائي في هذا الخصوص”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *