متابعات

مغاربة الخارج.. كيف يستفيد الاقتصاد الوطني من تحويلاتهم المالية؟

أزيد من 5 ملايين هو عدد المغاربة المقيمين في الخارج، يحوّلون إلى المغرب مبالغ مهمة وصلت حسب آخر الأرقام الرسمية 62.2 مليار درهم برسم سنة 2016، نسبة قليلة منها توجه نحو الاستثمار.

في ظل هذه الأرقام يطرح سؤال ملح، حول مدى استفادة الاقتصاد الوطني المغربي من تحويلات مغاربة الخارج؟ والسبب وراء ضعف حجم المبالغ الموجهة للاستثمار من مجموع التحويلات؟

10% فقط للاستثمار

الخبير في الاقتصاد الاجتماعي، عبد العزيز الرماني، يوضح أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن 70 في المئة من تحويلات مغاربة الخارج تذهب للاستهلاك، و20 في المئة منها توجه للادخار، في حين أن قيمة ما يوجه للاستثمار لا تتعدى 10 في المئة من مجموع التحويلات.

وحسب الرماني، فإن أكبر استفادة يستفيدها المغرب من تحويلات مغاربة الخارج تتمثل في العملة الصعبة، التي يتم ضخها في خزينة الدولة، مبرزا، أن تلك التحويلات تمثل ثاني مصدر للعملة الصعبة بالنسبة للمغرب، وأنه لولاها “لكنا نواجه أزمة في العملة الصعبة وما كنا لنتوفر على احتياطي مهم نصل فيه إلى أربعة أشهر أحيانا” يقول الرماني.

وبالعودة إلى رقم العشرة في المئة الذي يوجه للاستثمار، وأسباب ضآلة هذا الرقم، يوضح الرماني أن هناك معيقات كثيرة يواجهها المستثمر في المغرب سواء المهاجر أو غيره.

وحسب الرماني فإن المهاجر قد يتراجع عن فكرة إقامة مشروع بمجرد ما يلحظ كم التعقيدات والعراقيل التي سيواجهها من “مساطر ومعاملات وسوء استقبال وفساد إداري وتكاليف ضخمة”.

ويضيف المتحدث مؤكدا على أنه لا يمكن الرفع من حجم استثمارات مغاربة الخارج سوى بعد اعتماد عدد من الإجراءت من بينها “إصلاح الإدارة والوعاء الضريبي والوعاء العقاري ومحاربة الفساد، وإعادة النظر في التكاليف الكبيرة وتبسيط المساطر التي تتطلب وقتا طويلا”.

عراقيل إدارية

المحلل الاقتصادي، عبد الخالق التهامي، يوضح أن استثمارات مغاربة الخارج توجه بالأساس نحو العقار، مبرزا أن الاقتصاد المغربي يستفيد منها “ولكن أقل من الفائدة التي كانت ستكون لها لو استعملت في قطاعات أخرى”.

وبدوره يؤكد التهامي على أن أكبر ما يعيق استثمارات مغاربة الخارج وبالتالي يفسر ضآلة الرقم الموجه للاستثمار من مجموع التحويلات، هي “المشاكل التي يواجهونها حين يدخلون المغرب ويحاولون توجيه مدخراتهم نحو الاستثمار في قطاعات غير العقار”.

ويتابع التهامي موضحا أن العراقيل الإدارية والمساطر التي تتطلب وقتا طويلا بالإضافة إلى الجانب الضرائبي تمثل أكبر المشاكل التي تعيق استثمارات مغاربة الخارج وتعيق توجيهها نحو قطاعات أخرى غير العقار، الذي يبدو أسهل قطاع يمكن أن يوجهوا استثماراتهم نحوه.

وحسب المتحدث نفسه، فلو كان مجموع التحويلات (أكثر من ستين مليار درهم) أو على الأقل نصفها يوجه نحو الصناعة لا تعكس ذلك بشكل إيجابي سواء على مستوى التشغيل أو على مستوى الناتج الداخلي الإجمالي الذي سيرتفع أكثر مما هو عليه حاليا.

من جهة أخرى، يشير التهامي إلى استفادة العديد من الأسر من تحويلات المهاجرين المغاربة مبرزا أن “مجموعة من الأسر المغربية تعيش بالأساس من تحويلات مغاربة الخارج”.

ليس كل مهاجر مستثمر!

من جهته، يشدد الباحث المختص في شؤون الهجرة والمهاجرين، عبد الكريم بلكندوز، على فكرة أنه “ليس كل مهاجر هو بالضرورة مستثمر” وأن صفة المهاجر لا تعني تلقائيا الاستثمار.
ويشير المتحدث، إلى ضرورة الوضع في عين الاعتبار اختلاف ظروف عيش وحتى ظروف هجرة مغاربة الخارج وبلدان إقامتهم، مبرزا في السياق أنه ليس كل المهاجرين لديهم إمكانيات الاستثمار.

وبالنسبة لتحويلاتهم، يبرز المتحدث أن من يرسلون الأموال يرسلونها بالأساس لقضاء حاجيات أسرهم التي تعيش في المغرب ولمساعدة عائلاتهم وأقاربهم في إطار التضامن.

ويتابع بلكندوز موضحا أن تلك التحويلات الموجهة نحو العائلات تكون لها منفعة اقتصادية مزدوجة، فمن جهة هي تمثل مصدر عيش لكثير من العائلات وتستفيد منها حتى المناطق التي ينتمي إليها المهاجرون، ومن جهة ثانية يستفيد منها الاقتصاد الوطني من خلال العملة الصعبة التي تضخها في خزينة الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *