متابعات | مجتمع

باحث أمريكي كتب عن الملكية ومنع كتابه في المغرب لعدة سنوات فأصبح مرجعا في العلوم السياسية

شكل كتابه مرجعا للباحثين المغاربة في العلوم السياسية، وظل ممنوعا من التداول في سوق الكتب في المغرب لسنوات طويلة.

هنا الحديث عن الباحث الأميركي، جون واتربوري، صاحب كتاب “أمير المومنين.. الملكية والنخبة السياسية المغربية”، الذي كان عبارة عن أطروحة دكتوراه، ومن أوائل الأبحاث التي تُفكك الطبيعة المتشعبة للنظام السياسي المغربي، وكيف حافظت الملكية على وجودها وقوتها في النسق السياسي، بالإضافة إلى رصده لعلاقات النسب التي تربط بين مختلف الفاعلين الرئيسيين بالمملكة.

قوة التحليل، الذي قدمه واتربوري، تتأسس على كونه تنقل إلى المغرب ما بين 1965 و1967، وهناك التقى شخصيات سياسية وازنة، كما أنه استعد لهذه الإقامة من خلال دراسته اللغة العربية في الجامعة الأميركية بالقاهرة ما بين 1961 و1962.

ظل كتاب “أمير المؤمنين” ممنوعا لسنوات طويلة في المغرب، بسبب تشخيصه لطبيعة النظام المغربي، في حين صدرت أولى نسخه باللغة العربية سنة 1982 في العاصمة اللبنانية بيروت، قبل أن يُسمح بتداول أطروحة واتربوري في المكتبات المغربية خلال السنوات الأخيرة فقط.

​تخصص في المشرق

حصل واتربوري، المنحدر من ولاية نيوجرسي، على شهادة الدكتوراه التي كانت حول المغرب من جامعة كولومبيا بنيويورك سنة 1968، قبل أن يبدأ مسار التدريس في عدد من الجامعات الأميركية والأجنبية.

البداية كانت في جامعة ميشيغن. بعد ذلك، درّس في عدد من الجامعات الأخرى مثل جامعة مرسيليا الفرنسية وروما الإيطالية، كما كانت أبرز المناصب التي تقلدها على الصعيد الأكاديمي في الخارج رئاسته لجامعة بيروت اللبنانية.

أهم خلاصات الكتاب

من أهم الخلاصات التي وردت في كتاب “أمير المؤمنين” أن الاستعمار الفرنسي الذي دخل إلى المغرب سنة 1912، أحدث عددا من التغييرات على النظام السياسي، الذي كان يقوم على السلطة المركزية، وقلص من دور الزوايا الدينية.

الكتاب رصد في شق آخر “أدوات السلطة للهيمنة على النسق السياسي المغربي، والتي تعد وزارة الداخلية والجيش أبرز أذرعها”، حسب المؤلف.

 

دهشة واتربوري

يعد أستاذ العلوم السياسية والبرلماني السابق، حسن طارق، من الباحثين المغاربة الذين التقوا بجون واتربوري بعد الانتشار الكبير لكتابه.

يقول حسن طارق، بعد لقائه بالباحث الأميركي سنة 2004 في إحدى الندوات، إن “واتربوري لم يفهم سبب الانتشار الكبير لكتابه وأصيب بالدهشة”، مشيرا إلى أنه لم يكن يعتقد أن كتابه سيصير مرجعا رئيسيا للباحثين في العلوم السياسية بالمغرب، “وظل يبحث عن السر الغامض لهذا التفاعل الكبير الذي حظي به”.

“الكتاب تحول إلى أسطورة لأنه يعد من كلاسيكيات علم السياسة في المغرب”، يضيف أستاذ العلوم السياسية، الذي يشير إلى أن قيمته تستمد من الموضوع والسياق الذي صدر فيه، “والذي اتسم بالندرة وشكل لحظة تأسيسية”.

 

لماذا المغرب وليس أميركا؟

لماذا اشتهر واتربوري في المغرب أكثر من الولايات المتحدة؟ يجيب الصحافي المغربي، عبد الله الترابي، عن هذا السؤال بتأكيد أن المعاهد والجامعات الأميركية تضم عددا كبيرا من الباحثين والكُتاب الذين لهم نظريات سياسية.

ويقول الترابي، إنه بالرغم من المكانة التي تمتع بها واتربوري في المغرب، إلا أنه لم يصل إلى مستوى الباحثين والمُنظرين الكبار بحجم صامويل هانتينغتون وفرانسيس فوكوياما، كما أنه من الباحثين الذين اشتغلوا على قضايا تهم بعض الدول كمصر والمغرب، وهي لا تدخل بشكل كبير في صلب اهتمامات الباحثين الأميركيين، وفق الترابي.

ويعتبر الترابي أن كتاب “أمير المؤمنين” من أبرز الكتب التي ألّفها باحثون أجانب عن المغرب، إلى جانب كتاب “الفلاح المغربي المدافع عن العرش” للكاتب ريمي لوفو، كما أنه “تحول إلى كتاب أسطوري خاصة أنه لم يكن يباع في المكتبات وكان يباع على شكل نسخ مصورة، وحتى إحدى ترجماته كانت بأسماء مستعارة ووزع في بلدان أخرى، خصوصا في الثمانينات”.

ويتابع المتحدث ذاته أن الكتاب كان عملا ميدانيا متميزا لواتربوري، الذي التقى خلال السنوات التي أمضاها في المغرب عددا من الشخصيات الوازنة، كما اعتمد فيه على النظرية الانقسامية من أجل قياس قوة الملكية والنخبة المغربية، وقدم معطيات كثيرة لم تكن متوفرة للباحث المغربي حينها.

ويشير المحلل السياسي ذاته إلى أن واتربوري أعطى قراءة سهلة للواقع السياسي، ولكن بشكل فعال عبر رصد شبكات السلطة، وتاريخ الملكية وكيف بنت شرعيتها.

ويشدد عبد الله الترابي على أن الإشكال الذي حصل بعد انتشار هذا الكتاب، هو أن “عددا من الباحثين سقطوا في الكسل من خلال تفسيرهم لكل شيء في النسق السياسي المغربي، من خلال ما ورد في هذا الكتاب بالرغم من حصول عدد من التغييرات على المجتمع المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *