متابعات

بعد الإعفاءات.. مسار جديد ينتظر حكومة العثماني

مجموعة من الوزراء أُسقطوا من حكومة سعد الدين العثماني، بعدما طالتهم قرارات الإعفاء التي تضمنها بلاغ الديوان الملكي، الصادر، مساء أول أمس الثلاثاء، إثر استقبال الملك، للرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، قدم خلاله الأخير، تقريرا يتضمن “نتائج وخلاصات المجلس حول برنامج الحسيمة منارة المتوسط”.

ثلاثة وزراء، وكاتب دولة، نصفهم ينتمون إلى حزب التقدم والاشتراكية والنصف الآخر ينتمون إلى الحركة الشعبية، كلهم تم إعفاءهم مرة واحدة، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن السيناريوهات الممكنة بخصوص التشكيلة الحكومية المقبلة.

بين إبقاء وتغيير الأغلبية

الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عمر الشرقاوي، يوضح من الناحية الدستورية أن “الملك مارس صلاحية الإعفاء بمبادرة منه كما هي منصوص عليها في الفصل 47″، أنه حين يتم الإعفاء “تصبح سلطة الاقتراح لرئيس الحكومة”، مردفا أنه “ضمن دائرة سلطة الاقتراح تجري التعديلات” التي تخضع لسيناريوهات عديدة.

ويرى الشرقاوي، أن هناك ثلاثة سيناريوهات لما يمكن أن تكون عليه تلك التعديلات، أولها “أن يكتفي العثماني بتعديل تقني شكلي بأن يعوض الوزراء الأربعة بوزراء آخرين ينتمون إلى نفس اللون السياسي”، وهنا “بنية التحالف لا تتغير”.

ويلفت المتحدث هنا إلى أن هذا الأمر “ليس مرتبطا فقط بالعثماني” بل إنه “مرتبط” أيضا بـ”إرادة البقاء لدى حزبي التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية”.

السيناريو الثاني، يتمثل في “إمكانية اللجوء إلى تعديل بالإضافة دون إخراج الحركة الشعبية أو التقدم والاشتراكية من خلال تخفيف هذه المقاعد الأربعة أو بعضها لوزراء في الاستقلال”، يقول الشرقاوي الذي يشير إلى أن “هذا السيناريو وإن كان ضعيفا ولكنه وارد ويمكن أن يشكل مقدمة للدخول الكامل لحزب الاستقلال خلال تعديل آخر”.

أما السيناريو الثالث وهو “الأكبر والشامل” حسب المتحدث، فيتمثل في “إعادة بناء الأغلبية وهذه الإعادة تعني أنه لن تبقى مكونات الأغلبية الحالية”، كما أنها تعني “احتمال إعلان التقدم والاشتراكية الانسحاب من التحالف الحكومي مادام أن قرار الإعفاء أصاب رأس الحزب” في إشارة إلى أمينه العام، محمد نبيل بنعبد الله.

ولكن في المقابل وفي حال “لم يبد أي أحد رغبته في الخروج وكانت رغبة العثماني في تحقيق تعديل شامل”، هنا، يقول الشرقاوي، “سيكون العثماني أمام خيار تقديم استقالته للملك وإعادة تعيينه من أجل إعادة إعمار التحالف الأغلبي بعد الزلزال”.

عودة إلى سيناريو ابن كيران

من جانبه، يعود المحلل والباحث السياسي، محمد شقير، في حديثه إلى الظرفية التي تشكلت فيها حكومة العثماني، مبرزا أن تلك الظرفية “كانت غير عادية”، إذ يشير في هذا السياق إلى إقالة أمين عام العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران وتعويضه بسعد الدين العثماني.

أيضا يعود شقير إلى الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الخريفية بالبرلمان، والذي أشار إلى “ضرورة إنشاء وزارة منتدبة للشؤون الأفريقية”، مبرزا أن هذا الأمر “فتح الباب أمام بعض المؤشرات لتعديل حكومي مرتقب”.

​ويرى شقير أن قرارات الإعفاء التي طالت عددا من الوزراء “ستفتح الباب بشكل أكبر لتعديل من الممكن أن يكون موسعا لحكومة العثماني وبالتالي يطرح إمكانية إدخال حزب الاستقلال إذا تم إبعاد التقدم والاشتراكية”.

ويشير المتحدث إلى أنه لم يتبق من وزراء التقدم والاشتراكية سوى شرفات أفيلال، “التي من الممكن أن يطالها الإبعاد” لتبقى “ثلاثة مناصب شاغرة بالإضافة إلى مناصب الحركة الشعبية”، ما قد يسمح، حسب شقير، بدخول حزب الاستقلال وهنا “سنكون قد عدنا إلى السيناريو الذي كان قد اقترحه ابن كيران قبل أن تتم إقالته” يوضح المتحدث.

ويلفت المحلل المغربي في السياق نفسه إلى “التطورات التي عرفها حزب الاستقلال” بما في ذلك انتخاب نزار بركة أمينا عاما للحزب، هذا الأخير “الذي يبقى شخصية مقربة لكل الأوساط سواء داخل المربع الملكي أو حتى داخل الحزب” يقول شقير الذي يرى أن هذا الأمر “سيلعب دورا كبيرا في إمكانية ضم الاستقلال إلى الحكومة في حال كان هناك تعديل موسع”.

حسب الرسالة المقصودة

الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عبد الرحيم العلام، من جهته يرى أن السيناريوهات الممكنة لما بعد إعفاء مسؤولين في حكومة العثماني، “رهينة بالرسالة المقصودة” من قرارات الإعفاء تلك.

ويوضح العلام أنه إذا “كانت الرسالة هي الاستغناء عن حزبي التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية وإخراجهما من الحكومة فأتوقع أن يكون هناك تعديل شامل”، يتضمن “إدخال حزب الاستقلال”.

ويتابع المتحدث في السياق نفسه أن تعديلا كهذا من شأنه أن “يمس وزارات كثيرة وربما حتى وزراء في حزب العدالة والتنمية” وذلك رغم أن قرار الإعفاء لم يشملهم.

وحسب العلام فإن ما “يضعف” هذا السيناريو أنه في حال “تم الأمر على هذا النحو سيبدو وكأن الغاية من هذه الجعجعة فقط الاستغناء عن حزب معين وإدخال الاستقلال بعدما أصبح لينا ودخل بيت الطاعة الذي أخرجه منه شباط”، بالتالي هنا “ستكون الأمور مفضوحة نوعا ما” يقول العلام.

في المقابل، يوضح المتحدث، “إذا لم تكن الرسالة على ذلك النحو”، وإذا كان الأمر يتعلق فقط بـ”غضب على أشخاص داخل التقدم والاشتراكية لأسباب معينة” فهنا “يمكن تدعيم الحكومة بعناصر جديدة من نفس الأحزاب ويبقى الوضع على حاله”.

وفي إطار هذا السيناريو، يشير العلام إلى أنه قد يتم “تدعيم حزب التقدم والاشتراكية بتيار الصقلي والسعدي وغيرهما” الأمر الذي “سيُفقد العدالة والتنمية حليفه وسيتحول التقدم والاشتراكية” من خلال ذلك التيار (المناوئ لبنعبد الله) “من حليف للبيجيدي إلى حليف لأخنوش وبالتالي سيصبح “البيجيدي” أقلية داخل الحكومة في مقابل تحالف التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري بالإضافة إلى التقدم والاشتراكية”.

هناك سيناريو آخر يشير إليه العلام، والذي يرى أنه “وارد رغم أنه ضعيف”، ويتمثل في أن “يصدر التقدم والاشتراكية بلاغا يدافع فيه عن إيجابيات وزرائه ويعلن استقالته من الحكومة”، وهنا، يقول العلام “سندخل في نوع من الأزمة الصغيرة التي يمكن تداركها بعد مدة معينة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *