ثقافة وفن

حمدي الحيرش يكتب عن رواية رحلة عشق ل”جون زاغانياريس”

صدر لدار النشر « كازا اكسبريس»، التي يديرها كريم البخاري، مدير التحرير الحالي لمجلة « زمان»، التي تعنى بتاريخ المغرب القديم والحديث، ومدير النشر السابق لأسبوعية « تيل كيل»، رواية باللغة الفرنسية للناقد جون زاغانياريس تحت عنوان « رحلة العشاق » وهو أول عمل روائي له، وقد سبق له أن نشر، على صفحات الجرائد،  دراسات  نقدية عن نصوص لروائيين مغاربة، جمعها لاحقا في كتاب.

العشاق الثلاثة

تحكي هذه الرواية التي تمتد على طول ستة فصول معنونة ( كلها عناوين طويلة، كأن الكاتب يريد توجيه القارئ وإرشاده، لأن الرواية تتشابك فيها الشخصيات والأماكن كما سنرى فيما بعد) قصة ثلاثة رجال، الأول مغربي اسمه يانيس، شاب ثلاثيني، كان يقطن بالدار البيضاء، خلال  فترة ما بعد 20 فبراير: « نحن ننتمي لجيل غير مسيس، بل غير مبال. حتى في فبراير2011، خلال مظاهرات البيضاء، كنا واعين أننا لن نذهب بعيدا »؛ الثاني، يوناني يحمل اسما قريبا من الأول وهو لوانيس، طالب بالجامعة يعيش ظروفا صعبة بأثينا بمعية أم تشتغل بمستشفى بصفة غير رسمية: « أثينا. حافلته تنطلق على الساعة الثامنة إلا عشرا. منذ عامين وهو يستقل رقم 2 للذهاب للجامعة. نفس الروتين في انتظار مستقبل غامض في بلد شبابه يعانون ويلات العطالة منذ بداية الألفية الثالثة»؛ والثالث فرنسي، سَمِي الكاتب: جون، وهو من ساكنة مدينة كان الفرنسية، المعروفة بمهرجانها السنيمائي الذي طبقت شهرته الآفاق: « مدينة كان. ماري- جو تتجول على طول الكراسي الزرقاء. تنظر إلى البحر الساكن، كأنها مصعوقة بالبريق المحمر للشمس وهي تباشر شروقها بعناء في سماء كان».

الكاتب وصوره الثلاث

تتداخل الشخوص، الأماكن والحقب التاريخية في هذه الرواية، ويبقى القاسم المشترك بين قصص الأبطال الثلاثة التي تضمها الرواية بين ثناياها هو رتابة الحياة وهموم الحب لدى شباب العالم على اختلاف ثقافتهم وانتمائهم ( بالإضافة إلى ميزة نادرة أيامنا هذه، نجدها تقريبا لدى العشاق الثلاثة، وهي لوثة القراءة). فجون هجر عشيقته الأولى ليرتمي في أحضان فتاة مغربية أكثر نضارة وشبابا ( مشكل السن شبح النساء الدائم ؟)، ويانيس يحاول أن يعيش قصة حب جديدة مع فتاة اسمها سامية، كان قد صادفها في ملهى ليلي من ملاهي المدينة البيضاء الراقية، يتسكع كل ليلة في حواري المدينة بحثا عن صيد ثمين وهو في ذلك يذكرنا بشخصيات المخرج المغربي  نور الدين لخماري ( صاحب الفلم الشهير كازانيغرا)، ويانيس يحاول أن ينسى حبه الأول في عيون شابة حسناء صادفها بالجامعة . هكذا، وكما هو موضح في  سطور الغلاف الخلفي للكتاب، التي تلخص الرواية تلخيصا، فإن  « الكاتب، وهو يجرنا معه في سياج هذه القصص الثلاث المتوازية، والتي لا تشكل بالنهاية إلا أوديسة واحدة،  يسبح بنا في عنف ومصاعب الحب، بعيدا عن كل انتماء جغرافي أو ثقافي».

إذا كان أنيس يروي حكايته بصيغة المتكلم، فإن الحكايتين الأخيرتين قد قُدمتا بصيغة الغائب، لذلك يخيل للقارئ، على الأقل ذاك الذي سبق له أن قرأ للكاتب جون زاغانياريس، أن خلفَ الراوي يوجد كاتب الرواية نفسه نظرا للتشابه البين بينهما على مستوى المسار وطبيعة القراءات. لكن الكاتب يؤكد أنه « لا يجب الانجرار وراء المظاهر ». تلك هي خلاصة العمل، حسب ما صرح لنا به صاحب النص، قبل أن يختم بالآتي: « أنا الشخصيات الثلاث في آن،  لكن دون أدنى انفصام في الشخصية ».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *