متابعات

هل عاد المغرب لإفريقيا عبر بوابة محاربة التطرف؟

رافق توجه أعلى سلطة في المغرب نحو القارة الأفريقية سياسيا واقتصاديا اهتمام بالجانب الديني والروحي بالقارة، بدا واضحا منذ سنة 2013، عندما أسس ملك البلاد مؤسسة جديدة لتوحيد العلماء الأفارقة ضمن “خلطة مغربية” عنوانها نشر التسامح ومحاربة التطرف.

وكلما زار الملك محمد السادس أحد البلدان الأفريقية إلا كان المجال الديني حاضرا في أجندة الزيارة، ما يطرح التساؤل حول خانة تصنيف هذه السياسية الدينية، هل تعد وسيلة لمحاربة التشدد أم عنوان لاختراق سياسي؟

قبل يومين، اختتمت أشغال الاجتماع السنوي لـ”مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة” بمدينة فاس، حيث التأم شمل العشرات من العلماء المنتمين لمختلف البلدان الأفريقية، الذين خرجوا ببيان ختامي أعطى الضوء الأخضر لرفع وتيرة استقبال المؤسسة المذكورة للعلماء الجدد للاطلاع على مناهج اشتغال العلماء وغيرها من وجوه تدبير الشأن الديني.

​مواجهة “أنماط شاذة”

ما تقوم به هذه المؤسسة المذكورة ومؤسسات أخرى مثل “معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات”، يمثل بالنسبة للباحث في مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط، منتصر حمادة، أحد معالم السياسة الدينية المغربية الموجهة للقارة الأفريقية، التي لا يمكن عزلها عن السياسة العامة الخارجية للبلاد.

ويرى منتصر حمادة أن أهداف السياسة الدينية للمغرب تتعلق أساسا بمواجهة أنماط من التديّن تعتبرها شاذة عقديا ومذهبيا مقارنة مع الخصوصية الدينية الأفريقية، وفق تعبيره.

ويوضح المتحدث فكرته بالقول: “هناك أنماط تحظى بدعم دولتي مؤسساتي، وفي مقدمتها التديّن السلفي الوهابي والتديّن الشيعي، لذلك تأتي السياسة المغربية الدينية لتنشر النموذج المغربي في التدين داخل القارة”.

​محاربة التطرف جزء فقط!

محاربة التشدد الديني عبر سياسة مغربية يمثل، بحسب الأستاذ بمعهد الدراسات الأفريقية بالرباط رشيد بلباه، جزءا من استراتيجية شاملة تهدف إلى مساعدة الدول الأفريقية التي تتقاسم مع الرباط المصير المشترك، على تأطير الحقل الديني ومحاربة التطرف عبر تصدير نموذج الإسلام المعتدل.

ويرى بلباه أن محاربة التطرف الديني لا يعد سوى جزء صغير من الاستراتيجية الدينية للمغرب، مؤكدا أن هذه الأخيرة تدخل ضمن منظومة تضم أيضا الجوانب الاقتصادية والسياسية وهو ما يفسر حضورها في الزيارات الملكية إلى البلدان الأفريقية.

“صحيح، أن هناك بعدا للمصلحة الوطنية، وهو أمر طبيعي في أي علاقة أو استراتيجية خارجية لدولة ما، لكن المغرب يؤمن بوحدة المصير مع البلدان الأفريقية المحيطة به”، يقول المتحدث ذاته، قبل أن يضيف أن في هذه الحالة “وحدة المصير تفوق المصالح الضيقة”، وفق تعبيره.

أداة مغربية بيد الأفارقة

من جهته، يرى رئيس المجلس العلمي المحلي مصطفى بنحمزة، أن السياسة الدينية للمغرب تمثل أداة بالنسبة للدول الأفريقية من أجل مواجهة التشدد وتنامي أفكار الجماعات المتطرفة مثل “بوكو حرام” في نيجيريا.

ويضيف بنحمزة أن المغرب يتلقى عددا كبيرا من الطلبات القادمة من علماء وأئمة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء من أجل الحصول على تكوين بالمغرب وفق نموذج الفقه المالكي، مشددا على وجود ارتباط تاريخي قوي بين المغرب وبلدان مثل مالي والسنغال على المستوى الديني، يظهر في العلاقات التي ينسجها علماء هذه البلدان مع الزاويا المغربية مثل الزاوية التيجانية بفاس.

تصاعد المخاوف من النزعات المتشددة سواء في أفريقيا أو خارجها، يقول بنحمزة، هو ما يدفع المغرب إلى تعزيز سياسته الدينية تجاه القارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *