ملفات

“الليشمانيا” تنتشر بزاكورة وشيشاوة.. من المسؤول؟

أورام داكنة في مناطق مكشوفة من جسم أطفال وتقرحات في وجوه نساء، اختارت بعضهن النقاب لحجب تشوههن، والتهابات يختلط فيها القيح بالدم.. تلك هي الأعراض التي تظهر على مرضى “الليشمانيا” بالمغرب.

يعتبر إقليم زاكورة وشيشاوة من أهم المناطق التي تعرف انتشار مرض “الليشمانيا”، والتي تنشط بها بعوضة “الرمل”، الحاملة للفيروس، وتنقلها عبر امتصاص الطفيليات من الفئران أو من مصابين آخرين.

مرض الفقراء

دقت الجمعيات الحقوقية ناقوس الخطر، بإقليم زاكورة، بسبب انتشار المرض خلال الشهرين الأخيرين، إذ ظهرت أولى الحالات بإحدى المؤسسات التعليمية وانتشرت خاصة في صفوف الأطفال والنساء بجماعتين “تونزورين” و”بوزروال”.

يقول رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بزاكورة، إبراهيم رزقو، إن خطورة المرض تمكن في “ظهور أعراض متأخرة، فالحالات التي تظهر اليوم لسعت غالبا في فصل الصيف، عندما ترتفع درجات الحرارة، وبقي المرض مضمرا، لتظهر أعراضه على المصابين بداية من هذه السنة”.

وتقدر مندوبية وزارة الصحة عدد الإصابات خلال سنة 2016 بـ4946 حالة، وهو ما يُعد انخفاضا مهما مقارنة بسنة 2010 حيث سُجلت 8707 حالة، بحسب ما أوردته وسائل إعلام محلية.

إلا أن رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إبراهيم رزقو، يشكك في صحة تلك المعطيات، ويؤكد أن ما لدى الجمعية من إحصائيات “تفوق بكثير هذا العدد، ففي إقليم زاكورة لوحدها يصل عدد الحالات إلى 12 ألفًا”.

مرض يتحول إلى “طابو”

في إقليم شيشاوة ضواحي مراكش، التي تعرف ارتفاع معدلات الإصابة بالمرض وبالضبط في بلدة إمينتانوت، يعتبر عبد الرحمن، والد طفل مصاب، أنه “من العيب أن يستمر مرض بدائي كهذا من جيل الكوليرا والملاريا إلى سنة 2018 “. حي “إيزوران” الذي يقيم فيه عبد الرحمن، هو الحي الأكثر عرضة لانتشار هذا النوع من البعوض بسبب قربه من مجاري المياه وانعدام شروط النظافة.

ظهر المرض في إيمنتانوت للمرة الأولى عام 1999. ويصرح عضو فرع شيشاوة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، محمد أنافنوس، أن “السلطات لم تربط 30 بالمائة من المساكن بشبكة الصرف الصحي، إضافة إلى وادي إمنتانوت الذي أصبح مرتعا للنفايات الصلبة والسائلة والعفونة، ووجود ما بين ثلاث إلى خمس نقط سوداء للأزبال في كل حي من الأحياء 15 للمنطقة”. أنافنوس كان هو الأخر من ضحايا الوباء، إذ خضع للعلاج مدة شهر تقريبا.

يختلف عمق الورم ودرجة التشوه حسب سرعة التشخيص المبكر وهو ما يدفع الجمعية وشركاءها إلى القيام بمجموعة من حملات التوعية. ويضيف أنافنوس : “أصبح هذا المرض طابوها لتراجع السكان عن التصريح بمرضهم مخافة حرق حظائرهم أو ترحيلهم من المدينة، ويسبب أضرارا نفسية كبيرة للنساء اللواتي يهدد مستقبل زواجهن ودراستهن لخجلهن من الظهور بآثار مشوهة ومحفرة على الوجه”.

مسؤولية مشتركة

تقول المندوبة الإقليمية لوزارة الصحة بإقليم شيشاوة، نور الهدى تامر، “نعالج بالمجان، ونقوم بالبحث الوبائي والتوعية الصحية ونقوم بحملات متفرقة للرش من طرف مختصين ميدانيين وخبراء. لدينا تقارير مفصلة عن كل عملية رش للبنايات المهجورة والإسطبلات ونقوم بحملات للتوعية. حاليا نعمل على لجنة لتحديد المهام والاختصاصات”.

وتسترسل: “هدفنا ليس فقط العلاج وإنما الوقاية وهذا أمر مرتبط بقطاعات أخرى للقضاء على المشكل بشكل نهائي”.

تعتبر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أيضا أن المسؤولية مشتركة “بين وزارة الصحة للعلاج والتوعية بأسباب المرض، ووزارة الفلاحة للقضاء على الفئران المسببة للمرض ووزارة الداخلية من أجل تجنيد أعوانها والجماعات المحلية للقضاء على كل الأزبال والنفايات”.

ويضيف أنافنوس “نلمس تقصيرا على مستوى أدوات المختبر، يتم فقط القضاء جزئيا على الحشرات وليس إبادتها تماما، رغم أن الميزانية التي صرفت كل هذه السنوات من طرف الوزارة كان يمكن أن يصرف ربعها لمدة سنة واحدة بشكل مكثف للقضاء على الوباء”.

في انتظار الحل يكتفي السكان بالتلقيح الأسبوعي وضمادات تغطي تشوهات سيحملونها مدى الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *