ملفات

حدث: ابن كيران و«أهوال القيامة في السياسة»

هل هي صدفة أم تتبع لصيق وخطة محكمة نفذها ابن كيران للنيل من يونس مجاهد؟

مناسبة هذا الكلام التلاسن السريع الذي حصل بين ابن كيران ويونس مجاهد في مقبرة الشهداء بالرباط بمناسبة تشييع جنازة الصحفي الراحل محمد باهي. ابن كيران خاطب يونس مجاهد معاتبا ومتحديا، في البداية توجه ابن كيران ليونس مجاهد قائلا «ياك احنا خوافة»، في إشارة لما ورد في مقال ليونس مجاهد تحت عنوان «أهوال القيامة في السياسة»، تحدث فيه عن خرجة ابن كيران في افتتاح مؤتمر شبيبة حزب العدالة والتنمية، ليرد عليه مجاهد بأن المكان غير ملائم لمثل هذا الكلام، وحين كان يونس مجاهد يستعد لإلقاء كلمة النقابة لتأبين الراحل محمد باهي، كرر ابن كيران عتابه بنبرة تحد هذه المرة قائلا: «ياك أنا خواف»، قبل أن ينطلق في كلمته، التي لم تكن مقررة في برنامج دفن الراحل باهي.

منذ ان اختار عبد الإله بن كيران الإضراب عن الكلام داخل العدالة والتنمية كأمين عام إبان غصته الشهيرة بعد الإعفاء، اكتشف لنفسه منصات أخرى أغلبها في حضرة الأموات، مع تنويع جزئي بالعقيقة وضيافة «شعبه» القادم من مختلف الأقاليم، خلال ممارسته للعبة الترهيب ضد إخوانه قبل المؤتمر، ليمرر رسائل متعددة لجهات متعددة، كان يتوفر أصلا على مقامات مخاطبتها رسميا.

اليوم، وبعد أن انضافت غصة الإعفاء لغصة الدفن الحزبي، لم يعد ابن كيران في حاجة لاستئذان، بل تحول لـ«فقيه» الغفران والرحمة والشهداء، يتحدث عنوة من دون دعوة ولا مقام، ما هو مؤكد هو أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية كانت بصدد دفن واحد من أهل المهنة، وبتنسيق مع العائلة، قامت بكل الإجراءات المتعلقة بالدفن، وكانت قيادتها منهمكة في توفير مراسم دفن تليق بالراحل، لم يكن هناك التباس سياسي أو حزبي، يبرر على قياس ما يحصل في جنازات أخرى، يتصارع فيها طرفان حول أحقية التأبين لتكريس رمزية تدافع في الحياة قبل الممات.

البحث عن استمرار الفرجة والحضور بعد كل الذي حدث لابن كيران يستدعي أسئلة حول الحالة النفسية الحقيقية للرجل، ففي كل المنصات التي حاول ابن كيران الظهور فيها لا تخلو من رسائل الدنيا، لكن بلبوس أهوال القيامة، وما بينهما من حقل دلالي يحيل على رغبة في تذكير الجميع بأن أرض الله واسعة في ابتكار وسائل إبلاغ الرسائل، التي لا تسمح بها مقامات المؤسسات الرسمية، وفي الوقت نفسه استثمار المقام للتذكير بالتميز والاستثناء، اللذين ظلت تحظى بهما خرجاته الرسمية طيلة مسار ممارسته لها.

وسواء تعلق الأمر بما حدث في مؤتمر الشبيبة، أو ما حدث بمقبرة الشهداء، يبدو ابن كيران مصرا على تقمص دور فوضوي في سلم المسؤولية، يتحدث فوق المؤسسات وينوب عنها، وكأنها خرساء معاقة لا تقدر على الخوض فيما يبادر الرجل للقيام به، وما يهم هنا التركيز على حادثة الرد على مقال يونس مجاهد «أهوال القيامة في السياسة» داخل مقبرة. وسواء تعلق الأمر بالمقام الذي لا يسمح، أو المقال الذي يفرض أن تبادر مؤسسات الحزب وإعلامه بالجدل حول مضمونه، الذي يطغى عليه خلاف في الرؤية والتصور، فإن ابن كيران يتحرك منفردا ومنفلتا لينوب عن حزبه ضدا في كل من يمارسون هذا الدور اليوم من داخل الحزب.

ابن كيران يكرر أنه تقاعد على مستوى الحزب، لكنه لم يتقاعد سياسيا، لكن اقتحام مفاصل المسؤولية داخل الحزب لينوب عن أصحابها يطرح إشكالا، في تحديد الموقع الذي يمكن لخصومه الرد عليه منه، فهذه الفوضى قد تبدو للبعض خلاقة من داخل الحزب، لكن الأمر لا يستقيم مع حزب مؤتمن على تدبير شؤون البلاد، وقبل كل هذا وذاك تطرح استفهاما حول رمزية رئيس حكومة مغربية تحسب عليه حتى خوارم المروءة.

قد لا يتفق البعض مع تضخيم تناول الكلمة من قبل عبد الإله بن كيران للدعاء بالترحم على فقيد، لكن الذين حضروا للجنازة يخرجون من الحدث تفاصيل لا تليق برجل محترم، ويصر على قضم بعض من هذا الرصيد، فقبل تناول الكلمة ضدا على برنامج مسطر، مارس السياسة في وجه الأمين العام لهذه المنظمة، دون احترام لمقام يذكر بالقيامة ولحظة تكريم صحفي من طرف زملائه في الحرفة بعيدا عن السياسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *