وطنيات

الصحراء المغربية .. أي دور للدبلوماسية الحزبية؟

في خضم المستجدات المتسارعة التي تعرفها قضية الصحراء المغربية على إثر استفزازات جبهة البوليساريو الانفصالية وتحركاتها المشبوهة التي من خلالها تحاول تغيير الوضع التاريخي والقانوني للمنطقة العازلة ونقل بعض مقارها إلى بئر لحلو وتيفاريتي، دعا رئيس الحكومة كافة الأمناء العامين لمختلف الأحزاب السياسية إلى اجتماع طارئ، وانتقل يوم الاثنين الماضي وفد من قادة الأحزاب السياسية إلى مدينة العيون وعقد اجتماعا مع وجهاء وأعيان ومنتخبي المدينة لتدارس مستجدات القضية.

تجد الدبلوماسية الحزبية راهنيتها في طبيعة المرحلة التي يجتازها المغرب، وتطور وتشابك العلاقات الدولية وتعقّد المصالح والقضايا والأزمات الدولية، وتعدد الفاعلين في أداء المهام الخارجية لدولهم؛ إذ لم تعد وزارة الخارجية الجهة الوحيدة لتنفيذ السياسة الخارجية، وكذلك ليست النافذة الوحيدة المطلة على العالم الخارجي. فالأحزاب السياسية في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ المغرب، مطالبة بتجاوز وضع الجمود والانتقال إلى مرحلة المبادرة من أجل حشد كل الموارد المتاحة لتعزيز الدبلوماسية الرسمية وجعلها أكثر دينامية واستباقية، لضمان التعبئة المستمرة حول قضية الصحراء المغربية.

اليوم نتحدث عن حقبة جديدة من الدبلوماسية المغربية؛ إذ أصبح دور الدبلوماسية الحزبية في الدفاع عن القضايا الوطنية يدخل ضمن استراتيجية الدولة. واليوم وأكثر من أي وقت مضى يتأكد بالملموس أن تحالف الدولة وكل الأحزاب، سواء التي توجد في الحكومة أو تلك التي تشكل المعارضة بكل أطيافها، أضحى ضرورة من أجل الدفاع عن المصالح العليا للمغرب، وهذا ما عبّر عنه صاحب الجلالة بموجب خطاب 6 نونبر2009، الذي دعا فيه إلى ضرورة تحمل الأحزاب السياسية لمسؤولياتها كاملة والاضطلاع بدورها في الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد؛ الأمر الذي أصبح معه الفاعل الحزبي ملزما بتفعيل دبلوماسيته الحزبية لصدّ خصوم الوحدة الترابية والدفاع عن مبادرة الحكم الذاتي، في ظل التداعيات الراهنة للقضية الوطنية.

من الواضح أن الدبلوماسية لم تعد مجرد مسألة علاقات رسمية بين الحكومات والهيئات الدبلوماسية. فلا يمكن العمل بمعزل عن تحديات العولمة وانتشار وسائل الاتصال والتواصل ودون الأخذ بعين الاعتبار الدور المتصاعد للفاعلين الدبلوماسيين الجدد من أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات البرلمانية. فقد بات من الضروري أن يضطلع الفاعلون الجدد في الدبلوماسية المغربية بدورهم، ولو على سبيل الاقتراح والاستشارة، لمساعدة الدبلوماسية الرسمية على بلورة تصورات تستجيب لمكانة المغرب في محيطه الإقليمي والدولي.

في هذا الصدد، عملت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون على الاعتماد على المقاربة المندمجة والتشاركية فيما يخص عملها؛ بحيث تم إنشاء مديرية خاصة سميت بمديرية الفاعلين غير الحكوميين يتجلى عملها في التنسيق مع المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات.

اليوم مع انفتاح أوسع للسياسة الخارجية وعقلنتها، أصبحت الأحزاب السياسية بإمكانها أن تلعب دورا مهما في الدفاع عن القضايا المصيرية للبلاد في إطار دبلوماسية غير رسمية. فيجب على كل القوى داخل الأحزاب السياسية أن تتعبأ بشكل قوي لخوض رهان التأثير على الرأي العام الوطني والعالمي في شتى المحافل الوطنية والدولية وفي كل المناسبات المتاحة، ويجب أن يكون تدخل الأحزاب السياسية على المستوى الدبلوماسي تدخلا فاعلا وفق استراتيجية محددة سلفا، يتم بموجبها تحديد الأهداف والأولويات والآليات الكفيلة بالتنفيذ. ومن أولويات الأحزاب كذلك القيام بالأدوار المنوطة بها في مجال السياسة الخارجية، خاصة تلك المرتبطة بالدبلوماسية الحزبية أو الموازية في الدفاع عن ملف الوحدة الترابية.

في عالم متغير وسريع التطور، يجب على الأحزاب السياسية المغربية وكل مكوناتها أن تأخذ بعين الاعتبار ما يشهده العالم من طفرة تكنولوجية وشبكة المعلومات الدولية؛ إذ أصبحت وسائل الاتصال والتواصل تلعب أدوارا بالغة الأهمية في إخبار وتنوير الرأي العام حول مختلف الأزمات والقضايا التي تعرفها البلاد. وقد تساهم هذه الوسائل في تعزيز مصداقية وواقعية المقترح المغربي وإضعاف مصداقية أطروحة خصوم الوحدة الترابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *