منوعات

“أعصابها من حديد” .. تفاصيل 20 دقيقة أنقذت فيها هذه الكابتن 148 راكباً من موت محتَّم

بعد 20 دقيقة من إقلاعها، يوم الثلاثاء 17 أبريل 2018، كانت الطيَّارة تامي جو شولتز تقود طائرةً تابعة لخطوط ساوث ويست الجوية، بمستوى ارتفاع التحليق، وهو الجزء الأكثر أماناً في أي رحلة. لكن حدث ما لم يكن متوقعاً، لقد انفجر محرك الطائرة الأيسر. اندفع حطام الانفجار إلى جانب مقصورة الطيار، وتحطَّم شباك راكبة، وانخفض ضغط المقصورة، وسُحِبَت امرأة جزئياً خارج الطائرة، وفزع الركاب، وبدأ المضيفون في الاستجابة. وفي مقصورة الطيار، بقيت كابتن شولتز هادئةً، بينما تحاول السيطرة على طائرة الرحلة 1380. خاطبت شولتز مراقبي الحركة الجوية عبر اللاسلكي، قائلةً بصوتٍ مطمئن: “الرحلة 1380 التابعة لساوث ويست تواجه حريقاً في المحرك، وآخذة في الهبوط”.

في لحظة، وجدت كابتن شولتز نفسها في موقفٍ يواجهه معظم الطيارين فقط خلال التدريب، وهو الاضطرار إلى الهبوط بعد تلف أحد المحركات. في الأربعين دقيقة التالية، قدَّمت الكابتن ما سمَّاه أحد الركاب أداءً بـ”أعصابٍ من حديد”، فوجَّهت الطائرة إلى فيلادلفيا لتهبط اضطرارياً، بدلاً من أن تستمر في طريقها من مطار لاغوارديا في نيويورك إلى مطار دالاس فيلد في تكساس. في المقاعد خلفها، أرسل الركاب رسائل وداع نصية إلى من يحبونهم، ووضعوا أقنعة الأكسجين حول وجوههم، واستعدوا للاصطدام. وأجرى مضيفو الطيران في ذعر تنفساً صناعياً للراكبة المصابة بجروحٍ خطيرة، التي توفيت فيما بعد في المشفى، بحسب ما ذكرته صحيفة New York Times الأميركية.

مَن هي كابتن شولتز؟

لكنَّ كابتن شولتز التي تبلغ من العمر 56 عاماً كانت تُحكم السيطرة على الطائرة. تعلمت الطيران كواحدةٍ من أول مجموعة طيارين من النساء في البحرية الأميركية منذ 3 عقود، وكانت تقود المقاتلة الأميركية إف/إيه-18 هورنت، في عصرٍ كانت تُمنع فيه النساء من المهام القتالية. وقالت بهدوء لمراقبي الحركة الجوية في فيلادلفيا: “هل يمكن أن تقابلنا الإسعاف على مدرج الطائرات؟ قالوا إنَّ هناك ثقباً بالطائرة، وإنَّ أحداً خرج منه”.

وفي الحادية عشرة وعشرين دقيقة صباحاً، وجَّهت شولتز طائرة البوينغ 737 ذات المحركين، وتمكنت من الهبوط بها بسلاسة على المدرج (27 إل)، في مطار فيلادلفيا الدولي. وبدا المحرك الأيسر للطائرة كما لو كان قد تمزق إرباً.

ردود فعل الركاب بعد الهبوط
وفي منشورٍ على فيسبوك، كتبت ديانا ماكبرايد سيلف، التي كانت ضمن ركاب الطائرة: “إنَّها بطلة أميركية حقيقية. شكراً جزيلاً لمعرفتها، وقيادتها، وشجاعتها في موقفٍ صادم كهذا. رعاها الله هي والطاقم بأكمله”. أما ألفريد توملينسون -وهو راكبٌ آخر- فكان مباشراً أكثر في مدحها؛ إذ قال لوكالة أسوشيتد برس: “لديها أعصابٌ من حديد. سأرسل لها برقية تهنئة في عيد الميلاد، وسأخبركم بهذا، وشهادة هدية لهبوطها بنا على الأرض بسلام. كانت عظيمة”.

في حين تشغل النساء نسبةً صغيرة من الطيارين التجاريين حاليّاً، تولت كابتن شولتز منصب الطيران عندما كان هناك عددٌ أقل بكثير في الصناعة، في وقتٍ كان يقال فيه للنساء أن يبحثن عن مهنةٍ أخرى. وفي سنتها الأولى في جامعة ميد أميركا نازارين في أولاث بكانساس، حضرت حدثاً لسلاح الجو، وشاهدت امرأة في صفِّ طيران، وفقاً لما قالته لإحدى مجلات الجامعة. تخرَّجت في الجامعة عام 1983 بدرجة البكارليوس في علم الأحياء والأعمال الزراعية، وبدأت رحلتها في الانضمام للجيش، وفقاً لتصريح الجامعة يوم الأربعاء.

ورفضتها القوات الجوية حسبما صرَّحت لمجلة الجامعة، لكنَّ البحرية فعلت. ودخلت مدرسة طيران البحرية في بينساكولا بفلوريدا عام 1985، وكانت هذه نقطة البداية لعقدٍ من الخدمة الرائدة. وقالت البحرية في بيانٍ لها يوم الأربعاء: “يمكننا التأكيد أنَّ الرائدة شولتز كانت بين أول دفعة من الطيارات اللاتي انتقلن للطائرات التكتيكية”. قادت الطائرة إف/إيه-18 هورنت، الطائرة المقاتلة النفاثة قاذفة القنابل ذات المحركين.

بعد مدرسة الطيران، كُلِّفَت بقيادة سرب الطائرات المقاتل التكتيكي الإلكتروني 34 بمنطقة بوينت موجو في كاليفورنيا. كان هذا هو السرب الأول الذي تقوده امرأة في البحرية. لكنَّها، رغم إنجازاتها، واجهت القيود المفروضة على النساء في الجيش. وتركت الخدمة في 31 مارس 1993، قبل أن تطلب البحرية من إدارة كلينتون فتح المهام القتالية للنساء بيومين.

بعدها قضت عامين تقريباً ضمن القوات الاحتياطية، قبل أن تترك الجيش عام 1994 بعد وصولها لرتبة رائد. لاحقاً أصبحت كابتن شولتز طيارةً مع خطوط ساوث ويست الجوية، مثل زوجها دين شولتز. ورفضت شركة ساوث ويست الجوية التعليق بشأن قصتها يوم الأربعاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *