المشهد الأول

تواكل يجلب الضرر

من السلبيات التي تعتري العمل السياسي والحزبي والإداري في بلدنا هو السقوط الفج في “الموسمية”، والامتناع عن الانخراط في البرامج ذات الديمومة والاستمرارية، فعمل جل المؤسسات بالمغرب محكوم بثقافة “الموسمية” والتدبير الآني، مما يجعل فعاليتها محدودة، وأداءها ضعيف، يضرب في العمق كل محاولات الإقلاع التنموي بمفهومه الواسع. النقاشات السياسية مثلا تتخذ طابع الموسمية خلال كل محطة انتخابية، والتدابير الإجرائية للتخفيف من الظواهر الطبيعية لا يتم الحديث عنها سوى إبان الكوارث، إلى غير ذلك من الأمثلة. نفس الشيء يطال الأداء الدبلوماسي للدولة، فلا يتم استحضاره والتفكير في الرقي به سوى خلال الأزمات، كمثل التي مر بها المغرب خلال محاولة أمريكا تمرير قرار أممي يمنح لبعثة المينيرسو حق مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء، حينها خرجت وزارة الخارجية والأحزاب وبعض الجمعيات من سباتها، وملأت الدنيا ضجيجا للتنديد بهذه المحاولة الأمريكية التي تم التراجع عنها بفضل تدخلات دول صديقة كما تناقلت ذلك بعض كبريات وسائل الإعلام…الآن الجميع استكان إلى الاستراحة والاسترخاء، كأننا ربحنا هذا الرهان في الحين أن المغرب لم يربح سوى جولة واحدة تتكرر كل سنة، لكن ماذا أعددنا للسنة المقبلة بخصوص القضية الوطنية الأولى للمغاربة…لحد الساعة لاشيء يذكر، سواء على الصعيد الداخلي أو على مستوى الهيئات والمؤسسات الدولية الفاعلة وذات الاهتمام، هذا في الحين الذي تقوم فيه جبهة البوليساريو بتحركات غير مسبوقة بالولايات المتحدة الأمريكية يقودها زعيم الجبهة محمد عبد العزيز، من خلال ربط الاتصالات مع ممثلي أمريكا بالأمم المتحدة، ووزارة الخارجية، والكونغرس الذي يتمتع في بلاد العم سام بتأثير قوي جدا.

متاعب المغرب على مستوى قضية الصحراء يمكن أن تنطلق ابتداء من أبريل القادم، لأن هناك محاولات جديدة للدفع بتوصية أممية أخرى تتعلق بمنح المينيرسو حق الإشراف على الشؤون الإدارية للصحراء، هذا بالإضافة إلى تربصات أخرى على مستوى مجلس حقوق الإنسان بجنيف، مما يدعو إلى استباق الأمور وأخذ المبادرات دون الوقوع في مواقف ردود الفعل، لأنه من الحزم سوء الظن.

هل فعلا كما قال الوزير الأول الإيطالي الراحل أندريوتي بخصوص قضية الصحراء: “لدينا قضية عادلة بمحام فاشل”!!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *