اقتصاد

“أليوتس”.. موعد دوري للدفع بمسلسل التطور النوعي لقطاع الصيد البحري

أصبح المعرض الدولي للصيد البحري “أليوتيس”، الذي أسدل الستار على فعاليات دورته الرابعة في أكادير أمس الأحد، موعدا دوريا للدفع بمسلسل التحولات النوعية التي يشهدها قطاع الصيد البحري المغربي خلال السنين الأخيرة، حيث أصبح هذا القطاع يشكل واحدا من الأعمدة التي يتأسس عليها النسيج الاقتصادي المغربي.

فالثروات السمكية التي تتوفر عليها المياه الوطنية الممتدة على طول 3500 كلم من الشواطئ ، كانت إلى وقت غير بعيد تستغل بطريقة تفتقد إلى النجاعة ، إلى أن تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية “أليوتيس 2020” الموجهة لتنمية قطاع الصيد البحري والرقي بالمنتجات البحرية سنة 2009 ، الشيء الذي أحدث رجة في رؤية وأساليب استثمار قطاع الصيد البحري المغربي.

وتندرج هذه الرؤية ضمن مسلسل العصرنة والتطوير الذي شهدته مختلف القطاعات الإنتاجية والخدماتية المشكلة للنسيج الاقتصادي المغربي خلال السنين الأخيرة، ومن ضمنها على سبيل المثال لا الحصر “مخطط المغرب الأخضر” الذي أعطى للقطاع الفلاحي المغربي دفعة نوعية تجاوز إشعاعها الحدود الوطنية.

فبفضل استراتيجية أليوتيس، استطاع المغرب أن يرتقي بالقيمة الإجمالية للناتج الداخلي الخام الخاص بالصيد البحري إلى 15 مليار درهم سنة 2016، ليقترب بذلك من تحقيق الهدف المحدد في أفق سنة 2020 ، وهو بلوغ 18 مليار درهم .

كما مكنت هذه الاستراتيجية من تحقيق 95 في المائة من أهداف مخططات التهيئة الخاصة بالصيد البحري ، المبرمجة في إطار استراتيجية “أليوتيس 2020″، وذلك بعدما كانت مخططات التهيئة لا تتجاوز نسبة 5 في المائة، قبل إطلاق المخطط سنة 2009 ، وهذا ما جعل المغرب يبلغ مدارج متقدمة في ما يخص تنفيذ نموذجه المبتكر للتنمية المستدامة للثروات البحرية.

وفي سياق إبراز المنجزات التي حققها المغرب بفضل التنزيل المحكم لمخطط أليوتيس، أبرز وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، في ندوة صحافية عقدها بمناسبة تنظيم الدورة الرابعة لمعرض أليوتيس الدولي، أن الإنتاج الوطني لقطاع الصيد البحري انتقل من 950 ألف طن سنة 2011 ، إلى 46ر1 مليون طن سنة 2016 ، ليحقق بذلك زيادة قدرها 7 في المائة مقارنة مع سنة 2015، وزيادة سنوية معدلها 4 في المائة خلال الفترة ما بين 2010 و2016، ليسجل بذلك الإنتاج نسبة بلغت 88 في المائة من الهدف الذي حدد في أفق سنة 2020.

أما بالنسبة للقيمة المالية للإنتاج المغربي من الصيد البحري، فقد بلغت 5ر11 مليار درهم سنة 2016، مسجلة بذلك ارتفاعا قدره 8 في المائة مقارنة مع سنة 2015 ، وزيادة سنوية وصل معدلها إلى 10 في المائة في الفترة ما بين 2010 و 2016.

وفي ما يتعلق بالصادرات المغربية من المنتجات البحرية ، فقد وصل حجمها إلى 642 ألف طن سنة 2015 ، محققة بذلك زيادة قدرها 10 في المائة مقارنة مع سنة 2014 ، وزيادة سنوية معدلها 5 في المائة ما بين 2010 و 2015 . بينما بلغت من ناحية قيمتها المالية 4ر19 مليار درهم سنة 2015، لتشكل بذلك حوالي نصف صادرات المنتجات الغذائية الفلاحية الوطنية (48 في المائة)، وهذا ما يوازي 65 في المائة من الهدف المسطر في استراتيجية أليوتيس.

وكما لقي “مخطط المغرب الأخضر” إقبالا وتجاوبا سواء من طرف الدول الأجنبية الشقيقة والصديقة، والمنظمات الدولية المتخصصة وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، فإن مخطط (أليوتيس) بدوره لقي تجاوبا منقطع النظير من طرف هذه المنظمات وعدد من الدول الأجنبية التي أعرب عدد منها عن رغبته في اقتسام النجاح المغربي في ما يتعلق بالنهوض بقطاع الصيد البحري، ومنها كذلك من بادرت بالتوقيع على اتفاقيات لمواصلة تقديم الدعم والمواكبة للتجربة المغربية باعتبارها تجربة رائدة.

وقد شكل تنظيم الدورة الرابعة لمعرض “أليوتيس” فرصة لاقتسام هذا النجاح مع بعض الدول الإفريقية الشقيقة ( موريتانيا والسنغال وساحل العاج …) التي كانت حاضرة بقوة في فعاليات دورة هذه السنة ، سواء في سلسلة الندوات الموضوعاتية المنظمة بالمناسبة، أو عن طريق حضورها كدول عارضة لتجاربها المصنفة ضمن القطاع الخاص والقطاع العمومي على حد سواء.

ومن جملة الاتفاقيات العديدة التي تم التوقيع عليها في دورة المعرض لهذه السنة، هناك بروتوكول التعاون الموقع بين كل من المكتب الوطني المغربي للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والمكتب الوطني للسلامة الصحية لمنتجات الصيد وتربية الأحياء البحرية بموريتانيا، وذلك من أجل تعزيز أواصر العلاقات بين المؤسستين المغربية والموريتانية في مجالات المراقبة والمتابعة الصحية لمنتجات الصيد البحري وتربية الأحياء البحرية.

كما وقعت الوكالة الوطنية (المغربية) لتنمية تربية الأحياء البحرية على اتفاقية مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) حول بلورة استراتيجية لتنمية القطاع ، حيث ستعمل هذه الاستراتيجية الجديدة ، التي رصد لها غلاف مالي يفوق 2 مليون درهم مقدم من طرف المنظمة الأممية ، على إتمام الدراسة الأولية للوكالة ، والتي أتاحت الفرصة لتقييم إمكانات المغرب في مجال تربية الأحياء البحرية.

ومما لا شك فيه أن هذه الاتفاقيات ستعطي دفعة نوعية أخرى لقطاع الصيد البحري المغربي، لاسيما في الشق المتعلق منه بالاستثمارات، وبالأخص تثمين المنتوج ، مما سيكون له انعكاس إيجابي محسوس سواء على مستوى الرفع من الناتج الداخلي الخام للقطاع، أو إحداث الآلاف من فرص الشغل التي سيكون لها وقع كبير على الدورة الاقتصادية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *