متابعات

بعد خروجه من الخارجية…ماهي أسباب عودة العثماني إلى المؤسسة السياسية وكثاني رجل بالدولة؟

قبل ثلاث سنوات أعفي سعد الدين العثماني، من منصبه كوزير للشؤون الخارجية والتعاون، واليوم أعيد تكليف نفس الشخص بتشكيل الحكومة، ليصبح ثاني رجل في الدولة بعد الملك.

أسباب إعفاء سعد الدين العثماني من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون سنة 2013 ظلت مبهمة، وأسباب إعادته لأعلى منصب سياسي لم توضح أيضاً، باستثناء استقبال ملكي في قصر الدار البيضاء سلم فيه الملك للعثماني المفاتيح، في انتظار أن يتوصل للحكومة الأولى بعد الانتخابات البرلمانية لسنة 2016 داخل أجل لا يتعدى 15 يوماً.
خروج العثماني من الخارجية:

تعدد القيل والقال عن أسباب مغادرة سعد الدين العثماني لوزارة شؤون الخارجية والتعاون سنة 2013، ولم يحدد رئيس الحكومة آنذاك عبد الإله بنكيران السبب الحقيقي لإبعاد العثماني، باستثناء جملة يتيمة رماها في وجه كل سائلٍ: “المصلحة العليا للوطن تقتضي ذلك، والعثماني خرج مرفوع الرأس”.

إلا أن وجود سعد الدين العثماني لم يكن مرحباً به على رأس أهم الوزارات المغربية، بسبب رأيه في “الانتكاسات التي عرفها الربيع العربي قبل 4 سنوات في مجموعة من الدول العربية، خصوصاً في مصر”.

كان سعد الدين العثماني، الطبيب النفساني الهادئ، حازماً في رأيه بخصوص ما آل إليه الربيع العربي من نتائج، فكان من أول الرافضين للانقلاب العسكري الذي شهدته مصر، وأزاح الرئيس المنتخب محمد مرسي ليعوض بقائد الجيش عبد الفتاح السيسي.

لكن هذا الرأي الصادر من سفير الدبلوماسية المغربية لم يجد أيادي تصفق له داخل المغرب، التي كانت من أول المهنئين للرئيس المصري الجديد.

أسباب إبعاد العثماني لم يحددها رأيه في الربيع العربي فقط، بل تدخلت فيها دول خليجية على رأسها الإمارات العربية المتحدة، التي لم تكن تحمل الود آنذاك للعثماني، وفي نفس الوقت تتمتع بعلاقة دبلوماسية جيدة مع المغرب، وتحمل موقفاً معادياً لإخوان مصر، الذين ساندهم العثماني برأيه.

محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، قال في تصريح لـ”هافينغتون بوست عربي”، إن أسباب إبعاد العثماني من وزارة الخارجية والتعاون سنة 2013 ظلت مبهمة، إلا أن سياسة الرجل في الوزارة التي يرأسها “لم تكن تناسب دبلوماسية البلاد في تلك الفترة”، مضيفاً أن العثماني كان كبش فداء، وكان من الضروري التخلي عنه من طرف رئيس الحكومة ليشكل النسخة الثانية من الحكومة في ذلك الوقت.

وأوضح الغالي أن حزب التجمع الوطني للأحرار وضع عبد الإله بنكيران أمام شرط وحيد، ألا وهو الحصول على حقيبة الخارجية والتعاون مقابل قبوله تعويض حزب الاستقلال الذي غادر الحكومة في نسختها الأولى قبل أربع سنوات.
صديقي اللدود:

بعد إعفاء سعد الدين العثماني من منصبه كوزير للشؤون الخارجية والتعاون صمت كل قياديي حزب العدالة والتنمية الإسلامي، واكتفى أغلب من وضع الميكروفون أمامهم بمدح العثماني وما قام به خلال فترة توليه المنصب القصيرة، دون الدفاع عن أهم حقيبة وزارية.

واعتبر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة آنذاك والأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن تخلي الحزب عن وزارة الشؤون الخارجية كان ضرورياً لتجاوز “البلوكاج” (انسداد تشكيل الحكومة) الذي تسبب فيه حزب الاستقلال الذي غادر الائتلاف الحكومي حينها.
أسباب رجوع العثماني:

يقول معطي منجب، المحلل السياسي والناشط الحقوقي والمؤرخ بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن القصر اختار سعد الدين العثماني باعتباره “القيادي الأكثر قرباً من النظام، ولا يشكل أي إزعاج للسلطة وأجهزتها، باعتباره متحفظاً على أسرار القصر، ولا يتكلم كثيراً بالقدر الذي يعمل به، على عكس بنكيران الذي كانت كل خروجاته السياسية لا تخلو من تسريب ما يدور بينه وبين القصر قصد تكميم أفواه خصومه السياسيين”.

وأضاف منجب أن شخصية سعد الدين العثماني شخصية مهذبة، يمكنها أن تمرر المرحلة السياسية التي تمر منها البلاد بسلام، بالإضافة إلى الشعبية التي يتوفر عليها سعد الدين العثماني داخل حزب العدالة والتنمية وتأثيره على قيادات الحزب، ناهيك عن رصيده التاريخي باعتباره أول أمين عام للحزب بعد مؤسسه الأول عبد الكريم الخطيب.

واعتبر المحلل السياسي أن الدولة أرادت “جس نبض العدالة والتنمية” من خلال إصدار البلاغ الملكي الرامي لإعفاء بنكيران من منصب رئاسة الحكومة، عن طريق عدم تحديد اسم البديل لبنكيران، ووضع علامة استفهام عِوَض تعيين رئيس الحكومة الجديد عن طريق نفس البلاغ.
هل يتخلى القصر عن العثماني؟:

كيف يعقل تعيين نفس الشخص الذي كان مرفوضاً كوزير للخارجية في منصب رئيس الحكومة، في الوقت الذي كان من المفروض تعيين شخص آخر داخل حزب العدالة والتنمية؟

سؤال أجاب عنه منجب بالقول، إن القصر الملكي “كان ذكياً في اختيار العثماني”، إلا أن هذا لا يمنع من التزام العثماني بالدبلوماسية التي تسير عليها البلاد.

واعتبر منجب أن العثماني لن يخالف ما قام به سلفه عبد الإله بنكيران، الذي غير من أسلوبه في التعامل مع النظام بعد تعيينه رئيساً للحكومة، مشيراً إلى أن اختيار العثماني هو التقاء مصالح بين القصر وحزب العدالة والتنمية، الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية السابقة.

وأوضح أن القصر لا يزال في حاجة لحزب العدالة والتنمية، وهذا الأخير يحتاج أيضاً لولاية ثانية يظهر فيها سياسته التي عجز عن إظهارها في الولاية الممتدة بين 2011 و2016.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *