خارج الحدود | هام

تعرف على نقاط التشابه بين الرئيسين ترامب والسيسي

جذب الاستقبال الحميم الذي تلقاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض من قبل نظيره الأميركي دونالد ترامب انتباه وسائل الإعلام الغربية، والتي لفتت إلى أنه جاء بعد أسبوعين فقط مما بدا أنه رفض من قبل ترامب لمصافحة المستشارة الألمانية المرموقة أنغيلا ميركل.

وبالنسبة للسيسي، أول زعيم أجنبي يهنئ ترامب بعد فوزه المفاجئ في الانتخابات، لاجتماع المكتب البيضاوي معنى خاص إذ لم يدعه الرئيس السابق باراك أوباما إلى البيت الأبيض أبداً، حسبما أشار تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

فمنذ حصوله على السلطة قبل نحو 4 سنوات، حُرِم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من دخول البيت الأبيض. غير أنَّ الرئيس ترامب أوضح الاثنين، 3 أبريل 2017، أنَّ فترة النبذ تلك قد انتهت مع استضافته للسيسي وتعهُّده بتقديم دعمٍ غير محدودٍ للحاكم المُستبد، حسب وصف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وقال ترامب إن الرئيس المصري، قام بعمل رائع في وضع صعب للغاية، في إشارة إلى الانقلاب العسكري على محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في عام 2013 ونحن وراء مصر وشعب مصر”حسب صحيفة الإندبندنت البريطانية.

وقال ترامب: “أريد فقط أن أعلم الجميع أننا نقف بقوة خلف الرئيس السيسي، في حال كان هناك أي شك في ذلك”.

واعتبرت صحيفة نيويورك تايمز أنه في هذه اللحظة، أكَّد ترامب تحوُّلاً جوهرياً في السياسة الخارجية الأميركية منذ تولّيه الرئاسة.

فبينما اعتبر سلفه، أوباما، أنَّ المُستبدِّين من أمثال السيسي هم قادة بغيضين وتجنَّبهم في بعض الأحيان، أشار ترامب إلى أنَّه يرى العلاقات الدولية عبر منظور الصفقات. وإذا كان بإمكان مصر أن تكون شريكاً في المعركة ضد الإرهاب الدولي، فإنَّ حسابات ترامب سترى إذن أنَّ هذا يُمثِّل بالنسبة للولايات المتحدة أهميةً تفوق المخاوف بشأن قمعها الوحشي للمعارضة الداخلية.

ولا شيء قد يجعل السيسي أسعد من هذا. فقد وصل من القاهرة حاملاً قائمة من المطالب المالية، والأمنية، والسياسية، لكنَّه حصل على ما أراده حقاً خلال تلك الدقائق الست التي سُمِح للمُصوِّرين الإعلاميين في المكتب البيضاوي خلالها بتوثيق الزيارة التي حرمه منها الرئيس أوباما.

وكانت صورة الجنرال الذي تحوَّل إلى رئيسٍ في البيت الأبيض، والذي حلَّ ضيفاً على الرئيس الأميركي الذي يُغدِقه بالثناء، بمثابة خَتم الموافقة الذي تاق إليه طويلاً، أي الحصول على تصديقٍ من رجلٍ قوي في أبرز ساحات العالم.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش بقيادة السيسي، الذي كان جنرالاً استغل، الغضب الشعبي ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي واستولى على السلطة، وأصبح السيسي رئيساً عبر انتخاباتٍ شكلية فاز فيها بـ97% من الأصوات، حسب نيويورك تايمز.

ولم يأتِ ترامب في تصريحاته العلنية، الإثنين، على ذكر قضايا حقوق الإنسان. وقال مساعدوه إنَّه يعتقد أنَّ مناقشتها بخصوصيةٍ قد يكون امراً أكثر فعالية.

وقال ترامب للسيسي: “أود فقط أن أخبرك، سيادة الرئيس، أنَّ لديك صديقاً وحليفاً قوياً في الولايات المتحدة وفيّ أنا”.
وردّ السيسي بصورةٍ لطيفة، وفي بعض الأحيان بلغةٍ تُحاكي طريقة ترامب الدعائية، وقال: “ستجدني أنا ومصر بجانبك دائماً في تنفيذ استراتيجيةٍ فعَّالة لمكافحة الإرهاب”. وتعهَّد كذلك بدعم جهود ترامب للتفاوض حول السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، واصفاً تلك الجهود بأنَّها محاولةٌ لـ”إيجاد حلٍ لمشكلة القرن في صفقة القرن”.

كما قال السيسي لترامب أنه يكن له تقديراً عميقاً ل”ـشخصيته الفريدة” ودعاه بفخامتك” ثلاث مرات، حسب الإندبندنت.

إعجاب شخصي

وتعلق صحيفة التليغراف البريطانية على هذا الجانب الشخصي في العلاقات قائلة ، ضع العلاقات الدولية جانباً، فإن ترامب والسيسي يبدو أنهما معجبان ببعضهما البعض شخصياً.

وفي حين كانت مصر لفترةٍ طويلةٍ حليفاً أساسياً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يبدو أنَّ إعجاب ترامب بالسيسي يعكس في بعض جوانبه تقديره للرئيس الروسي فلاديمير بوتين باعتباره شخصيةً قوية نظيرة له، حسب نيويورك تايمز.

 فبعد لقائهما الأول في شتنبر 2016 على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، حينما كان ترامب لا يزال مُرشَّحاً للرئاسة، أشاد بالسيسي باعتباره “رجلاً رائعاً”، وتحدَّث بإعجابٍ عن أساليب قبضته الحديدية. وقال ترامب في مقابلةٍ مع شبكة فوكس بيزنيس: “لقد سيطر على مصر. وسيطر عليها حقاً”.

وبينما كان يستعد السيسي للقاء ترامب الإثنين، أصدرت محكمةٌ في القاهرة حكماً بسجن 17 شخصاً مدة خمس سنوات لكلٍ منهم لمشاركتهم في احتجاجاتٍ في الشوارع في يناير 2015.

وفي روما، عقد والدا جوليو ريجيني، طالب الدراسات العليا الإيطالي الذي عُثِر عليه قتيلاً في القاهرة العام الماضي، مؤتمراً صحفياً للتأكيد على اتهاماتهما القديمة بأنَّ مسؤولي أمن مصريين قد اختطفوا، وعذَّبوا، وقتلوا ابنهما، ربما للاشتباه في أنَّه كان جاسوساً. وقالت محامية الأسرة، أليساندرا باليريني، إنَّهم تعرَّفوا على اثنين من المسؤولين البارزين في جهاز الأمن الوطني المصري اللذين قِيل إنَّهما متورِّطان في القضية، لكنَّها رفضت الكشف عن مزيدٍ من التفاصيل.

أوجه تشابه لافتة

وبحسب مُحلّلين من منطقة الشرق الأوسط، فإنَّه بعيداً عن الحب المشترك للخطاب القوي الذي يُحذِّر من أخطار الإسلام الجهادي، يمتلك ترامب أوجه تشابه لافتة للنظر مع شكل الاستبداد الذي يمارسه السيسي في مصر.

فكلا القائدين وصلا إلى السلطة مُتعهِّدين بمشروعاتٍ استعراضية سخر منها الخبراء، مثل التوسيع باهظ التكلفة لقناة السويس بالنسبة للسيسي، والجدار العملاق على طول الحدود مع المكسيك بالنسبة لترامب. وفي الخطابات، سُخِر من كليهما لادِّعاءاتهما المُبالِغة، وتبنّي نظريات المؤامرة، والتحدُّث بأسلوبٍ بلاغي ضعيف.

وكثيراً ما يسخر المصريون أيضاً من السيسي لحديثه بلهجةٍ عربية ريفية تتعارض مع اللهجة الفصحى التي يُفضِّلها القادة الوطنيون عادةً. ووجدت دراسةٌ أنَّ مستوى قواعد النحو والكلمات التي يتمتَّع بها ترامب تُضاهي مستوى طالبٍ بالصف الخامس، حسب نيويورك تايمز.

ويوصم كلا القائدين بفرط الحساسية ويُظهِران شعوراً تلقائياً بالاعتداد بالذات. وفي الشهور الأخيرة، صوَّر ترامب الانتقادات له في وسائل الإعلام “ذات الأخبار الزائفة” باعتبارها “عدواً للشعب الأميركي”. والعام الماضي 2016، وخلال نوبةٍ من الغضب، قال السيسي للمصريين: “لو سمحتوا، ماتسمعوش كلام حد غيري أنا”.

وأبرز نقاط التشابه بينهما كذلك حسب صحيفة التليغراف البريطانية ، أن السيسي عدو لدود لجماعة الإخوان المسلمين وحظر التنظيم في مصر بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب ديموقراطيا محمد مرسي. وقد قتل آلاف من أنصار الإخوان أو سجنوا منذ توليه السلطة.

بدوره عكف ترامب على فكرة تسمية جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، ومن المؤكد أن ذلك يرضي السيسي. ولكن هناك الكثير من المقاومة للتحرك من الدبلوماسيين الأمريكيين والقادة العسكريين الذين يقولون أنه من المحتمل أن يؤجج العلاقات مع تركيا والحكومات الإسلامية الأخرى.

كما اعتبر تقرير لصحيفة الإندبندنت أن أحد أوجه التشابه بين ترامب والسيسي هو المبالغة في الحديث عن الأعداد التي تنزل للشوارع لتأييدهما، معيدة للأذهان حديث الجيش المصري ووسائل الإعلام المحلية عن نزول الملايين للشوارع للمطالبة بإقالة الرئيس المنتخب محمد مرسي في 30 يونيو 2013 حتى أوصلوا العدد في بعض التقديرات لـ33 مليون شخص أي نحو ثلث الشعب المصري، الأمر الذي وصفته بي بي سي بمبالغة هوليودية، ويذكر كل ذلك بجدل ترامب وإدارته حول الحضور في حفل تنصيبه، وحديثهم الذي أثار السخرية عن الحقائق البديلة التي توفرت لديهم عن الأعداد الضخمة التي حضرت حفل التنصيب دون أن تظهرها وسائل الإعلام.

اختلافات في الإسلوب

ومع ذلك، تُوجَد اختلافات كبيرة بين أسلوبيهما في العديد من الجوانب الأخرى. ففي حين أنَّ ترامب يتصارع مع وسائل إعلام مناوئة ومجموعاتٍ متمردة داخل الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه، زجَّت حكومة السيسي بعشرات الصحفيين في السجون، وفقاً لمجموعات حرية الصحافة، في حين يمتلئ البرلمان بمؤيديه، حسب نيويورك تايمز.

ولا يزال من غير الواضح ما الذي يمكن لكلا القائدين أن يُقدِّمه للآخر بصورةٍ ملموسة. فقد تجاهَلَ السيسي النداءات الصاخبة للإفراج عن آية حجازي، ناشطة الإغاثة الأميركية المسجونة في مصر، بينما يبحث البيت الأبيض تقليص المساعدات الخارجية لدولٍ من ضمنها مصر ومعونتها العسكرية البالغة 1.3 مليار دولار. ويبدو أنَّ إدارة ترامب أيضاً قد جمَّدت مقترحات تصنيف جماعة الإخوان المسلمين في البلاد تنظيماً إرهابياً.

وبحسب مسؤولين غربيين في القاهرة، فإنَّ أحد الأشياء التي يرغبها السيسي بشدة هو أن يعيد ترامب اتفاقاً للتمويل العسكري، أُوقِفَ فترة حكم أوباما في 2015، ويَسمح لمصر على نحوٍ فعَّال بأن تشتري الدبابات، والطائرات الحربية، وغيرها من المُعدَّات العسكرية عالية التكلفة التي ترغب فيها بنظام السداد الآجل. ومن شأن اتفاقٍ كهذا أن يمنح السيسي شيئاً يعود به إلى الوطن من أجل داعميه في الجيش.

غير أنَّ الخبراء يقولون إنَّه في حين أنَّ اتفاق التمويل العسكري قد يُسعِد مُتعهِّدي الدفاع الأميركيين، فإنَّه قد يُعطِّل تحقيق أهداف مكافحة الإرهاب الأميركية عبر جعله لمصر أقل احتمالاً لتوجيه الموارد إلى شراء الأسلحة الأصغر التي تلائم القتال ضد مُتمرِّدي داعش في سيناء بصورةٍ أكبر.

ويخشى بعض الخبراء من أنَّ النهج المُتشدِّد للسيسي تجاه الإسلاموية، بحظره لكافة أشكال الإسلام السياسي، مثل جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن محاربة العنف الجهادي، قد يُغذِّي نبعاً جديداً للتطرُّف يمكن أن يرتد وينفجر في وجه الولايات المتحدة.

وقالت إيمي هوثورن، من منظمة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، المنظمة غير الربحية في واشنطن التي انتقدت السيسي بشدة: “قد تبدو الصفقة الاستبدادية التي توصَّلت إليها الولايات المتحدة مع مصر هي الشيء الصحيح لفعله، لكنَّها لن تُحقِّق المرجوّ منها أبداً على المدى البعيد. إنَّ الأمر لا يتعلَّق فقط بكوننا نقف على الجانب الخاطئ من التاريخ، ولكن أيضاً حول الاستثمار المُفرِط في نظامٍ يُغذّي التطرُّف الذي سيُضرّ في نهاية المطاف بمصالح الولايات المتحدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *