ملفات

حكومة أمازيغ الصحراء

في تعليق على النسخة الثانية لحكومة بن كيران، والتي ظلت شبيهة بحكومات سابقة، يصنعها المخزن على هواه، نقدم لكم هذه الصورة التذكارية، لحكومة “أمازيغ الصحراء” بسيدي افني، عددهم لا يتجاوز 21 مسؤولا في إدارة شؤون الإقليم بمعية مراقبين إسبان.

الصورة إنما نحاول فيها التذكير بأهمية صناعة القرار انطلاقا من إدارة سيدي افني عاصمة الصحراء بدءا من أبريل 1934، إلا أن الدسائس المدبرة والمؤامرات المحبوكة ضد أبناء المنطقة تجعلنا نتساءل عما وقع بالضبط؟ وعن التهميش الممنهج إنسانا وثقافة، ولعل الصورة معبرة عن طريقة إدارة وتدبير المنطقة، بقواعد عرفية عريقة وقع عليها التعتيم عمدا، الباعمرانيون في الصورة حافظوا على جلباب وعمامة لم نعد نراه في بوادينا ولا حواضرنا، إنها سياسة تهدف إلى إقبار مجد تاريخ المنطقة.

وفي كتاب أشبه بمرافعة لأحد الكتاب الإسبان تحت عنوان “تسليم افني كما ورد في الصحافة الاسبانية”، يتحدث فيه عن مذكرة قدمها وزير الخارجية الاسباني بلانكو في “الكورطيس” البرلمان الاسباني، تحدث فيها عن الدوافع التي جعلت اسبانيا تتخلى عن افني سنة 1969، وعن علاقة ذلك بميزانية الدولة وبجبل طارق.

وهنا نستحضر في تلك المرافعة أن ميزانية التدبير الحكومي بإقليم سيدي افني تجاوزت المليار بسيطة سنويا، موزعة على قطاعات مهمة، كالتعليم، والفلاحة، والثقافة، وميزانية خاصة لوكالة الإعلام افني التي تسعى اللوبيات العقارية اليوم إلى هدمها في خروقات سافرة لا تحترم على الأقل التراث الإنساني الشاهد على مرحلة معينة من التاريخ.

حكومة سيدي افني كانت تضم خيرة الرجال في الإدارة والتسيير، وعلى رأسهم أحمد البشير المستاوي، أول باشا على إقليم سيدي افني، ورجال الأعمال بالمفهوم الأوربي “أي البرجوازية الوطنية”، كالحاج بنتكي البجرفاوي، الذي عرف بالتجارة وفي نفس الوقت كان مسؤولا على قطاع التعليم الأصيل ومنهم محمد أوبلعيد الخلفاوي وغيرهم، دون أن نغفل زعماء القبائل السبع كان آخرهم أمغار عبد الكريم.

فحكومة سيدي افني كانت هي القائمة على شؤون الصحراء وضعت تصورا لتدبير المؤسسات  جعلها إقليما بالمفهوم الجهوي في أوربا على غرار أقاليم كتلا نيا والأندلس فكانت تتوفر على مطار دولي مازال مهمشا إلى حدود اليوم، ومنشآت مهمة اقتصادية كميناء المدينة الذي تم إتلاف بنياته.

ومؤخرا بيعت أجهزة تنقل البضائع والحاويات المصندقة التي تعود إلى الفترة الإسبانية وفي خرق سافر لحقوق الشعوب في الاحتفاظ بتراثها ومن جهة تحولت الكنيسة إلى مقر المحكمة بالمدينة ومازالت كذلك كما توقفت السفارة الاسبانية في ممارسة مهامها رغم أن الآلاف من الأرامل من جيوش الطوابير المشاركة في الحرب الأهلية لها ارتباط بمصالح إدارية اسبانية ناهيك عن تهريب الكنوز وهدم المساجد والأضرحة، وتهميش كل ماله بصلة بتراث المنطقة، إضافة إلى احتلال شبه مقصود لأملاك السكان.

ولعل العبرة في الصفقات المشبوهة التي تقدم عليها الأملاك المخزنية سواء لتفويتاتها التي تطرح أكثر من علامة استفهام فغاب ما يسمى قانون نزع الملكية إلى درجة أن غياب حكومة سيدي افني وإدارتها المتميزة في العهد الإسباني جعل المنطقة برمتها خالية من سكانها وتسبب ذلك في هجرة غير مسبوقة ناهيك عن شبه إتلاف لكل المرافق التي كانت يوما ما رمز ازدهار المدينة وضواحيها فهل حكومة بن كيران في نسختها الثانية تعي أن من سيدي افني تعاقبت حكومات بعدد قليل من الأعضاء.

وبتمثيلية أهل المنطقة الذين غابوا في إدارة تسيير دواليب القرار مند سنة 1969 بن كيران اليوم شاهد على تاريخ اعتقال مناضلين قاموا بالدفاع عن إلتهام ثرواتهم وتراثهم كما شاهدوا على أن حكومات الرباط وسلا وما جورهما لا تفيد أمازيغ الصحراء في شيء فهل يعلم هؤلاء الذين يحاولون قمع أبناء المنطقة أن حكومة سيدي افني وقعت اتفاقية اقتصادية دولية رهينة بثروة الصحراء لم يفتحوا ملفها الى حدود اليوم كما أن ثرواتهم اليوم خاصة تلك المرتبطة بالتنقيب على البترول لم يعد ممكننا أن يغضوا عنها الأبصار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *