ملفات

فساد قيادات البوليساريو .. الخطر الذي يهدد كيان الجبهة

لا يخفى على المتتبعين للشأن الصحراوي البون الشاسع بين الترف والنعيم الذي ترفل فيه القيادة المتحكمة في جبهة البوليساريو وبين البؤس والفقر والضياع الذي يعيشه الصحراويين بمخيمات تندوف، فقد تحولت المساعدات الإنسانية الدولية و”هدايا” الجزائر إلى وسيلة للاغتناء الفاحش لهذه القيادة، التي راكمت الثروات والأرصدة سواء بموريتانيا أو ببعض العواصم العالمية، وهو الشيء الذي يحفزها على إطالة أمد نزاع الصحراء ضدا على مستقبل أبناء المخيمات، الذين يعيشون في فضاء تنعدم فيه أبسط شروط الحياة الكريمة.

“مشاهد”، ترصد في هذا التحقيق معطيات حصرية تنشر لأول، حيث قضت الجريدة أسابيع في جمع المعلومات والمعطيات من مصادر عدة لها ارتباط وثيق أو كان بمطبخ الجبهة، وهي المعلومات التي توضح بالملموس حجم الفساد الذي بات ينخر قيادة البوليساريو وأتباعها النافذين.

مخيمات تيندوف

تتنوع نماذج اغتناء عناصر القيادة المتحكمة في جبهة البوليساريو بتنوع مواقعهم ومراتبهم وأماكن اشتغالهم، كما أن حكايات تمكين الأقارب وأفراد العائلة من المناصب وتفشي المحسوبية، وغلبة منطق الغنيمة، تتكرر على مسامع جل المتتبعين، وتعتبر زوجة زعيم الجبهة خديجة مجدي وعمر بولسان ممثل البوليساريو بجزر الكناري نموذجين يختزل فساد القيادة المذكورة.

عمر بولسان .. رمز الفساد بقيادة البوليساريو

عمر بولسان

يعتبر عمر بولسان ممثل البوليساريو بجزر الكناري نموذجا يختزل فساد القيادة المذكورة. فعلى لسان إحدى الصحراويات التي عرفت بولسان عن قرب نتعرف على مظاهر الاغتناء، وتغليب القبلية، وتفشي مواقف الانتهازية والنرجسية وغيرها من تجليات الفساد.

ففي لقاء لها مع “مشاهد” قالت الصحراوية “أ.م” مفضلة حاليا عدم الكشف عن اسمها، أنها عرفت عن قرب المدعو عمر بولسان ممثل البوليساريو بجزر الكناري، كما تعرفت على حقيقة هذا القيادي داخل الجبهة، واسمه الحقيقي محمد ولد السالك ولد عبد الصمد من قبيلة تيدرارين، واسمه الحركي عمر بولسان، حيث يمنع كليا على أي أحد أن يناديه باسمه الحقيقي.

وقالت الصحراوية التي كانت إلى وقت قريب قريبة بولسان، إن هذا الأخير الذي بدأ حياته عاملا بسيطا بمحطة للوقود بطرفاية، وهي عقدة تشعره بالدونية، مما دفعه إلى مراكمة ثروات كبيرة من خلال الاستيلاء على جزء كبير من التمويلات المقدمة من الجزائر والمنظمات الدولية.

وتقول المتحدثة في تصريحاتها لـ “مشاهد”، إن بولسان استغل مسألة الوفود التي تذهب إلى مخيمات تندوف حيث ظهر رفقة أول وفد كان يتكون حينئذ من 7 أشخاص وهم علي سالم التامك، وابراهيم دحان، والصالح لبيهي، واحمد الناصيري، ورشيد الصغير، ويحضيه التروزي، ثم الدكجة لشكر، لتأتي الوفود تباعا في كل ذكرى لدى الجبهة.

وتضيف المتحدثة أنه عندما كان يتم استقبال أي وفد، وبطريقة لا تخلو من الانتهازية يظهر عمر بولسان بأنه هو المكلف بالوفد وبرنامجه ومراقبة تحركات كل عناصره، وتشير المتحدثة الصحراوية أن آثار الاغتناء والاسترزاق بادية على حياة بولسان الذي أحاط به عدد من العناصر المنتمية لقبيلته تيدرارين.

وأضافت أنه كان يتلقى التمويلات من لدن اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع “الشعب الصحراوي”، ومما يسمى بوزارة الأرض المحتلة والجاليات، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المنظمات والجمعيات المساندة للجبهة، والتي تدعي مساندتها لانتفاضة الاستقلال بالصحراء، وكذا من لدن الجاليات الصحراوية بالخارج.

وتضيف المتحدثة في ذات التصريحات أن عمر بولسان مكلف بتسيير ما يسمى بانتفاضة الاستقلال ماديا واستراتيجيا، حيث يقوم بتوزيع الدعم لبعض العناصر والجمعيات واللجان الحقوقية وأيضا للفرق الإعلامية المتواجدة بالصحراء.

وتقول الصحراوية إن بولسان مكلف بإرسال تقارير يومية عن ما يحدث بالصحراء، وبواسطة هذه الأنشطة استطاع بولسان تضيف الصحراوية “أ.م”، أن يراكم ثروات هائلة، فكل ما يتلقاه من دعم مالي يرسل منه نسبة قليلة، والباقي يذهب إلى جيبه.

وقصد ضمان سرية أنشطته وحساباته المالية أحاط بولسان نفسه بعدد من أبناء قبيلته تيدرارين كإبراهيم دحان الذي يتلقى دعما كبيرا من بولسان من أجل تسيير وتأطير الشباب بالعيون، وأيضا خيا سلطانة بنت عم بولسان حيث بعد إصابتها في مدينة مراكش على مستوى العين سنة 2008 قام هو بتطبيبها بإرسال مبالغ مالية ضخمة لها، حيث الآن وضعها المالي جد ميسور، وأيضا الطالب محمد حالي الذي يكلفه بولسان بالمواقع الجامعية ويرسل تقارير يومية لبولسان وهو أيضا يتلقى دعما ماليا ضخما منه.

كل هؤلاء-تضيف المتحدثة- ينتمون لقبيلة أولاد تيدرارين التي يتنمي لها بولسان، وقد دفع هذا الوضع بعدد من الأصوات إلى التنديد بهذا السلوك القبلي الذي يقوم به بولسان.

ومن الحقائق المثيرة التي كشفت عنها “أ.م” أن عمر بولسان مهووس بالجنس اللطيف، فهو في أغلب حالاته زير نساء، يظهر ضعفا كبيرا أمام النساء الجميلات، فلديه قصص غرامية كثيرة من قبيل علاقته بالمدعوة “ف.ب”، وأيضا مع إحدى المتزوجات بالعيون، إلا أنه تربطه بها علاقات حميمية كبيرة.

وأضافت المتحدثة أن بولسان له علاقة متوترة مع ما يعرف بتجمع المدافعين الصحراويين على حقوق الإنسان، وخصوصا مع رئيسته امينتو حيدار، فهي تتحاشى التعامل معه، ومن جهته فهو يحاول دائما أن يبعدها عن المشاركة في عدة محافل دولية، كما له عداوة كبيرة مع نائب رئيس التجمع علي سالم التامك، فقد دخل بولسان في عدة صراعات مع اعلي سالم التامك في تظاهرات عديدة سواء باسبانيا أو بتندوف حيث وصلت إلى السب والشتم، إذ يصف بولسان التامك بأنه عميل ومدسوس من المخابرات المغربية، في الوقت الذي يصف التامك بولسان بأنه قبلي وعنصري وإقصائي.

وقد وصلت هذه العلاقة المتشنجة إلى التشابك بالأيدي إبان مشاركة أحد الوفود في الجامعة الصيفية في نسختها الثالثة صيف 2012، والشيء نفسه حصل مع المدعو علوات سيدي محمد رئيس جمعية إبصار الخير للمعاقين بالعيون حيث تبادلا السب والشتم خلال أشغال الجامعة الصيفية بولاية بومرداس بالجزائر في نسختها الرابعة صيف 2013. وتقول الصحراوية المتحدثة إن كل من لم يرضخ لبولسان ولإملاءاته ونزواته يصبح عميلا للمخابرات المغربية، إذ يحاول أن تتم كل الأنشطة التي تنظم بالصحراء أو بالجامعات تحت أوامره ووصايته وبتعليمات منه وأي نشاط خارج عن تعليماته فيصبح نشاطا للاستخبارات، حسب تعبير بولسان.

زوجة الزعيم .. راعية الفساد المالي

خديجة حمدي زوجة رئيس جبهة البوليساريو

تعتبر خديجة مجدي زوجة زعيم البوليساريو ووزيرة الثقافة بالحكومة الوهمية، من أبرز راعي الفاسد المالي بالجبهة، حيث تثير طريقة تصرفها في الأموال المتفقدة على المخيمات الكثير من اللغط وسط ساكنة تيندوف.

وقد أثار تنظيمها لمهرجان السينما استنكار عدد من شباب المخيمات الذين رأوا فيه إهدارا لأموال المساعدات الإنسانية، والتي كانت من المفترض أن تتوجه لتغطية الحاجيات الضرورية من المواد الغذائية والتموينية لصحراويي المخيمات، عوض إقامة حفلات استقبال بـ “القبل الحارة” على شرف حفنة من الممثلين الذين يبحثون عن جرعة شهرة زائدة.

وفي هذا الصدد حصلت “مشاهد” على معلومات من داخل المخيمات تفيد بأن الفساد المالي الذي طال المهرجان، اكتشف أمره السنة الماضية خلال اجتماع بمدريد، فالمهرجان الذي تشرف عليه ما يطلق عليها تهكما “السيدة الأولى” في الرابوني زوجة عبد العزيز ووزيرة الثقافة، عرف تسيبا كبيرا على مستوى تدبير موارده المالية، حيث اشتكت جمعيات اسبانية تساعد في تمويل مهرجان السينما من الفساد المالي وتزوير الفواتير.

فخلال اجتماع عقد بالعاصمة الاسبانية مدريد يوم 28 شتنبر 2013 وكان مخصصا لتقييم برنامج ما يسمى بـ “عطل من أجل السلام” بحضور ممثلين عن جمعيات تساند البوليساريو، قدم ممثل إحدى الجمعيات المذكورة التي تساعد في تمويل “مهرجان تندوف” أمام هذا الاجتماع وثائق تثبت تورط ممثل البوليساريو بمنطقة مدريد “بشريا بيون” في الفساد المالي البين، إذ بعد إطلاع الحاضرين على نسخ من الوثائق تبين أن المسؤول المذكور رفقة نائبه بمدريد تقدما بفواتير ووثائق مزورة لتبرير استيلائه على أموال المساعدات، كما أصرت الجمعية المذكورة على التوجه للقضاء الاسباني للحسم في هذه النازلة معتبرة هذه الأموال مهربة ومنهوبة عوض أن تصل إلى مخيمات الصحراويين بتندوف.

وقصد تطويق هذه الفضيحة التزم ممثل البوليساريو باسبانيا خلال ذات الاجتماع بإيجاد حل للفضيحة، قد يكون على شكل تغيير على مستوى تمثيلية مدريد، وأضافت المصادر التي أوردت تفاصيل هذه الفضيحة أن الكثير من المسؤولين بقيادة البوليساريو المكلفين بجمع المساعدات متورطون في قضايا الفساد المالي، إذ تقوم جهات داخل القيادة بالتغطية على تصرفاتهم بواسطة مدهم بفواتير مزورة للاستيلاء على أموال الجمعيات والمنظمات الإنسانية.

وفي علاقة بفضائح مهرجان السينما بتندوف، أفادت ذات المصادر أنه من المستبعد قيام قيادة الجبهة بأي تغيير لمعالم الفساد، نظرا لسطوة وتنفذ زوجة عبد العزيز راعية هذا المهرجان، والتي تحظى بدعم سخي في عز الأزمة التي تضرب المخيمات، مما جعل عددا من شباب المخيمات يحتجون على فعاليات مهرجان السينما معتبرين إياه ملتقى يدافع عن الخلاعة الجنسية، مضيفين أن المهرجان يدافع عن الحريات الجنسية وليس عن حقوق الإنسان، والذي ليس سوى شعارا زائفا ترفعه قيادة البوليساريو.

الصفقات .. الفساد المستشري

عبد العزيز بوتفليقة ومحمد بنعبد العزيز

لا تزال قصص وحكايات الفساد المالي التي تنخر قيادة جبهة البوليساريو تثير الكثير من الجدل والاستنكار داخل مخيمات تندوف، إلى درجة أن أصواتا كثيرة أصبحت تتعالى منددة بهذا الفساد الذي انخرطت فيه تلك القيادة، وراكمت بواسطته ثروات كبيرة على حساب معاناة صحراويي المخيمات، وتأتي انتفاضات شباب التغيير في إطار التعبير عن انسداد الأفق، واستشراء مظاهر الزبونية والقبلية والفساد المالي.

وحسب مصادر من المخيمات، فإن ما حدث بإحدى “إدارات البوليساريو” يؤكد أن التسيب والفساد أصبح قاعدة ثابتة وعملة رائجة، ويتعلق الأمر بعملية سطو منظمة انخرط فيها تجار وموظفون بالمخيمات، حيث أقدمت هذه المجموعة على توقيع عقود مع مؤسسة خاصة جزائرية على أساس توريد مستلزمات واحتياجات ما يسمى بوزارة الدفاع من مكيفات هوائية وثلاجات، في صفقة بلغت قيمتها 2 مليار دينار جزائري، وبعد الاتفاق مع رجل أعمال جزائري من ولاية أدرار الجزائرية واستقدامه لمعاينة المؤسسات المحتاجة بمرافقة فريق “الحماية للدرك الوطني”.

وبعد استخراج كافة وثائق المرور وتسهيل الطريق ليوقع في النهاية على عقد الشراء، تم تسليم الدفعة الأولى من الصفقة إلى المخيمات على أن يستلم رجل الأعمال قيمتها في آجال أسبوعين بعد تسديد المبلغ من جهات أجنبية داعمة، غير أن هؤلاء الموظفون والتجار قاموا ببيع تلك الاحتياجات ببيعها في الأسواق ولاذ بعض أفرادها بالفرار، وهو ما جعل رجل الأعمال الجزائري يعض أصابع الندم، بعدما تعاملت معه قيادة البوليساريو باللامبالاة.

ووفق المعلومات التي حصلت عليها “مشاهد”، فإن قيادة البوليساريو اكتفت بالتحقيق مع هؤلاء المتورطين وإطلاق سراحهم، حيت يتعلق الأمر بشخصين ذوي نفوذ كبير ووسيطين اثنين.

والأول حسب مصدرنا دائما هو “ب.ب” وهو المكلف بتدبير الأختام وهو من مواليد بداية السبعينيات، ويشتغل عسكريا بما يسمى بمديرية الأفراد الجهوية للناحية العسكرية السادسة، وتربطه صلة مصاهرة بمستشار محمد عبد العزيز، فيما الشخص الثاني فهو المسؤول عن استخدام الأختام المستعملة، ويدعى “س.م”، من مواليد أواخر الستينيات، ويشتغل مديرا للأفراد بما يسمى بالناحية العسكرية السادسة، ومقرب من وزير الدفاع لدرجة أن البعض يصفه بمستشار الوزير.

أما الوسيطين فالأمر يتعلق بـ “م.س، وهو من مواليد أواخر الستينيات، ويشغل قائد كتيبة بما يسمى بالدرك ومنتدب لدى وزارة العدل وظيفته مديرا للسجن، سبق أن أدانته محكمة جزائرية بتهمة تهريب المخدرات وأودع السجن وفر منه لاحقا، وعاد إلى مزاولة عمله، هو قريب لرئيس البوليساريو محمد عبد العزيز ولزوجته. أما الوسيط الثاني فهو: “ل.ل”، من مواليد نهاية الستينيات قائد فصيلة بالدرك، منتدبا لدى وزارة العدل ووظيفته مديرا للسجن بالنيابة.

ارتماء في أحضان الدعارة والمخدرات

سيدة صحراوية

تتداول عدد من وسائل الإعلام المقربة من البوليساريو تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات وتهريبها وإنشاء معامل تقليدية لصناعة الخمور بالمخيمات. ففي الوقت الذي حذرت فيه تقارير بعض المنظمات الدولية من تنامي نشاط الحركات الإرهابية داخل مخيمات تندوف، تذهب التقارير الصحفية المذكورة إلى أن هذه المخيمات تعيش، من جهة أخرى، على إيقاع تنامي ظاهرة التعاطي للمخدرات، وانتشار معامل الخمور التقليدية، وتفشي مظاهر الفساد والانحلال الأخلاقي.

وفي هذا السياق، ذهل ساكنة المخيمات والانفصاليين بالأراضي الإسبانية، بفضيحة مدوية كانت بطلتها المدعوة “ليلى بنت باكيتو”، وذلك عندما انتشر بين الصحراويين خبر تعاطي الفتاة المذكورة للدعارة علنا في أحد الأفلام البورنوغرافية، “حيث تم نشر أربعة تسجيلات فيديو لها – لحد الساعة – على الموقع الإباحي الإسباني “PORNOTERIA” وهي تمارس مع العديد من الرجال وبوضعيات مختلفة”، حسبما أفاد مصدر من داخل المخيمات.

لكن المثير في هذه القصة، ليس تعاطي فتاة انفصالية للدعارة، إذ أن ذلك منتشر بشكل رهيب وسط الانفصاليات القاطنات بأوروبا، ولكن لأن الفتاة ليست سوى ابنة القيادي الانفصالي الملقب بـ “ولد باكيتو” الذي يعمل ممثلا للجبهة بالأندلس، كأحد معاوني “عابدين بشرايا”.

كما أن الفتاة (التي بات تلقب بالفاسقة وسط الصحراويين) في الوقت نفسه هي ابنة أخ القيادي الكبير “محمد سالم ولد الحاج أمبارك ولد باكيتو” الذي تقلد عدة مناصب “حكومية” حيث عمل بعدة تمثيليات بأوروبا قبل أن يصبح سفيرا للجمهورية الوهمية بإيران ثم الهند إلى أن توفي ستة 2005 بهولندا بعد صراع مع مرض عضال.

أما ارتماء عناصر الجبهة في تجارة المخدرات، فإن التقارير الغربية وتحقيقات كبريات الصحف العالمية تكفي في عدم الخوض في هذا الموضوع لأنه أشهر من نار على علم، غير أننا سنسوق بسرعة مثال بسيط لأكبر تاجر بإفريقيا والذي ليس سوى الانفصالي سلطاني ولد أحمادو ولد بادي ويلق بـ (سليطن)، حيث يعتبر الرجل زعيم الشبكة الكبرى لتهريب المخدرات التي اكتشفت نهاية سنة 2010 في شمال مالي وفي موريتانيا، حتى أن الشبكة باتت تسمى بـ “البوليساريو” لأن أكثر من 90 في المائة من عناصرها تنحدر من مخيمات تندوف، وتعتبر أحد أهم شبكات الاتجار بالمخدرات في منطقة الصحراء.

كما يشتغل إلى جانب “البارون” المذكور، والذي أصيب برصاصة في بطنه خلال عملية توقيفه بموريتانيا، فرحا ولد حمود ولد معطا الله وهو عسكري سابق يقيم في مخيمات تندوف، وبريكا ولد الشيخ الذي قدم كعضو بـ”البوليساريو”، فضلا لحسن علي ولد ابراهيم الملقب بـ”غراندايزر” المزداد في 1970 بتيارات الجزائرية.

الشباب والفنانون في طليعة المتمردين على قيادة البوليساريو

شباب بتيندوف

في الوقت الذي تتاجر فيه قيادة جبهة البوليساريو بمعاناة الصحراويين في المخيمات، عبر تحويل المساعدات الإنسانية إلى حساباتها الخاصة، وبيع المواد الغذائية الموجهة للصحراويين في أسواق بعض الدول الإفريقية، يضطر بعض الشباب إلى امتهان مهن صعبة وشاقة، إذ من أجل المساعدة على التغلب على شظف العيش وصعوبة الحياة وقسوتها بربوع تندوف، انخرط عدد من الشباب في مهنة صناعة الآجور التي تتم ممارستها في ظروف قاسية جدا، وذلك للحصول على بضعة دنانير بئيسة.

ويطلق شباب المخيمات على مهنة صناعة الآجور والطين تسمية “سوناتراب” وهي تسمية ساخرة جاءت على وزن “سوناطراك” شركة المحروقات الجزائرية المعروفة، وهي تسمية تحيل إلى السخرية السوداء من الأوضاع المعيشية الصعبة بالمخيمات، وتعتبر صناعة الآجور من المهن الصعبة في ظل الظروف المناخية القاسية التي تعرفها المخيمات، حيث يصبح جلب الماء والطين وتحويله إلى آجور عملية أشبه بالأشغال الشاقة، إلا أنها من المهن القليلة المتوفرة بالمخيمات.

ونتيجة لتوالي تسرب قصص الفساد وسط قيادة الجبهة، تشهد مخيمات البوليساريو احتقانا اجتماعيا وسياسيا غير مسبوق، حيث بدأت صرخات الاستغاثة ترتفع أكثر فأكثر، بالإضافة إلى بوادر حركات تمردية يقودها شباب المخيمات بسبب ظروف الاحتجاز وغياب شروط الحياة الكريمة، حيث يعاني الصحراويون الأمرين للحصول على تراخيص التحرك أو للتزود بالوقود على سبيل المثال، إذ عمت الاحتجاجات صفوف الصحراويين من جراء معاناتهم تلك، وبسبب تعنت وفساد الإدارة التابعة لجبهة البوليساريو المكلفة بتراخيص التحرك والتموين.

وقد بلغ الاحتقان أوجه على المستوى السياسي إذ تتهم شرائح عريضة من الصحراويين قيادة البوليساريو بالتسلط وفرض الرأي الواحد والمحسوبية، ولم تنجح بعض المحاولات الالتفافية التي تقوم بها ذات القيادة لتجاوز هذا الوضع الاجتماعي والسياسي المحتقن من قبيل إنشاء لجنة صورية لحقوق الإنسان، أو محاولات تحويل اهتمام الصحراويين إلى المغرب من خلال تسليط الأضواء على حركات احتجاجية محدودة ومفبركة تقع بالأقاليم الجنوبية للمغرب خصوصا بعد الزيارة الملكية لمدينة الداخلة.

والتحق بركب الغاضبين من سلوكيات وممارسات قيادة البوليساريو عدد من الفنانين والمطربين، يتواجد في طليعتهم الفنان الغنائي المتمرد الناجم علال الذي شكلت أغانيه صرخات سياسية ضد الظلم وتعنت زعماء جبهة البوليساريو، حيث لا يتردد الفنان الناجم في أغانيه المتنوعة في تسمية الأشياء بمسمياتها، معبرا عن الأوضاع التي يعيشها الصحراويون في المخيمات، من خلال كلمات قوية وأداء ملتزم، حيث لاقت أغاني الناجم تجاوبا كبيرا من لدن شرائح واسعة من الشباب.

كما تتناقل وسائط الانترنيت كليبات أغانيه، مما دفع بقيادة البوليساريو إلى تدشين مسلسل من المضايقات تعرض لها هذا الفنان لمجرد أنه غنى ضد الظلم والفساد، فقد بلغت الاعتداءات حد التعذيب والحبس والتشريد، لكن كل هذه المضايقات لم تزد الفنان الناجم سوى إصرارا على متابعة مشواره الفني المتميز، محولا معاناته إلى ملهم للإبداع والعطاء الفني.

واستطاع الناجم أن يخلق من خلال تجربته الفنية بالمخيمات مدرسة إبداعية نهلت من مشاربها أسماء فنية أخرى تمثل جيلا من الشباب، هذا الجيل الذي بدأ ينتفض في وجه قيادة البوليساريو معلنا أن التسلط والفساد والاحتماء بالسلطات الجزائرية كلها ممارسات آيلة إلى الزوال مطالبا الطغمة الفاسدة المتسلطة علي رأسها محمد عبد العزيز بالرحيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *