آراء

الصحراء قبل التاريخ .. وحتى اليوم

لا يختلف اثنان أن قضية الصحراء المغربية وبعد رفع ملفها الى المحكمة الدولية ستسجل كأطول قضية في التاريخ المعاصر ولفهم الوضوح وجب علينا توضيح المفاهيم، فالصحراء عموما يمكن تعريفها بكونها فضاء واسع تغطي الرمال نسبة كبيرة فيها غير أن الدراسات الاركيولوجية تؤكد مما لا يدع مجالا للشك أن منطقة الصحراء كانت مجالا اخضرا على طول واد درعة ومن المعروف أن الماء كان ومازال بمثابة مغناطيس للإنسان وما يؤكد استقرار الإنسان بهده المناطق في الفترة ما قبل الميلاد بالأطلس الصغير أو درعة أو حتى جبال باني هي الرسوم الصخرية التي تؤكد وجود حركية بالمناطق المحايدة على طول واد درعة، غير ان التغيرات المناخية حولت المجال إلى مجال صحراوي فرض فيه على الإنسان أن يتكيف وفق آنية المجال الجديد.

وبعد وصول الإسلام لشمال إفريقيا والذي يعد حدثا تاريخيا هاما أعطى حركية ودينامية جديدة للصحراء اذ ما علمنا أن قيام دولة المرابطين جاء من أعماق الصحراء فالتسمية لم تكن عشوائية وإنما تدل على ارتباطهم بالمجال بحيث أن معنى الكلمة يحيلنا إلى الزي التقليدي بمعنى الملثمون وهي الدولة التي امتدت إلى الأندلس شمالا وسجلماسة شرقا وهي الدولة التي توحدت آنذاك حتى روحيا أي تحت مذهب الإمام مالك وهو المذهب الحالي للمملكة المغربية.

وقد ساهمت القوافل التجارية في انتشار الإسلام إلى حدود ارض السودان وهنا عرفت القبائل الصحراوية حركية كبيرة متنقلة من الشمال إلى الجنوب وكذا من الشرق إلى الغرب، ويعد التمازج والتلاقح بين القبائل الصنهاجية والعربية من أهم مميزات الثقافة البيظانية التي لا تغدو إلا أن تكون ثقافة حسانية تشهد قوتها في تنوعها الثقافي.

هذا التمازج يستمد توثيقه من خلال بداية حكم العلويين انطلاقا من فترة حكم المولى إسماعيل، وقد نظم شيخنا محمد بن عبد الله البخاري الفيلالى أشعارا أو ما يعرف في الثقافة الحسانية بالكاف حول هذه الحقبة من تاريخ المغرب.

وإذا ما رجعنا لنسب الحكام العلويين نجده تمتد جدوره بطريقة مباشرة من آل البيت وبالتحديد من الرسول صلى الله عليه وسلم مما يؤكد ترابط وبيعة قبائل الصحراء، من عرب بني حسان و بني معقل وما الى ذلك من القبائل، للملوك العلويين بالإضافة الى كون القبائل الامازيغية ارتبطت بالعرش أيضا آن دخول الإسلام لشمال إفريقيا في فترة المولى ادريس الاول.

وحتى بالعودة للأصول فتاريخ الركيبات مثلا يرتبط بالمولى إدريس الأول وذلك لان سيدي احمد الركيبي المنتمي للخراويع وصولا لسيدي احمد الركيبي إلى جدهم الأكبر بمراكش انتهاءا بمولاي إدريس.

وقد علا شان شيوخ القبائل الصحراوية بارتباطهم القوي بالدين الإسلامي ومع الانتشار الكبير للتصوف بالمغرب مما أدى إلى انتشار الزوايا والدعاء للسلاطين بالمغرب في المساجد والزوايا.

وفي الوقت الراهن وعلى اعتبار أن المجتمع الحساني ينبني على أسس قبلية نجد أن المنظومة القديمة لازالت هي نفسها ولم تتاثر فالهرمية داخل الصحراء المغربية تتمثل في شيخ القبلية كممثل لأفرادها وهي المشيخة التي تتناقل بالتوارث وهذا ما يجعلنا أمام حقيقة تاريخية لا جدال فيها ألا و هي أن شيوخ قبائل الصحراء كانوا ولا يزالون مرتبطين بمغربيتهم وهو ما يتجلى عبر الواقع الملموس من خلال استمرار استقرار القبائل الصحراوية بالمناطق التي عرفت لها من جهة وتأكيدها للبيعة كل سنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *