رياضة | هام

أرقام قياسية في ألعاب القوى نتيجة “أكاذيب خادعة”

الارقام القياسية في العاب القوى مثار جدل مجددا في ضوء فضائح المنشطات، التي قد تطاول رموزا في “ام الالعاب” كانوا امثلة تحتذى، وتعيد صوغ مفهوم جديد لاسس المسابقات ومصداقية الارقام المسجلة، خصوصا ان مسلسل الفضائح وتداعياته مرشح للتفاعل في الاسابيع المقبلة وعلى ابواب انطلاق دورة الالعاب الاولمبية في ريو دي جانيرو بدءا من 5 غشت، والاجراءات الرادعة المنتظرة، التي لوحت بها اللجنة الاولمبية الدولية، سيما وانها خصصت 10 ملايين دولار اضافية لتمويل الابحاث المكافحة للمنشطات وحماية الرياضيين.

خلال اجتماعاته التي عقدت في هامبورغ اخيرا، كلف الاتحاد الاوروبي لالعاب القوى فريق عمل مهمته ارساء سياسة جديدة تتعلق بالارقام القياسية. ويفيد رئيسه النروجي زفن ارن هانسن، ان الوقت ليس متأخرا لحسم الامور، مجددا حماسته في ضوء ما اعلن اخيرا عن فحوصات ايجابية لعينات رياضيين في دورتي بكين 2008 ولندن 2012 الاولمبيتين.

ويشدد هانسن على ضرورة تصحيح اخطاء الماضي، وحذف اي اسم متورط من تاريخ اللعبة، سيما وان زلزالا يهز اركانه منذ اكثر من 18 شهرا فضلا عن “الارتكابات” الروسية وتبعاتها.

وينادي مطلعون باهمية اعادة كتابة سجل الارقام القياسية عموما من دون اي عقد (على غرار ما شهدته رياضة رفع الاثقال قبل اكثر من عقدين)، مشيرين الى انها خطوة يجب ان تترسخ بالتعاون مع الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، بحيث يتفق على تاريخ محدد كي يعتمد نقطة انطلاق. والانطباع السائد عموما ان العاب القوى لا تستطيع ان تعاود مسارها التصاعدي في ظل نتائج لا توحي بالثقة، فضلا عن ان ارقاما قياسية لا تزال صامدة منذ ثمانينات القرن الماضي، اي حقبة التنشط بزخم.

وتزخر سجلات الاتحاد الدولي بـ11 رقما عالميا سجلت قبل ان تدرج فحوصات الكشف على المنشطات في مطلع التسعينات. وتضم اللائحة اسماء الاميركية فلورنس غريفيث جوينر (100 و200م)، الالمانية ماريتا كوخ (400م)، التشيكية يورميلا كراتخوفيلوفا (800م)، البلغارية يوردانكا دونكوفا (100م حواجز)، البلغارية ستيفكا كوستادينوفا (الوثب العالي)، الروسية غالينا تشيستياكوفا (الوثب الطويل)، الروسية ناتاليا ليسوفسكايا (دفع الجلة)، الالمانية غابرييل راينتش (رمي القرص)، الاميركية جاكي جوينر – كيرسي (المسابقة السباعية)، فريق البدل الروسي 4 مرات 400م، الألماني يورغن شولت (رمي القرص)، الروسي يوري سيديخ (رميالمطرقة). و”لحسن الحظ”، لم تكن مسابقات مثل الـ5 آلاف م والـ10آلاف م والقفز بالزانة والوثبة الثلاثية ورمي المطرقة، معتمدة عند السيدات وقتذاك.

لكن ما يفرمل اتخاذ خطوة شجاعة والسير قدما في الحذف او الوضع جانبا، ان البراهين والمستندات الدامغة قليلة، وغالبيتها يطاول انجازات المانيا الشرقية (سابقا).

ويملك البروفسور فيرنر فرانكي ملفات “اتهامية” كثيرة عن الحقبة السابقة، لكنها لا تشمل “مرتكبين” في بلغاريا وتشيكوسلوفاكيا (حينها) والاتحاد السوفياتي السابق، وحتى الولايات المتحدة او بلدان اوروبية غربية والصين.

ولانه بات من المستحيل تحطيم الرقم القياسي في سباق الـ100م للسيدات (49ر10 ثانية) مثلا، اقترح رئيس الاتحاد الالماني هيلموت ديغل معاودة الانطلاق من الصفر على صعيد اعتماد الارقام القياسية، غير ان هذا الطرح لم يلق الدعم المطلوب من قبل كونغرس الاتحاد الدولي عام 2001.

وكان الجواز البيولوجي اعتمد عام 2009، وعد خطوة يمكن البناء عليها لعهد جديد من الارقام القياسية، علما ان اقراره “حاصر” المتنافسين في سباقات المسافات الطويلة، كما انه لا يلحظ الـ”سترويد” المنمي للعضلات.

وطرحت حينها معضلة حذف ارقام قياسية للاميركي مايك باول (الوثب الطويل) والبريطاني جوناثان ادواردز (الوقبة الثلاثية)، ما يعد علامة سيئة ونقطة سوداء بحقهما. كما بحث في خيار الفصل بين حقبة واخرى، او السير فقط بلائحة عصر جديد.

ويلفت البروفسور فرانكي، استاذ علم بيولوجيا الخلايا، الى ان الحملة التي بدأتها شبكة “اي ار دي” التلفزيونية الالمانية، تحاشت النظر الى “الحديقة الخلفية”. ويضرب مثلاً بفيرنر غولدمان، مدرب بطل رمي القرص روبرت هارتنغ، ويعده من “المجرمين”. فبعد ان درب أيام المانيا الشرقية يورغن شولتز حامل الرقم القياسي العالمي لرمي القرص (08ر74م عام 1986)، عهد اليه تدريب الفريق الالماني الموحد.

ويقول فرانكي ان غولدمان كان يزود شولتز بجرعات عالية التركيز من التستوستيرون. ويضيف متسائلا: “اتجدون منطقيا ان توماس سبرنغشتاين، المدرب السابق للعداءتين غريتي باور وكريستين كرابه، زود قاصرين بمنشطات، ثم اختير افضل مدرب في المانيا عام 2006؟”

ويكشف فرانكي انه يملك ارشيفا زاخر بتفاصيل “تثير الذهول”، وقد اودع نسخة منه في مكتبة جامعة تكساس (اوستن). وهو لا يتوانى عن وصف من يعطي جرعات بـ”المجرم”. ويذكر ان الدكتور مانفرد هوبنر، رئيس القسم الطبي في الجهاز الرياضي الالماني الشرقي، حوكم عام 2000 ووضع تحت المراقبة، لذا “يمكن الجزم ان الارقام القياسية الالمانية الشرقية هي ثمرة جرائم”.

وقد وثق فرانكي وزوجته بريجيت بيرندونك كل ذلك في كتاب، ورفعت 12 دعوى ضدهما وكسباها. ويتابع: “نعرف جيدا ان بعض الارقام القياسية المعتمدة كذبة. ورياضيات ورياضيون كثيرون ضحايا جرائم موصوفة، وبعض الرياضيات اصبن بامراض واخريات توفين وتم التكتم على الاسباب”.

وبالنسبة له فان غالبية رياضيي تلك الحقبة تكذب، فمثلا العداءة ماريتا كوخ لم تقر يوما انها تناولت منشطات. وتبدو اينيس غيبل (حاملة الرقم القياسي العالمي للاندية في البدل 4 مرات 100م) وهايدي كريغر (بطلة اوروبا في دفع الجلة عام 1986)، التي تحولت جنسيا عام 1997 واصبح اسمها اندرياس، وجيزين فالتر (حاملة الرقم القياسي العالمي للبدل 4 مرات 400م عام 1984 مع كوخ) شواذا عن القاعدة، اذ اعترفن وافضن في سرد تفاصيل، وقالت فالتر انها لا تستطيع ان تكذب على اولادها.

واذا كان صوت كراتخفيلوفا الاجش وتفاصيل عضلاتها اصدق برهان على تنشطها “المستتر”، فقبل 20 عاما اعترف مدربون تشيكيون بان رياضيهم يستخدمون عقاقير نمو.

وكيلا يظلم حفنة من حملة الارقام القياسية “النظيفين”، دعا فرانكي الى تشكيل لجنة مستقلة لدرس الملفات كلها، على غرار ما يحصل في القضاء، وحض الرياضييين على الادلاء بمعلوماتهم، ومن يكذب يكون قدم شهادة زور. ويرى ان اي عداءة المانية لم تستطع تسجيل دون الـ11 ثانية في سباق الـ100م من دون تناول منشطات.

ومن الحلول ايضا، اعتماد انظمة ومسابقات لا علاقة لها بالماضي، قوامها مسافات سباقات ومعايير واوزان مختلفة في ادوات الرمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *