ثقافة وفن | هام

“نعت الغطريس” إصدار يستعرض جوانب من تاريخ مقاومة الاستعمار الفرنسي بتافيلالت وتودغى

“نعت الغطريس، الفسيس، هيان بن بيان، المنتمي إلى السوس” لمؤلفه محمد المهدي بن العباس الناصري (1859 – 1929 م) ، والذي قام بتقديمه وتحقيقه حديثا حفيده الباحث خالد ناصر الدين، إصدار يسلط الضوء على جوانب مهمة من تاريخ مقاومة الاستعمار الفرنسي بمنطقتي تافيلالت وتودغى.

ويندرج هذا العمل في إطار استغلال واستكشاف ودراسة المخطوطات والوثائق المتوفرة حول تاريخ المغرب، خاصة بمنطقة الجنوب الشرقي وأعلامها من المجاهدين والمقاومين الذين قدموا روائع الكفاح البطولي خلال الحقبة الاستعمارية، وما تتضمنه من معلومات قيمة وغنية عن تاريخ المقاومة المحلية صيانة للذاكرة الجماعية .

ويعد هذا الكتاب الصادر عن منشورات دار الأمان ( 462 صفحة من الحجم الكبير) مصدرا من المصادر المهمة التي تناولت تاريخ المقاومة والكفاح الوطني بمنطقة الجنوب الشرقي ضد قوات الاحتلال الفرنسي بداية القرن الماضي.

وقال خالد ناصر الدين ، أستاذ باحث في الأدب المغربي ، في تقديمه لكتاب محمد المهدي بن العباس الناصري إن اختيار تحقيق هذا المؤلف “تحكمت فيه دوافع كثيرة تمثلت أساسا في رغبتي الشديدة في الاطلاع على الإرث العلمي الذي خلفه صاحبه من أجل إخراجه من د ج ة التهميش والإهمال والنسيان إلى نور الحضور والوجود والتفاعل والانفعال والاتصال والتواصل “.

ومن بين العوامل الموضوعية، يضيف ناصر الدين، “الغيرة على الذات المغربية، والمساهمة قدر الإمكان في الدفاع عن هويتها وكينونتها العلمية والثقافية، والدفاع عن خصوصياتها ومقوماتها ثقافيا وحضاريا وعلميا، عبر ممارسة عملية تتطلب عملا دؤوبا متواصلا، وصبرا لا ينفذ من أجل جمع شتات التراث المغربي أولا، ثم إخضاعه للتحقيق والدراسة بعد ذلك” .

كما أن اهتمامي، يبرز الباحث، بالمكتبة الخاصة التي خلفها المهدي الناصري يشكل استجابة لذلك النداء الذي وجهه العلامة المختار السوسي الذي آمن بأن صياغة التاريخ العلمي الوطني العام، “لا يتم إلا عبر إنجاز الدراسات والأبحاث المونوغرافية للمدن والبوادي النشيطة علميا وفكريا وأدبيا، وتوفيرالتواريخ الخاصة لكل حاضرة من تلك الحواضر، ولكل بادية من تلك البوادي، على أساس أن يتم دمجها فيما بعد، مما يعزز التركيز مرحليا على إضاءة الأنشطة الثقافية المحلية”.

واعتبر الباحث أن التراث المغربي تراث غني ومتميز، “غير أن جله ما يزال مخطوطا، حبيس الخزانات الخاصة والعامة، ولعله من نافلة القول الإشارة إلى أن الوقت قد حان لبعث ذلك التراث، ونفض غبار الإهمال والنسيان عنه، لأنه وحده القادر على بعث الشخصية المغربية من جديد، إذ لا يمكن التنكر للتراث، ولا يمكن بناء نهضة حضارية وثقافية وفكرية على أسس سليمة ومتينة، دون الاعتماد على ماضينا وتاريخنا وتراثنا الذي يشكل مخزون الأمة الرمزي والعقائدي والفكري والثقافي”.

وتتحدد أهمية كتاب ” نعت الغطريس ” في كونه يعتبر المصدر الوحيد ، المعروف لحد الآن ، الذي يؤرخ لتاريخ مقاومة الاستعمار الفرنسي بمنطقتي تافيلالت وتودغى ، وهو بذلك يسد ثغرة طالما عانى منها التاريخ المغربي المعاصر.

وأكد ناصر الدين أنه من الطبيعي أن تواجه الباحث صعوبات جمة أثناء إنجاز هذا التحقيق، لعل أبرزها الحالة المزرية التي وجدت عليها مكتبة المهدي الناصري الخاصة بسبب الإهمال والتهميش، فمعظم كتبها مبتور متآكل… نالت منه أيادي الدهر والضياع مما جعل أمر الاطلاع عليها أو الاستفادة من مضامينها أمرا مضنيا وعسيرا للغاية.

كما أنه لا يخفى على أحد الصعوبات التي يطرحها تحقيق النصوص عموما ،يضيف الباحث، لأن التحقيق يعني البحث وراء الحقيقة، لمعرفتها، وكشفها للعيان بأسلوب علمي، وطريقة جادة تعتمد على الدقة في العمل ، والدأب المتواصل .

وخلص الباحث إلى أن القصد من هذا العمل هو “نفض غبار النسيان والتهميش قدر الإمكان عن مكتبة عالم من أشهر رجالات العلم في جهة الجنوب الشرقي عموما ، ومنطقة تودغى ( تنغير ) على وجه الخصوص ، وهو المهدي الناصري ، الذي ما يزال إرثه العلمي في أمس الحاجة إلى التنقيب والتحقيق ثم الدراسة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *