مجتمع

ضامن للاستقرار النفسي وتقويم السلوك.. الخلوة الشرعية بالسجون المغربية هل هي حق لابد منه؟

قبل نحو 6 سنوات، تم منع “الخلوة الشرعية” في السجون المغربية، وهو إجراء استثنائي غير مثبت بنص قانوني كانت تدبره المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ويستفيد منه السجناء المتزوجون من ذوي السلوك الحسن.

منع الخلوة الشرعية، أثار في وقته جدلا واسعا، وهو الجدل الذي ما يزال قائما إلى اليوم، ويطرح خلافا بين من يعارضونه من منطلق مبدأ عقاب السجين الذي يشمل حرمانه من مجموعة من الحقوق، وبين من يؤيدونه ويعتبرونه عاملا مساعدا على التهذيب وإعادة التأهيل التي تهدف إليها المؤسسة السجنية.

ضامن للاستقرار النفسي

الحقوقي والمحامي، عبد المالك زعزاع، يؤكد “كنا ومازلنا نطالب بتمتيع السجناء بالخلوة الشرعية ونقول إنه قد آن الأوان أن يكون هناك نص قانوني خاص بالموضوع” مشيرا إلى أن عددا من البلدان العربية تتوفر على نص قانوني يضمن ذلك الحق للسجناء.

ويشدد المتحدث، على ضرورة خضوع الخلوة الشرعية “لضوابط شرعية وأخلاقية وقانونية” مبديا استغرابه من التراجع عن هذا “الحق المكتسب” على حد تعبيره.

وفي الوقت الذي يطرح البعض إشكال الحميمية التي قد تكون مفتقدة في خلوة الأزواج داخل السجون، يشير المتحدث إلى ضرورة أن تتم الخلوة الشرعية خارج المؤسسة السجنية وليس داخلها وذلك بـ”توفير إقامات مجاورة للمؤسسة السجنية يقضي فيها السجين يوم الزيارة مع عائلته ويمكنه خلالها أن يباشر زوجته”.

وحسب المتحدث فإن غياب الخلوة الشرعية “يؤدي إلى عدد من الظواهر كالممارسات المثلية بين السجناء، والعدوانية التي قد تسم سلوكات بعضهم”.

ويتابع زعزاع مؤكدا أن “حرمان السجين من عدد من الرغبات بما فيها الرغبة الجنسية بالنسبة للمتزوجين ستجعله في وضعية نفسية غير مريحة” مبرزا أن الخلوة الشرعية “وسيلة تضمن الاستقرار النفسي”.

وسيلة لتقويم المعتقلين

من جانبه يوضح، رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان، شكيب الخياري، أن “ما يسمى الخلوة الشرعية في السجون غير منصوص عليها في القانون المنظم للسجون، ولم تكن كذلك حين كان مرخصا بها من قبل”.

ويتابع الخياري، الذي كان يدير برنامجا دوليا لترقية حقوق السجناء بالمغرب، موضحا أن الخلوة الشرعية “كانت قد ظهرت كتدبير استثنائي غير منصوص عليه في القانون لتهدئة المعتقلين على خلفية جرائم إرهابية” مضيفا أنه “حتى مسودة القانون الجديد للسجون لم يتم فيها التنصيص على هذه الخلوة وبالتالي فلا يمكن المطالبة بها إذا ما تم إقرار هذه المسودة”.

ويلفت المتحدث إلى أن “الخلوة الشرعية لا تعتبر من حقوق السجناء التي تنص عليها المعايير الأممية النموذجية لمعاملة السجناء”، مردفا أن “ذلك لا يمنع من استخدامها كوسيلة من وسائل تقويم المعتقلين داخل السجون بتخصيصها لمن يلتزمون بالضوابط السجنية”.

ويختم الخياري موضحا أن “للسجناء إمكانيات للاستفادة من الرخص الاستثنائية والتي تمكنهم من التنقل إلى مساكنهم ومباشرة حياتهم الجنسية بشكل طبيعي” مشيرا إلى دور الإدارة في تمكين كل من يستحق من الحصول على هذه “الرخص الاستثنائية”.

الزوجة، الصديقة، وعاملة الجنس أيضا!

إذا كان الكثيرون يتحدثون عن “الخلوة الشرعية”، باعتبارها حقا للسجناء المتزوجين، فإن عالم الاجتماع، عبد الصمد الديالمي، يشدد على ضرورة عدم التمييز بين المتزوجين وغير المتزوجين حين تطبيق هذا الإجراء.

“في نظري هذا حق يجب أن يكون مكفولا لجميع السجناء بغض النظر عما إذا كانوا متزوجين أو لا” يقول الديالمي مبرزا، حسب رأيه، أنه “كما يحق للمتزوج لقاء زوجته يجب أن يحق لغير المتزوج لقاء صديقته أو أن يستفيد من خدمات عاملة الجنس”.

وعما إذا كان تمتيع السجناء بهذا الحق قد يسهم في تهذيبهم وإعادة تأهيلهم، يعبر الديالمي عن موقف مؤيد بقوله إن “الرضا الجنسي والإشباع الجنسي يمكن الشخص من الشعور بالسعادة ويجعله يفكر في أشياء إيجابية” بينما في المقابل “الحرمان من الجنس وخصوصا إذا كان ذلك لسنوات طويلة يجعل السجين عدوانيا تجاه نفسه وتجاه الآخرين ولا يكون مؤهلا للتفكير في أشياء إيجابية من قبيل تعلم القراءة أو حرفة ما”.

وفي الوقت الذي يرى البعض أن عقوبة السجن تشمل الحرمان من عدد من الحقوق بما فيها الحق في المعاشرة الجنسية، يقول الديالمي إن الإشكال المطروح على هذا المستوى “يهم تعريف السجن وعما إذا كان حرمان السجين من الحقوق يشمل الحق في الجنس”، قبل أن يستدرك بالتأكيد على أنه “لتخفيف وطأة العقوبة الحبسية يجب أن يعترف بذلك الحق للسجناء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *