متابعات | مجتمع

الانتخابات الجزئية.. عزوف المغاربة عن صناديق الاقتراع هل هو غياب للثقة بين المواطن والسياسي؟

سجلت الانتخابات الجزئية التي أجريت في كل من مدينتي تطوان وسطات بالمغرب، نسب مشاركة ضئيلة بالمقارنة مع الانتخابات التي أجريت في السابع من أكتوبر العام الماضي، وبوأت حزب العدالة والتنمية الصدارة.

إجراء هذه الانتخابات، جاء على خلفية قرارات أصدرتها المحكمة الدستورية، والتي أسقطت عضوية عدد من الأعضاء البرلمانيين، كان أبرزهم، محمد ادعمار، عن حزب العدالة والتنمية، بعدما سخر وسائل مملوكة لجماعة تطوان، التي رأسها في حملته الانتخابية.

واعتبرت المحكمة في قرارها أن ادعمار “سخر وسائل مملوكة للجماعة من ناقلات وحواجز، في استغلال لصفته كرئيس جماعة ترابية، لتنظيم مهرجان انتخابي، وتزويد المهرجان بالإنارة من الكهرباء العمومية وتوظيف عمال يحملون أقمصة مكتوب عليها “الجماعة الحضرية لتطوان”، وتسييج الساحة بمجموعة من الحواجز تحمل شارة الجماعة المعنية وتسخير شاحنات تابعة لها”.

وكان لافتا في نسب المشاركة في هذه الانتخابات الجزئية، هو أنها لم تتجاوز 5.9 في المائة، في حين أن عدد الأصوات الملغاة بلغ 2010 أصوات، كما أن عدد المصوتين على حزب العدالة والتنمية الذي استرجع مقعده لم يتجاوز 8717 صوتا، بعدما كانت المنافسة مع الحزب الاشتراكي الموحد.

تراجع ملحوظ

يقول الباحث في العلوم السياسية، عبد المنعم لزعر، إن العزوف الانتخابي يرتبط أكثر بالانتخابات التشريعية الجزئية، حيث تتقلص النسبة إلى مستوى النصف، مقارنة مع النسب المسجلة على مستوى الانتخابات التشريعية العادية، إذ أنه خلال الانتخابات الجزئية التي أجريت عقب الانتخابات التشريعية لـ 25 نونبر 2011، تم تسجيل نسبة مشاركة تراوحت بين 16 في المائة و28 في المائة.

التفاوت سجل أيضا في نسب المشاركة بين دائرة تطوان وسطات، إذ تراوحت النسبة بين 5 في المائة في الأولى و18.7 في المائة بالثانية، خلال هذه الانتخابات الجزئية.

ويرجع الباحث في العلوم السياسية، اختلاف هذه النسبة، للاختلاف بين القاعدة السوسيولوجية لناخبي الدائرتين “دائرة سطات يتحكم فيها ناخبو العالم القروي ودائرة تطوان يتحكم فيها ناخبو العالم الحضري”، موضحا أن “سوسيولوجيا الانتخابات تكرس لثابت قار يشير إلى أنه كلما اقتربت اللعبة الانتخابية من دوائر تقييم الناخبين القرويين كلما كانت نسبة المشاركة مرتفعة”.

ويكشف المتحدث ذاته، وجود عامل آخر، تمثل “في كون دائرة سطات عرفت صراعا بين ثلاث أحزاب رئيسية، وهي الأصالة والمعاصرة والاستقلال والعدالة والتنمية، لذلك كانت نسبة المشاركة دالة على طبيعة الصراع وحدته، أما في دائرة تطوان فقد كان التنافس شبه محسوم لفائدة حزب العدالة والتنمية في ظل وجود منافسة محدودة من قبل مرشح فيدرالية اليسار”.

تفاعلات 7 أكتوبر

يربط المحلل السياسي المغربي، عتيق السعيد، بين نسب المشاركة في الانتخابات الجزئية، والاستحقاقات الانتخابية التي جرت في السابع من أكتوبر خلال العام الماضي.

ويقول السعيد، إن “الانتخابات السابقة وما تمخض عنها من نزيف الاستقالات، والهزات الارتدادية التي أصابت أحزاب سياسية كبيرة، مؤشر يعزز تمثلات المواطنين عن الأحزاب السياسية ببلادنا، حيث يعتبرها بعض من المتابعين بمثابة كائنات انتخابية تزدهر أيام المناسبات الانتخابية فقط، وهو ما يزكي فكرة العزوف”.

ويتابع السعيد في السياق ذاته، أنه من بين أبرز أسباب العزوف المسجل، هي انعدام الثقة بين المواطن والسياسي، “وبكلمة أدق انعدام الثقة في الأحزاب السياسية والمرشحين وبرامجهم أو في العملية السياسية برمتها التي يصفها بعض المواطنين بالعبثية، وبأنها دون جدوى ولا فائدة”.

ويقول الباحث في العلوم السياسية “ينتعش العزوف السياسي نتيجة عدم احترام اخلاقيات الانتخابات والقوانين المنظمة لها، ويظهر ذلك في كواليس الحملات الانتخابية، زيادة على ارتفاع نسبة الوعي السياسي للمواطن الذي أصبح يتهم بالحياة السياسية ويأمل أن تحقق له العيش الكريم”.

أزمات داخلية

في مقابل ذلك، ينظر الباحث في العلوم السياسية بجامعة ابن زهر بأكادير، خطري الشرقي، للانتخابات الجزئية في تطوان من زاويتين، الأولى مرتبطة بطبيعة القوانين المؤطرة للدورة الانتخابية وآليات منح التزكيات الحزبية في إطار الممارسة السياسية الحزبية، متسائلا عن “إعادة انتخاب نفس الشخص بتطوان مع صدور قرار إلغاء المقعد من طرف المجلس الدستوري مع ما يحمله ذلك من دلالة”.

النقطة الأخرى، يضيف الشرقي، مرتبطة بما اعتبره “عدم وجود حماس المواطنين للمشاركة”، بالإضافة لـ”تأثير الأزمات الداخلية للأحزاب حول دور المؤسسات الموازية الحزبية في حسم الأمور، بل أكثر من ذلك عدم احترام قرارتها سواء فيما يخص الترشيح أو الرغبة في الخلود بالمنصب”.

ويشير المتحدث ذاته، إلى أن تذبذب حضور الأحزاب السياسية في المشهد السياسي المغربي، ساهم هو الآخر في عزوف المغاربة عن المشاركة في الانتخابات، بالإضافة إلى تأثيرات الأزمات التي شهدتها هذه الأحزاب خلال الفترة الأخيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *