متابعات

الشاوي: بنكيران ومن معه يكرسون الفشل بالادعاء

الإحساس المُوَاطِنُ، ومعه إحساس المُوَاطنة وأحاسيس المواطنين… وكلها، فيما يبدو، ثابتة ومؤكدة، أن رئيس الحكومة المعين بُعَيْد الانتخابات التشريعية لسابع أكتوبر (ومعه الحزب والذراع والحليف الصغير)، بصرف النظر عن الادعاءات، التي تقال أو تُعرض في السوق، قد فشل تماما، وأعني فشلا ذريعا، في تكوين حكومة بأية صفة كانت… تتولى، كما هو المفروض والمنطقي والطبيعي أيضا، تدبير الشؤون العامة في مختلف القطاعات، التي قد تتولاها، من خلال البرنامج المفترض، الذي يمكن أن يُقترح للعمل وللتطور. وعندما يتعلل السياسيون الجدد بطبيعة المؤامرات، بعد أنسنة أدواتها أو القائمين عليها، التي تحاك ضدهم، وبعد التصريف الإعلامي للإكراهات، التي تُكرههم على الفشل، وهم من يقولون بجميع الأغلبيات المفترضة، الصامت منها والمتكلم، فذلك يعني، في ما قد يعنيه، أنهم يكرسون الفشل بالادعاء. وكل يوم فاشل معلوم هو يوم ميت في السياسة، وكل يوم ميت في السياسة هو هدر حقيقي للأمل المُوَاطِن ولآمال المُوَاطِنين ولآمال المُواطنة، أي لنا جميعا بصرف النظر عن اتفاقاتنا أو اختلافاتنا… وأكتفي بهذا.

لمتسائل أن يتساءل: أين المشكل يا ترى؟ في النظام السياسي الذي، فيما يقولون، يعطل العمل بطريقة ملتوية، يعني بالمؤامرات في تقديرهم؟، أم في النخب نفسها التي سلمت، فيما يبدو، مقاليدها لجميع التصورات البرغماتية في جميع مجالات الحياة العامة؟، أم في الأحزاب السياسية التي هي جزء من النخبة العاملة في المجال الشرعي الديمقراطي، والتي على كثرتها واختلافها وهشاشة بعضها وخفة البعض الآخر، لا تتقن، فيما يبدو أيضا، لعبة العمل السياسي وهي المنتدبة، بحكم القانون، لتنظيم الحياة السياسية والاجتماعية (مثلما تصرف عليها الدولة من المال العام وهو صرف سخي)؟ أم في هذا التيار الذي قفز فجأة إلى حياتنا السياسية واستأسد بقوة الأغلبية الانتخابية المفروضة علينا بقسوة التقطيع الانتخابي والمشاركة المحدودة في الحياة الانتخابية للأمة؟

الحيرة الواضحة آتية من أن المجال العام يسير من تلقاء نفسه بالأقل الممكن من التدبير الحكومي… ويبدو أن المستفيدين من ذلك هم أولئك الذين يخامرهم الاقتناع المحسوب أو غير المحسوب بأن الحياة الديمقراطية في البلاد لم تعد في حاجة إلى مؤسسات منتخبة، ولا إلى أجهزة نابعة من أي اختيار… والأهم من هذا وذاك أن الحيوانات، التي ذُكِرت بجميع الأسماء الشرسة مع انطلاق التدبير الحكومي (الإسلامي) في الولاية السابقة قد (افترست) افتراسا جميع الأوهام، التي اختلقها وآمن بها أولئك الذين غزوا واقعنا ولغاتنا وأرواحنا ومكاسبنا وتضحياتنا والحداثة التي نصنع مقاصدها بالمثابرة والطموح.

إن الفشل (الإسلامي) هو عنوان النجاح الحداثي، فيما أرى وأفهم، غير أن الحياة الديمقراطية ستخسر كثيرا بدون تمرين ديموقراطي يومي واجب على العمل الديمقراطي نفسه. ولأول مرة يصبح الفشل، المُبرر عرفا بالتحكم المفترض، عنوان مرحلة جديدة من التيئيس المقصود، وقد يكون أيضا خطة مدبرة للتنصل من المسؤولية والطعن في الشعبية المفترضة والحيلولة دون التطور بالأساليب الديمقراطية الضامنة للتطور.

الوهم أيضا فضيحة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *