آراء

كفانا عبثا بمصالح الشعب

في هذه الأيام كثر القيل والقال عن الميزانية وعن الأموال المهربة وعن الزيادات المتكررة، ورغم ذلك يتحمل الشعب كل هذا الكلام المسترسل في الجرائد والمواقع الإلكترونية كأن المغرب يعيش في الجو الملائم أو يعيش تنافسا شريفا بين مكوناته في الحقل السياسي، والواقع يفند ، ويقول عكس ذلك، والدليل هو إحتكار المخزن للعمل السياسي، وهو ما أدركه غالبية فئات الشعب عند نفورهم وعزوفهم بل حتى سماعهم عن ما هو سياسي، المغاربة استوعبوا دروسا مضت من خطابات و شعارات جوفاء أفقدتهم الثقة في كل عملية سياسية بالمغرب، وهم الذين فطنوا للعبة الإجترار السياسيوي مبكرا بدءا من حكومة التبادل إلى حكومة الربيع العربي، وصدق صانع هذا المصطلح مادام أن هذا الربيع أشبه بالنبتة الشوكية المعروفة عندنا ب ” السدرة” أو “ازكار” بالامازيغية ، حيث خرب البيوت وزاد من الدمار، ليؤكد أن الربيع العربي فوضى ضرورية لمصالح الإمبريالية. في المغرب نجح الإستثناء المغربي من منطق تبادل الأدوار على غرار الشائع في أدبيات الحركة الطلابية بالمغرب من خلال شعارتها المرفوعة، ومن ضمنها ذلك الشعار الذي يستوعبه الطلبة ويحفظونه على ظهر قلب والذي يقول ” حكومات مشات وجاءت والحالة هي هي ، عييتونا بالشعارات وحنا هما الضحية “، ولهم السبق في أن لعبة تعاقب الحكومات من منطق المخزن يخدم مصالح أطيافه دون فئات الشعب الفقيرة والأغلبية هي الضحية في تقسيم هذه الأدوار، صناعة المعارضة والنفخ في رئيس الحكومة وردود أفعاله بشعبويته المعتادة لم يعد يجدي ، لأن المتضرر الحقيقي من هذا اللغو هو الشعب ، ولعل هؤلاء السياسويون اليوم لم يعد يهمهم سوى مصالحهم الشخصية، ولأن الشعب لم يعد يتحمل عبئ الزيادات والمزايدات السياسوية، فإن هذا العبئ الثقيل طالما صبر عليه الشعب، واليوم لم يعد يستحمل المزيد ، ببساطة بلغ السيل الزبي والمثل المغربي يقول إذا كان صديقك عسلا فلا تلحسه كله ، المغاربة جزء منهم لايبالي خاصة منهم طائفة البوادي الذين لايستمعون الى نشرات القنوات المغربية التي تتحدث إليهم بلغة قريش، وجزء من هؤلاء خاصة منهم أولئك الذين عاشوا مراحل المقاومة وحاربوا المستعمر ومازالوا يعيشون في الكهوف، حياتهم تشبه معيشة القرون الوسطى، غالبيتهم يعاني الأمية السياسية، و مازالوا يعتقدون أن بركة السلطان محمد الخامس توحى من القمر، ولا يهمه في نقاش السياسوي في المغرب غير سقوط المطر لكي يرعى ماشيته ويحلبها لتسد رمقه، ولا يعرف عن تهريب الأموال ولا القروض و…، يتكيفون مع الظروف المناخية القاسية وأغلبهم خارج السرب ،لا يتوفرون على أبسط الضروريات وكل ما يهمهم هو رعاية ماشيتهم والترحال حيث يوجد العشب، والفارق بينهم وبين هؤلا السياسويين ليسا كبيرا فهناك قواسم مشتركة تجمعهم وتوحدهم، فالسياسويون في المغرب يبحثون عن مصالحهم على غرار البحث عن العشب عند رحال ورعاة الماشية، ولأن المغرب يمشي على تقليد ورثه من ثقافة المشرق التي تستند الى فكرة أن ” كل راع مسؤول عن رعيته” وبالأمازيغية ” Kra ygat Amkssa ad ikkeress f tguzit nes ” فالشعب بالنسبة لهؤلاء المتطفلون على علم السياسية ،أشبه بالماشية لما لا والثقافة المشرقية أصلا ليس لها مرجعية تستند إلى فكرة المواطنة “Citoyenneté “على غرار الأوروبيين أو الغرب بصفة عامة، وكلما لديها أشبه بثقافة الرعية وبالعبارة الأمازيغية ” Tmkssiw” ومنها راعى ، يرعي، وفي المنطق الطبيعي، فالرعية والرعاية تخص ويحتاجها الحيوان أكتر من الإنسان، ونظرا لكون هذا الشعب المغلوب على أمره أشبه بالرعية في غابة يحتكرها الأسود والسباع والتماسيح .. وللتذكير فهو القاموس الذي اخترعه بن كيران رئيس الحكومة ، وهو الذي قال لجريدة الشرق الأوسط، أنه لم يقتدي بإبن المقفع ، دون أن يعرف المغاربة من أين أخد هذا ولماذا يستدل به؟ مادام أنه اعترف أن ذلك لاعلاقة له بحكاية وكتاب “كليلة ودمنة ” ، وربما هي إشارات تحتاج إلى التمحيص وعمق البصيرة للبحث في طريقة حكم المغرب العميق، وهو ما تجسده طبيعة هذه الأسماء الحيوانية المأخوذة من الغابة، فإن المغرب بهذا المعنى غابة يسيطر عليها قانون الغاب، فلا يمكن للحمار فيها أن يحترم على غرار باقي الحيوانات لأنه “مكتوب عليه” أن يكون مدلولا، وبالمناسبة شباط أمين عام حزب الإستقلال الذي مازال يتشبث برمز الميزان الذي هو في نفس الوقت رمز العدالة بالمغرب ، وهو الرمز نفسه الذي طالما جسد عدم إستقلالية القضاء في فترات سيطرة أهل فاس على الحكم، ومادام هذا الرمز بقي كما هو، فإن العدالة في ظل حكم حزب البيجدي تحتاج إلى إصلاح ، بدءا بتغيير رمز الميزان ،الذي هو شعار مرتبط بالعدالة ، ولا يحق لأي كان أن يستغله . الحمار في مخيلة الأوروبيين أو الحضارة الغربية ليس بتصور ابن المقفع أو بن كيران أو شباط أمين عام حزب الإستقلال، إنما لهذا الحيوان قيمته السياسية وأيضا دوره في المجتمع عند الأمريكيين فهناك من الأحزاب الديمقراطية التي جعلته شعارا لها ، العرب لايحبون الحمار واعتبروه دائما بليدا وساذجا، رغم أنه يقدم خدمات جليلة للإنسان كانت ومازالت سر احتقاره، فالعرب في ازدرائهم لدور الحمار في المجتمع ، إشارة ضمنية الى كون الإنسان ومنه الشعب الذي يقدم خدمات للسياسوين دون أن يحتج عن القهر الذي طاله ، أشبه بالحمار حسب المنظور العربي لهذا المخلوق وعندما قام شباط الأمين العام لحزب الإستقلال بإشراك مسيرة الحمير بالعاصمة الرباط، فهو بذلك يسير على منوال رئيس الحكومة للتعريف بطريقة الإشتغال في الحكم و يعزز من يقين انتشار قانون الغاب، مادام أن الحمير والتماسيح والعفاريت، بل الحلوف أيضا كما ورد على لسان رئيس حزب البام، هي حيوانات تعيش وفق قانون الغاب، فالقاعدة تقول حسب قانون الغاب أن السيطرة للأقوى، وأن القوي يأكل الضعيف، لكن ما لايعرفه هؤلاء السياسويين أن كثرة الضحك على ذقون المغاربة ” الطنز” تؤدي الى ما لايحمد عقباه، فالخرجات الإعلامية المملة، و تمويه الشعب بالإقتصار على تصريحات وجوه مخلوقات سياسية على رؤؤس الأصابع في الصحافة المؤدى عنها من أموال الشعب ،والنقر على وثر حساس مثل الإقتراض المفرط ، وتهريب الأموال

إلى الخارج ، وقهر الشعب خط أحمر وكل الإحتمالات في رد الشعب ممكنة ببساطة في مثال الامازيغ ” إميك أسا تصطا تيديت تروانس” ، أي ما معناه قليل من الضحك تداعب الكلبة أجريتها . فحذاري من التخلويط السياسي ، والمغاربة لن يتسامحوا في مزيدات مثل الإقتراض المفرط ، وتهريب الأموال … ورد الإعتبار يكمن في نزاهة القضاء ، ومحاسبة المتورطين . فكفانا عبثا بمصالح الشعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *