آراء

ميم سقطت سهوا من الصحراء المغربية

من باب المؤامرة نفترض جدلا أن قواعد اللعبة السياسية والنقابية يتم تخطيطها في مرحلة أولى في مستوى عميق، والعمق هنا لا يتصل بالمستويات العليا للدولة حيث تتخذ القرارات الحاسمة والمصيرية للوطن كقطع الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي مثلا، بل نقصد هنا بالعمق الدهاليز المخزنية حيث تصاغ السيناريوهات بشكل منظم حيث تراعي كل الاحتمالات وسابقة على تجليها كما أنها قابلة لتتجسد في خطط تطبيقية متعددة بعد نقلها إلى المرحلة الثانية (مرحلة التطبيق) وذلك عبر قناة توسيطية تربط بين محايثة أو تحيين السيناريو وتجليه.

وبين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية هناك نسق منظم متحكم في التحولات، إن ما يبدو من خلال المعاينة السطحية والتحليل البسيط للوقائع السياسية كتنافر وتداخل بين مجموعة من العناصر يشكل انسجاما وتماسكا في مستوى آخر داخل بنية محكمة التنظيم. فالقاعدة المخزنية تقول، لا مجال للصدفة في الانتقال من صنع القرار إلى تنفيذه، وإلا أصبحنا أمام مجموعة من الأحداث الاعتباطية التي تملأ الساحة السياسية، لهذا وجب التعامل مع هذا الانتقال عبر برمجة سابقة تتجلى في رسم سيناريوهات قابلة للتطبيق وسهلة النقل من مركز العمليات إلى ساحة الفعل.

ميم المصوتان “المتهمان”

من باب الاتهام لنفترض جدلا أن سيناريو الخطة المحتملة يمر عبر المراحل التالية : التحريك، الأهلية، الانجاز، والجزاء وكما نعلم بأن لكل فعل غاية، والفعل في حالتنا هذه إما يدشن انطلاق مرحلة جديدة أو ينهي مرحلة معينة، والتسلسل المنطقي للأحداث يكون موجه نحو غاية. والتحريك يعتمد أساسا على إقناع الآخر للقيام بفعل أو الاقتناع بهذا الفعل، وهو في حالته الخطابية نقطة إرساء اديلوجي تتحكم في توجيه الأفراد لتحريك الأحداث وفق تصور إيديولوجي، كما يتطابق مع مواقف مسؤول ما والتي لا تنفصل عن انتمائه الاجتماعي بل والجغرافي، ولعل هذا ما أثر في صاحب الصوت الممنوح.

هكذا كان التحريك لحظة حسم أو اختيار إيديولوجي قبل أن تجعل منه الآلة الإعلامية مادة دسمة. وفي حالة المصوتة الثانية نجد أن التحريك مرتبط بالأهلية، حيث سعت إلى تغير حالة النقص الموجودة وتحقيق الذات نظرا لتوفر الشرط الضروري وهو الأهلية، ولا يمكن الحديث عن الأهلية إلا من خلال ربطها بإنجاز البرنامج المرتبط بالموضوع.

فهل استطاعت بأهليتها الموسوعية انجاز البرنامج المسطر أي تحقيق الهدف المنشود؟ “المنصب” وهو غاية في حد ذاته. أما الجزاء ولا أقصد به الجزاء المادي، بل اوجزه في تلك الحقائق الغامضة والمندسة بين سطور هذا المقال الذي لا أحاسب فيه عن النيات الخفية والظاهرة، حيث لا مجال للحكم القيمي لا سلبا ولا إيجابا، ولا حقيقة مطلقة أمام عدم توفر شروطها. ولعل الجزاء حكمة ودرس نستخلصه بعد تحليل الأحداث والخروج بالخلاصات بعيدا عن رد الفعل المباشر والعنيف.

ميم المراوغة

بين المراوغة والمرونة تضيع المواقف، ويصمد حرف الميم الفاصل في القضية بين الصحراء المغربية والصحراء الغربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *