متابعات | هام

هل يحاول العماري خلط أوراق الحكومة بملف الأساتذة المتدربين؟

قال توفيق بوعشرين رئيس تحرير “أخبار اليوم” في افتتاحية له إن مشكل الأساتذة المتدربين عوض أن يقترب من الحل تعقد أكثر عندما دخل حزب “البام” على خطه دون تنسيق مع رئيس الحكومة، “في محاولة لإظهار عجز بنكيران عن حل أزمة عشرة آلاف أستاذ يتظاهرون منذ أشهر في الشارع العام من أجل تحقيق مطالبهم وهو ما أعطى رد فعل عكسي من طرف بنكيران”.

وقال بوعشرين، إن رئيس الحكومة، “لا يمكن أن يقبل دخول البام على الخط، ليس فقط لأنه لا يحب زعيمه ومصاب بحساسية من “التراكتورات”، ولكن لأنه يتصرف كرئيس حكومة بمنطق رجال الدولة الذين لا يخلطون في إدارة الملفات الحساسة بين الأشخاص والمؤسسات، بين أراء الأفراد وضرورات القانون.

ووصف الأستاذ الجامعي عبد النبي أبو العرب، التصريحات التي تداولتها وسائل الإعلام والتي تفيد بـ”وجود مقترح مكتوب يتم تدارسه بين الأمناء العامين للأحزاب السياسية المغربية حول قضية الأساتذة المتدربين، وأن الحل المقترح سيرضي جميع الأطراف، وأن الياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة وعد بالكشف عنه خلال ال24 ساعة المقبلة بعد تدارسه مع رئيس الحكومة”، (وصفها) بـ”سابقة خطيرة”، قائلا “لها دلالات كلها سلبية”، مضيفا “أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها استفزازية، ولا يمكن أن تحقق أي تقدم، بل بالعكس، قد تؤدي إلى المزيد من تعقيد هذا الملف”.

وتابع المتحدث في مقال له نشره الموقع الإلكتروني هيسبريس، أنه في ظل التقاطب السياسي الحاد الذي تشهده الساحة السياسية الوطنية بين تيار التحكم الذي يتزعمه حزب الجرار في شخص أمينه العام، وقطب الخيار الديمقراطي الذي يقوده بكل نجاح حزب العدالة والتنمية، “لا يمكن لمثل هذه التصريحات إلا أن تكون مناورة سياسية محضة، تحاول استغلال معاناة الأساتذة المتدربين ودخول ملفهم في مرحلة متقدمة من التعقد السياسي والإداري، من أجل تحقيق مكاسب حزبية وانتخابية ضيقة”.

وسجل أبو العرب، خمسة أبعاد سلبية لهذه التصريحات وهي أولا استغلال معاناة الأساتذة المتدربين وبيع الوهم لهم، موضحا أن “من يقرر في هذا الملف هو الحكومة، وعرضها واضح في هذا الملف، ولا مجال لبيع الأوهام للأساتذة المتدربين، الذين عليهم أن يعطوا المثال في الإيمان بقيم الجد والاستحقاق، وتفعيل مبادئ الحكامة وتكافؤ الفرص بربط الوظيفة بالمباراة، بدل الإمعان في ثقافة الاحتجاج مقابل العمل”.

 ثانيا يستطرد المتحدث، تعميق الأزمة من خلال إيهام الأساتذة بوجود حل سهل يمكن تحقيقه في سرعة فائقة، وهو ما سيؤجج تشبتهم بحل التوظيف من خلال مقاربة الاحتجاج عوض المباراة، بناء على وعود الحل الموجود، “وبهذا تكون هذه المبادرة قد آلت إلى عكس أهدافها المعلنة، بل وتساهم في تأزيم وضعية الأساتذة المتدربين، وتدفع بهم إلى المزيد من الإصرار في احتجاجاتهم”.

ويتمثل البعد السلبي الثالث حسب الأستاذ الجامعي في “التلميح بكون الحل لقضية الأساتذة المتدربين موجود ومقبول من كل الأحزاب المشاركة في المقترح، حكومة ومعارضة، باستثناء رئيس الحكومة وحزب العدالة والتنمية”، ما يجعل هذه المبادرة يضيف المتحدث “لا تعدو أن تكون حلقة في المخطط الرامي إلى إظهار حزب العدالة والتنمية بمظهر الحزب المعزول، ورئيس الحكومة بمظهر الرافض للحوار والمتعنت المصر على قراراته ومواقفه، سواء تعلق الأمر بمشكل الأساتذة المتدربين، أو إصلاح صناديق التقاعد أو غيرها من الأوراش الإصلاحية للحكومة”.

أما البعد الرابع فهو الإمعان في التشويش حول الحكومة بصفة عامة، ومؤسسة رئاسة الحكومة بصفة خاصة، من خلال مناورات سياسوية، تختلط فيها الخيوط بما لا يفيد الوضوح والشفافية الذي ينبغي أن يطبعا عمل المؤسسات الدستورية والسياسية لبلادنا، خدمة لأهداف الانتقال الديمقراطي والبناء المؤسساتي التي نتوخاها”، ولعل هذا الجانب يردف أبو العرب “هو ما آثار أكثر غضب رئيس الحكومة، ذلك أن هذه التصريحات توهم بكون القرارات تتخذ خارج الحكومة، المجردة من صلاحياتها لفائدة قوى خفية تتحكم في القرار والسلطة”.

ويتمثل البعد الخامس يضيف المتحدث، في تأكيد النزعة التحكمية لحزب الأصالة والمعاصرة، كحزب يملك المفاتيح السرية للدولة، ويخترق بتحالفاته الأحزاب وهياكلها، قائلا “حيث يظهر كأنه فوق المؤسسات، وأمينه العام ذلك الشخص القوي النافذ، بل والخارق، والذي له القدرة على حل إشكالات البلاد في سرعة فائقة”، مسترسلا “وهو ما سيزيد التهافت حول هذا الحزب من ذوي المصالح والباحثين عن النفوذ اللامشروع والسريع، ما يمثل نموذجا غير متوازن ولا بريء، ويرسل رسائل سلبية خطيرة حول سلامة الديمقراطية المغربية وصدقية مؤسساتها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *