متابعات

الاتحاد الأوروبي يبحث تداعيات خروج بريطانيا .. وزلزال يصيب الأسواق

بدأ الاتحاد الأوروبي ومؤسساته سلسلة لقاءات مكثفة للحفاظ على وحدته وتجنب قيام دول أخرى بخطوات مماثلة إثر تصويت البريطانيين بالانسحاب من التكتل، في وقت احتفى فيه اليمين الأوروبي بالخطوة البريطانية.

وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز إن “رد الفعل بالمطالبة بخطوات مماثلة الذي يبديه المشككون في أوروبا الآن في كل الأنحاء تقريبا لن يحصل”، مشيرا إلى أن المجلس سيجتمع يوم الثلاثاء لتقييم نتائج تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد ، وتحديد الخطوات الضرورية المقبلة.

وأضاف أنه سيتعيّن على الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الـ27 مناقشة كيفية تطويره، مشيرا إلى أن الدول التسعة عشرة الأعضاء في منطقة اليورو على وجه الخصوص تحتاج لمناقشة سبل حماية نفسها في الأشهر المقبلة التي ستشهد فترات مضطربة على الأرجح.

ومن المنتظر أن يعقد رؤساء المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر والبرلمان الأوروبي مارتن شولتز والمجلس الأوروبي دونالد توسك لقاء في بروكسل اليوم لتحديد الآفاق الجديدة للمشروع الأوروبي.

ويرتقب أيضا عقد أول اجتماع لدول الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة في لوكسمبورغ على مستوى وزراء الشؤون الأوروبية للتحضير للقمة الأوروبية المرتقبة يومي 28 و29 يونيو الجاري. كما يعقد اجتماع بين وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي (فرنسا وألمانيا وهولندا ولوكمسبورغ وبلجيكا وإيطاليا) غدا السبت في ألمانيا.

وأفادت مصادر أوروبية بأن سلسلة لقاءات ثنائية ستعقد في البرلمان الأوروبي اعتبارا من اليوم الجمعة لا سيما بين مختلف الكتل السياسية، ويمكن أن تتوسع للدعوة إلى جلسة عامة استثنائية الاثنين أو الثلاثاء القادمين.

وفي فرنسا، قال مصدر في الرئاسة الفرنسية إن الحكومة ستعقد اجتماعا طارئا مساء اليوم لمناقشة تداعيات تصويت بريطانيا لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

من جهة أخرى، أعلن البنك المركزي الأوروبي أنه يراقب عن كثب الأسواق المالية عقب الاستفتاء البريطاني، وأعرب عن استعداده لضخ سيولة إضافية إذا دعت الحاجة الى ذلك.

من جانبه قال رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك إن قادة الدول الأوروبية الأعضاء في الكتلة “عازمون على الحفاظ على وحدتنا” بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد، لكنه حذر من ردود فعل “هستيرية”.

خروج آمن

وعلى صعيد متصل، أكد وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله أنه سيسعى مع نظرائه في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى لضمان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل منظم.

وأضاف شويبله في برلين “أوروبا ستقف معا الآن وسويا، يجب أن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق أكبر فائدة من القرار الذي اتخذه أصدقاؤنا البريطانيون”. من جانبه أكد الرئيس الألماني يواخيم جاوك على أهمية “التمسك بالفكرة الأوروبية”.

من جهته أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تحدث مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هاتفيا اليوم الجمعة بعد تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد.

أما رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل فقد دعا إلى اجتماع قادة الاتحاد في الـ27 من الشهر الجاري لإعادة تأكيد التزامهم حيال الاتحاد وتحديد الأولويات من أجل رسم مستقبل جديد لأوروبا، على حد قوله.

وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت من جانبه في تغريدة على موقع تويتر أن على أوروبا “التحرك” من أجل “استعادة ثقة الشعوب”.

وكانت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان قد دعت إلى استفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي “في فرنسا وفي دول الاتحاد”. كما طالب النائب اليميني المتطرف غيرت فيلدرز هولندا بإجراء استفتاء على إمكانية خروج بلده من الاتحاد.

ورحب حزب البديل من أجل ألمانيا المتشكك في أوروبا بقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، معتبرا أنه “أسدى خدمة جليلة لأوروبا”.

زلزال في الأسواق

فقد الجنيه الإسترليني الجمعة 24 يونيو، أكثر من 10% من قيمته، بعد أن أظهر ت نتائج الاستفتاء الأولية، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وبحلول الساعة 6:45 بتوقيت موسكو، هوى سعر العملة البريطانية “الإسترليني” مقابل الدولار، إلى 1.3305 للدولار. بعد خسارته نحو 1.33 دولار عن آخر جلسة تداول.

ووفقا لوكالة “بلومبرغ” الاقتصادية، يعد هذا الهبوط الحاد لقيمة الجنيه الإسترليني، أدنى مستوى له منذ عام 1985.

وسجلت الأسهم الأوروبية انخفاضا غير مسبوق، إذ هبط مؤشر “يورو ستوكس 50” بنسبة 3.94% ليصل إلى مستوى 2.918.18 نقطة، بحلول الساعة 10:05 بتوقيت موسكو، كما تراجع مؤشر “FTS100” بنسبة 1.60% ليصل إلى مستوى عند 6.236.40 نقطة، وهوى مؤشر “كاك” الفرنسي، بنسبة 4.87% ليسجل 4.248.60 نقطة، أما مؤشر “داكس” الألماني فخالف باقي المؤشرات الأوروبية، وارتفع بنسبة 1.85% ليصل إلى مستوى 10.257.03 نقطة.

من جانبه، أعلن بنك إنجلترا المركزي أنه سيتخذ جميع الخطوات الضرورية لضمان الاستقرار النقدي والمالي بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال البنك في بيان: “يراقب بنك إنجلترا التطورات عن كثب”… “شرع البنك في خطة طوارئ واسعة ويعمل بالتعاون الوثيق مع وزارة الاقتصاد والمالية وغيرها من السلطات المحلية إلى جانب البنوك المركزية في الخارج

وشهدت بورصة طوكيو تراجعا حادا، إذ انخفض مؤشر سوق المبادلات في طوكيو “نيكي” القياسي 8.30 % أي 1347.79 نقطة إلى مستوى 14890.56 نقطة، أما مؤشر “توبيكس” الأوسع فقد هبط 8.16 % بخسارته 105.91 نقطة إلى 1192.80 نقطة.

وقد دعا وزير المالية الياباني تارو إسو إلى مؤتمر صحفي عاجل مع ارتفاع سعر الين أيضا. وبلغ سعر الدولار منتصف النهار (بالتوقيت المحلي) 99.04 ين وهو رقم لم يسجل منذ نوفمبر 2013.

هذا وسجلت أسهم الشركات الكبرى في بورصة طوكيو تراجعا تجاوزت نسبته 8% مع تقدم مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهبطت أسهم شركات التصدير بصفة عامة متأثرة بصعود الين، إذ خسر سهم “بريدجستون كورب” 8.5 % و”تويوتا موتور بنسبة” 8.7 % و”باناسونيك كورب” 8.3 %.

وعانت أسهم الشركات التي تملك مراكز إنتاج في بريطانيا حيث هبطت أسهم “هيتاشي” التي تصنع قطارات في بريطانيا 10.3 % و”نيسان موتور” التي تصنع سيارات في المملكة المتحدة 8.1 %. ولم تكن أسعار النفط أوفر حظا، إذ تراجعت أسعار النفط بشكل حاد متأثرة بنتائج الاستفتاء الأولية التي أظهرت تأييد 51.9% من البريطانيين لخروج المملكة من الاتحاد الأوروبي.

وبحلول الساعة 9:51 بتوقيت موسكو، هبط سعر برميل خام مزيج “برنت” القياسي، بنسبة 4.91% ليصل إلى 48.41 دولار، كما تراجع سعر برميل الخام الأمريكي الخفيف بنسبة 4.93% ليصل إلى 47.64 دولار.

أما المعدن الأصفر فقد قفز بنسبة 8% ليسجل أعلى مكاسبه منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، بعدما أصيبت الأسواق بالصدمة بسبب تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي وهو ما أذكى اضطرابات السوق التي دفعت المستثمرين للإقبال على الأصول الآمنة. باعتباره من الملاذات الآمنة الأخرى مثل السندات مع هبوط الأصول التي تنطوي على مخاطر مثل الأسهم والجنيه الاسترليني.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 5.1% إلى 1319.60 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 9:39 بتوقيت موسكو بعدما صعد في وقت سابق إلى 1358.20 دولار للأوقية مسجلا أعلى مستوى له منذ مارس2014. وكان الذهب قفز نحو 11% في سبتمبر 2008.

وزاد الذهب في العقود الأمريكية الآجلة تسليم أغسطس آب 4.7% إلى 1322.80 دولار للأوقية. ومن بين المعادن النفيسة الأخرى ارتفعت الفضة 2.4% إلى 17.69 دولار للأوقية وزاد البلاتين 1.4% إلى 973.75 دولار للأوقية بينما هبط البلاديوم نحو3% إلى 548 دولارا للأوقية.

وأظهرت نتائج استفتاء بريطانيا تصويت نحو 52% من البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي مقابل 48% صوتوا لصالح البقاء. وأحدث التصويت أكبر صدمة مالية عالمية منذ أزمة 2008 وهذه المرة مع وصول أسعار الفائدة في العالم إلى الصفر بالفعل أو بالقرب منه بما يحرم صناع السياسات من وسائل مواجهة هذه الصدمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *