المغرب الكبير | متابعات

#لا_لماكرون_في_الجزائر.. هشتاغ أطلقه الجزائريون رفضا لزيارة ماكرون

تستعد الجزائر لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسط دعوات داخلية لفتح ملف التاريخ المشترك بين البلدين وضرورة اعتراف فرنسا بماضيها الاستعماري وبالجرائم التي ارتكبتها بالجزائر، لا سيما خلال حرب التحرير التي استمرت أكثر من سبع سنين (1954 – 1962).

ماكرون المرشح: الاستعمار جريمة، وعلينا الاعتذار

و سبق لإيمانويل ماكرون أن أثار الجدل قبل شهور بفرنسا، عقب تصريحه خلال زيارته للجزائر في شهر فبراير الماضي بصفته مرشحا للرئاسة الفرنسية أن “الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي، وهو جريمة” قبل أن يواصل مؤكدا “إنه جريمة ضد الإنسانية، إنه وحشية حقيقية وهو جزء من هذا الماضي الذي يجب أن نواجهه بتقديم الاعتذار لمن ارتكبنا بحقهم هذه الممارسات”.

تصريح ماكرون، في مقابل إثارته زوبعة في الأوساط الفرنسية، خصوصا اليمين المتطرف، أحيا آمال جيل كامل من الجزائريين، ممن يتنظرون من فرنسا الاعتراف بجرائمها خلال احتلالها للجزائر (1830-1962).

ماكرون الرئيس: لا إنكار ولا اعتذار

غير أن ماكرون، وخلال جولته الأفريقية الأسبوع الماضي، غير من نبرته تجاه ملف الاستعمار الفرنسي للقارة السمراء، وقال إنه لن يقدم أي اعتذار حول ملف جرائم الاستعمار الفرنسية.

ولتبرير موقفه، أوضح أنّ القاعدة بالنسبة إليه هي “عدم الإنكار وعدم تقديم اعتذار”.

ثم تابع قائلا: “قلت دائما لا إنكار ولا اعتذار، لابد من رؤية الأشياء أمامنا هذا تاريخنا المشترك.. وإلا سنبقى في فخ هذا التاريخ بلا نهاية”.

​تصريحات ماكرون أثارت ردود فعل على مواقع التواصل الاجتماعي بالجزائر، إذ سارع ناشطون لإطلاق هاشتاغ رافض لزيارته.

وأعرب مغردون عن استيائهم لرفض الرئيس الفرنسي الاعتراف بجرائم فرنسا في مستعمراتها الأفريقية عموما، وبالجزائر على وجه الخصوص، من خلال هاشتاغ (#لا_لماكرون_في_الجزائر).

وجاءت معظم التغريدات على تويتر في سياق الرفض العام، إذ عمد نشطاء إلى إعادة نشر صور قالوا إنها “تلخص بشاعة الممارسات الفرنسية خلال الاحتلال.”

ومن المدونين على فيسبوك من أرفق تعليقه على زيارة ماكرون بصور تعود للحقبة الاستعمارية مرفوقة بتعليق للرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت (1933-1945) كان قد شجب فيها الاستعمار الفرنسي، بحسب التدوينة.

ونقلت تقارير صحفية أن زيارة ماكرون لن تتعدى بضع ساعات، نظرا للوضع الخاص الذي تمر به العلاقات بين البلدين.

وتؤكد المصادر ذاتها رفض السلطات بالجزائر طلب الرئيس الفرنسي لقاء فعاليات المجتمع المدني، على خلفية تصريحاته بواغادوغو.

وعهد الجزائريون استقبال رؤساء فرنسا خلال زياراتهم بحفاوة، كما ألف الطلبة اسقبال الرئيس الفرنسي بالحرم الجامعي وتبادل أطراف الحديث معه، وهو الأمر الذي يستبعد حدوثه هذه المرة المحلل السياسي عبد العالي رزاقي.

الاقتصاد ..أوّلا

وفي نظر رزاقي، فإن التجند الشعبي لصد زيارة رسمية لرئيس فرنسي أمر ملفت، خصوصا في الوقت الذي تأكد فيه أن فرنسا في عهد ماكرون “ما زالت وفية لمبدئها في عدم الاعتراف بما جرى على أيدي جنودها هنا بالجزائر”.

وكشف رزاقي أن الدعوة لمقاطعة زيارة رئيس بعينه، هي “في الحقيقة سابقة، وتحيلنا لموضع تشنّج آخر على صعيد علاقة الشعب بالسلطة”.

وفي معرض حديثه، ذكر رزاقي بالحماس الذي طبع زيارة الرئيس السابق فرنسوا هولاند، على خلفية اعترافه بتقصير فرنسا في ملف الحركى الذي ظل عالقا طوال سنين.

“لقد أعطى صورة لرئيس متفهم قبل أن يصدمنا باتباعه سياسة أسلافه” يقول رزاقي قبل أن يستدرك “لقد هادن الذاكرة الجزائرية حتى أبرم عقودا إقتصادية تدر عليه مزيدا من المال”.

من جانبه، يركز جلول جديدي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قسنطينة شرقي الجزائر، على التفاهم المسبق بين الجزائر وفرنسا تحضيرا لهذه الزيارة.

“لا أعتقد أن عدم الاعتراف سيقف أمام تحقيق ما ينبغي توطيده على المستوى الاقتصادي”.

ويتابع جديدي مؤكدا أن الأمور التي تستعجل علاقة الجزائر بالدول هي تلك المتعلقة بالجانب الاقتصادي، في ضوء ما تمر به البلاد من أزمة على أصعدة عديدة.

ويستدل المتحدث بانعقاد الدورة الرابعة للجنة المشتركة الاقتصادية الجزائرية-الفرنسية، بداية نوفمبر الماضي، بالرغم مما تثيره تقارير إعلامية عن تشنج العلاقة بين البلدين.

ويرى المتحدث ذاته أن الشق الاقتصادي سيطغى على أي ملف آخر، وبالتالي “فلا خوف على فشل الزيارة بسبب دعوات على الإنترنت” بحسب رأيه.

الجرح لم يندمل!

أستاذ علم الاجتماع بجامعة خميس مليانة (غربي الجزائر)، محمد ميهوب، يرى بأن ردة فعل الجزائريين تجاه زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طبيعية في بعديها المجتمعي والتاريخي، لأن الأخير يمثل المستعمر السابق للجزائر، “وكفى بذلك لتحريك الحساسيات”، على حد وصفه.

وفي سياق تحليله، يؤكد ميهوب أن الحراك “الافتراضي الذي يصاحب أخبار زيارته يجد له حججا على مستوى العلاقة المتشنجة بين البلدين على المستوى الرسمي”.

ويتابع المصدر ذاته “ليس من الممكن أن ينسى الجزائريون آلام أجدادهم”، ثم يستدرك “الجرح لم يندمل بعد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *