ملفات

فساد الإدارة بأكادير يسمح بخرق قوانين فتح المصحات الطبية وشبه الطبية

طفت على السطح فضيحة أخرى بمدينة أكادير تنضاف إلى سلسلة من الفضائح التي كان أبطالها مسؤولو المصالح الإدارية بأكادير. فبعد الفضائح التي مست المحافظة العقارية وأكاديمية التعليم والوكالة الحضرية ووكالة الحوض المائي والمركز الجهوي للإستثمار الفلاحي، يأتي دور مندوبية الصحة من خلال فتح مركز طبي متخصص في الفحص بالأشعة دون التقيد بالقوانين المعمول بها في مجال تنظيم هذه المهنة. والخطير في الأمر أن مندوبية الصحة والسلطات المحلية والمنتخبة بقيت تتفرج على مسلسل خرق القانون من مرحلة تهيئ وبناء المركز إلى حين مزاولة وظائفه واستقباله العموم.

تداولت اللجنة الجهوية للإستثمار في ملف إنجاز مركز طبي متخصص في الفحص بالأشعة وأعطت موافقتها على المشروع دون أن تتقيد بالقوانين المعمول بها في شأن الإستثمار في المجال الطبي، والتقيد بالضوابط القانونية التي يجب اتباعها في مراحل إنجاز المشروع. وتعرف ردهات المحكمة الإدارية بأكادير، النظر في هذه الواقعة / الفضيحة، التي بطلها أحد الأطباء.

ويرمي مضمون القضية إلى إلغاء رخصة بناء المركز لعدم احترام صاحب المشروع قانون التعمير، وأن الرخصة التي منحها المجلس البلدي لأكادير تشوبها عيوب تناقض قوانين التعمير. وتحولت معركة سكان عمارة “اشتوك” بزنقة أخنوش بقلب مدينة أكادير لمنع طبيب من إنشاء مركز للفحص بالأشعة بالطابق السفلي للعمارة من ساحة الإدارات المعنية، بعد فشلها في إيقاف الأشغال، إلى المحكمة الإدارية لإيقاف أشغال بناء المركز  المخالف لقوانين المتعلقة بمزاولة الطب وقانون التعمير.

ويتهم سكان العمارة صاحب المشروع وبعض الإدارات العمومية بعدم تطبيق قانون التعمير، وخاصة التقيد بقانون الملكية المشتركة التي تنص على أخذ موافقة السنديك والملاكين قبل بداية أي أشغال في الملك المشترك. هذا بالإضافة إلى عدم إحترام لمعايير إنشاء المصحات الذي يحتم وجودها بمعزل عن أي مبنى يتضمن محلات مخصصة للسكن أو للمكاتب.

وكان مدير الوكالة الحضرية لأكادير قد ضمن رده على شكاية المتضررين على أن المشروع قد أخد موافقة مبدئية من اللجنة المختصة في المشاريع الكبرى بشرط الإدلاء بموافقة سكان العمارة. والرد / الإقرار يحمّل صراحة مسؤولية الإدارة في عدم احترام القانون في هذه النازلة، خصوصا وأن رئيس هيئة الأطباء في الرسالة رقم 2210 يقر بأن فتح مركز للفحص بالأشعة يتطلب مسبقا رخصة إدارية من الأمانة العامة للحكومة بعد استشارة كل من وزارة الصحة والهيئة الوطنية للأطباء، ثم تقديم ملف يتضمن تصاميم المركز وتصاميم التجهيز ولائحة المعدات وشهادة الملكية الخاص بالملك الذي يقام عليه المشروع، والخطير أن هيئة الأطباء لا تتوفر على أي طلب في الموضوع. ولا علم لها بفتح مركز للفحص بالأشعة بمدينة أكادير.

فكيف تم دراسة هذا الملف دون أن يتم تقديم ملف متكامل، وهل الإدارات المعنية بدراسة الملف مندوبية الصحة والمركز الجهوي للإستثمار والمجلس البلدي والسلطة المحلية تجهل القانون؟ فكيف تم التغاضي عن ضرورة الإدلاء برخصة خاصة من الأمانة العامة للحكومة كشرط أساسي لبدء دراسة مثل هذه المشاريع؟ أم أن أساليب أخرى كانت وراء بداية الأشغال بهذا المركز دون الحصول على الوثائق الضرورية.

ومن جهة أخرى، فإن صاحب المشروع لم يسلك المساطر الخاصة بفتح مركز طبي متخصص في الفحص بالأشعة، وحسب الظهير الشريف رقم 4- 96 – 123 المؤرخ في 1996/08/21 المنظم لمهنة ممارسة الطب يتطلب رخصة صادرة من الأمانة العامة للحكومة قبل البدء في إجراءات الترخيص، وتقديم هذه الرخصة وجوبا للسلطة المحلية، وهذا الأمر تمت مخالفته في دراسة هذا الملف، حيث لجأ صاحب المشروع إلى مسطرة الحصول على رخصة بناء مسكن عادي.

ومثل هذه الملفات تتطلب دراسات تتعلق بأهلية صاحب المشروع، ودراسات هندسية والتأثير على البيئة، إلى غير ذلك من الوثائق التي تحدد لزوما قانونية المشروع. والغريب أن يتم السماح بإنجاز مشروع في عقار مشترك يسري عليه قانون الملكية المشتركة، وهذا مخالف لقانون إقامة المصحات الطبية والشبه الطبية، وهذا ما تنص عليه المادة الثانية من قرار وزير الصحة الصادر بتاريخ 2 نونبر 2000 تحت رقم 1693-00 الخاص بتحديد المعايير التقنية الواجب توفرها في المصحات، والقانون رقم 94-10 المتعلق بمزاولة الطب، الذي يحدد معايير البناء والإقامة والسلامة.

وينص ذات القانون على وجوب إقامة المصحات الطبية والشبه الطبية بمعزل عن أي مبنى مخصص للسكن. وأي متتبع لمجريات إنجاز هذا المشروع الطبي يصل إلى أن مسؤولي بلدية أكادير كانوا وراء حماية صاحبة المشروع من خلال تضارب المستنتج من الوثائق التي تبادلتها البلدية مع المتضررين من المشروع. وكانت بلدية أكادير قد بعثت بتاريخ 30 أبريل من السنة الماضية، أي أربعة أيام عن دراسة المشروع من قبل لجنة المشاريع الكبرى، رسالة إلى رئيس الملحقة الإدارية الثانية لأكادير المحيط تحت عدد 0008321، تحيطه فيها علما بضبط مخالفة في ميدان التعمير بعمارة أشتوك بشارع أخنوش، تتمثل هذه المخالفة في القيام بتغييرات داخلية بدون ترخيص قانوني.

وتطلب من السلطة المحلية إيقاف الاشغال، وموافاة البلدية بالهوية الكاملة للمخالفين، قصد تطبيق المسطرة الزجرية من خلال رفع دعوى قضائية ضد صاحب المشروع. إلا أن البلدية اتخذت قرار رقم MT16684، يتم من خلاله الترخيص بتهيئة مركز الشفاء للفحص بالأشعة بتاريخ 23 مايو من السنة ذتها.

كما أن المجلس الجماعي بأكادير بعت بتاريخ 28 مايو، أي بعد أربعة أيام من تسليم رخصة التهيئة، برسالة جوابية للمشتكين تخبرهم فيها بأنه بعد المعاينة، ومن خلال التقرير المنجز من طرف المراقب المحلف، الذي أشار فيه إلى أن المعاينة تمت بمعية عون سلطة والمشتكي، تعذر عليهم الدخول إلى المحل موضوع الشكاية، لكونه مغلقا، لكن الاشغال ما زالت متواصلو بداخله، وأن مصالح الجماعة قامت بمراسلة السلطة قصد تحديد هوية المخالف، وكأنها لم تسلمه رخصة التهيئة. ومنذ بداية السنة الحالية افتتح مركز الشفاء أبوابه أمام العموم قصد تقديم خدماته الطبية، رغم الخروقات التي شابت مراحل تهيئة المشروع.

ورغم الشكايات المتكررة للمتضررين من المشروع، إلا أن السلطات المحلية والمجلس الجماعي لأكادير والوكالة الحضرية ومندوبية الصحة اتخذت موقفا سلبيا يتمثل في تأكيد أو نفي قانونية تهيئة مركز الشفاء للفحص بالأشعة بأكادير. وتنضاف هذه الحالة إلى قضايا الفساد التي تنخر المصالح الإدارية والمؤسسات المنتخبة بأكادير.

عز الدين فتحاوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *