آراء

إجتماع السفراء وبهدلة العمل الديبلوماسي

احتضنت وزارة الخارجية المغربية في الرباط تجمعا لسفراء المغرب في العالم لتدارس القضايا الدبلوماسية التي تهم مستقبل المغرب. وهي مبادرة غير مسبوقة، وجاءت بعد انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة، والذي كان يحتكر خبايا وزارة الخارجية ومازال.

ربما غياب يوسف العمراني  عن الخارجية، جعل خصوم “البيجيدي”، يخافون بانفراد سعد الدين العثماني  بالخارجية المغربية، وقد يكون سر  الدعوة لهذا الاجتماع واحد من العوامل بعد أيام فقط ، من توريط  العثماني في الكويت واتهام سفير  المغرب  يحيى بناني، وهو نجل الجنرال دوكوردارمي عبد العزيز بناني المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، بتجميع  إسلامي الكويت وترتيب لقاء مع الوزير بصفته الحزبية وخارج السياق الدبلوماسي.

من جهة أخرى تحاول دبلوماسية المغرب التأقلم مع التطورات الجارية في عالم متغير باستمرار بمحاولة إرساء “فكر دبلوماسي استراتيجي”، يسمح للمغرب بالحفاظ على العلاقات مع الشركاء الاستراتيجيين، حيث دعا الملك محمد السادس السفراء إلى إعطاء الأولوية لـ«الدبلوماسية الاقتصادية»، وهو  امتداد لنفس الخطاب الذي أعلن فيه ثورته في 20غشت الماضي.

الغريب في كل هذا، أن نقاش الدبلوماسية المغربية جاء تزامنا مع  توالي الأحداث وتسجيل الإصابات ضد حزب “البيجيدي” بعد تغييب يوسف العمراني الوزير المنتدب لدى الوزير الخارجية  الذي قدم استقالته من الحكومة كرها وبتعليمات، وهو ما يعطي انطباعات مسبقا  من فحوى  اللقاء، وربما يكون  الغرض منه توجيه السفراء والتزام الحذر بشأن إستراتجية العمل الدبلوماسي لدى “البيجيدي”.

ولعل العبرة  في بهدلة عمل  سعد الدين العثماني، ما أقدم عليه حمدي ولد الرشيد موازاة مع ترتيبات لقاء السفراء، بحيث اجتمع  عمدة العيون وبصفته الحزبية بنائب المقرر الخاص بلجنة الشؤون الاجتماعية والمدنية والتربية والثقافة بالبرلمان الأوربي، وهو إجراء يخص وزارة الخارجية، مادام أن الأمر يتعلق بالقضية الأولى للمغرب.

كما اجتمع من قبله الأمين العام لحزب “الاستقلال”، حميد شباط بالسفير المصري المنتهية ولايته أبو بكر حفنى محمود يوم الثلاثاء 27 غشت، وكان شباط محاطا بقيادات من حزبه، كخطوة سياسية لها دلالاتها، حيث إن هذا الإستقبال جاء في الوقت الذي رفع فيه عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، شارة “رابعة العدوية”، التي ترمز إلى التضامن مع “الإخوان المسلمين في مصر”، ناهيك عن ما روج عن تواجد ممثل البوليساريو بسيدي افني، ليبقى العمل الدبلوماسي محط صراع بين أطياف تريد بسط سيطرتها على العلاقات الدولية حفاظا على مصالحها وليس لتحسين صورة العمل الدبلوماسي.

إلا أن الجوانب المثيرة للاهتمام اليوم، وقبل أي وقت مضى، هو التغيير المحتمل ما بعد أزمة سوريا، والأزمة الاقتصادية وظهور قطب منافس للولايات المتحدة الأمريكية في المحيط الهادي.. كلها تحديات قائمة في المستقبل القريب.

والمغرب لن يكون بمنأى عن هذه التداعيات، وإرهاصاته بدأت بالتهافت المثير للوفود الى الصحراء، وفي ظل استمرار أزمة الصراع الدبلوماسي بين أطياف التيار السلفي “البيجيدي” وحزب الاستقلال، فقد لا تستغربون يوما من قيام قبائل الصحراء باستدعاء والتباحث مع مثل هذه الوفود مادام أن عمدة العيون اتخذ المبادرة وكان له السبق في ذلك وبمعية “أولاد عمو”.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *