آراء

حكومة بنكيران خارج الزمن السياسي وإقالة أوزين مطلب استعجالي للشباب المغربي

لقد خلفت الأزمة الإقتصادية العالمية والعدد الهائل من الشباب العاطل عن العمل على مستوى العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحولات مهمة، كرست تفاقم مخاطر الصراع وعدم الاستقرار، خاصة وسط نقص عام للفرص الاقتصادية وقنوات المشاركة في الحقبة الأخيرة، كما أفرزت ثورة الياسمين بتونس حراكا شعبيا إمتد إلى باقي البلدان العربية بل وألهم دولا أوروبية وأخرى بأمريكا اللاتينية وكان قاسمها المشترك تزعم الشباب لحركات احتجاجية هدفت أساسا إلى إسقاط أنظمة مستبدة وإعطاء الشعوب الحرية والكرامة والعدالة. أما على الصعيد الوطني فقد أفرزت الحركة المطلبية الشعبية 20 فبراير وخطاب 9 مارس 2011 للملك محمد السادس حدثا تاريخيا، جسد إلتحام العرش والشعب ووضع أسس تعديل الدستور بما يتجاوب مع المطالب المشروعة التي رفعها الشباب المغربي وخاصة الرفع من وثيرة الإصلاحات السياسية وفصل السلط وتفعيل الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وقد تميزت هاته المرحلة بانخراط كبير للشباب المغربي وبكل ثقة ومسؤولية وطموح لمغرب أفضل، فصوتوا بأغلبية ساحقة لدستور متقدم، وتوجهوا بإيجابية لصناديق الاقتراع في محطة الانتخابات التشريعية، والتي أفرزت حكومة ديمقراطية تترأسها المعارضة. حيث كانت جميع المؤشرات تعلن أننا في الطريق الصواب إلى انتقال ديموقراطي حقيقي و إلى تخليق الممارسة السياسية عبر إعمال الدستور في أفق ملكية برلمانية.

إلا أنه، وبعد مرور ما يناهز السنتين، فإننا نسجل ضعف وغياب الرؤيا لدى الحكومة في التفاعل مع انتظارات و هموم المغاربة عموما و الشباب خصوصا. حيث أصبحنا نعيش على إيقاع أزمة سياسية حادة سمتها أغلبية حكومية غير منسجمة وتطاحن لا مسؤول بين الحكومة والمعارضة. كما أصبح من الصعب على المواطننين تتبع أو حتى مسايرة الشأن السياسي، حيث أصبح المغرب يعرف تراجعا خطيرا في العديد من الأوراش التنموية بل وتراجعا خطيرا في بعض المكتسبات واستفحال ظاهرة الفساد.

وبالرجوع لتقرير المندوبية السامية للتخطيط، فالمغرب يعرف تضخما متسارعا في فئة الشباب والناتج عن إنفجار الولادات ما بين 1960 و2000 مما سيزيد من حدة التأخر في مجال التكوين والإنتاجية وتفاقم معضلة التشغيل. حيث بلغت نسبة البطالة % 14 30، سنة في فئة الشباب البالغين ما بين 15 إلى 35 سنة. كما أشرت التقارير إلى معانات فئات عريضة من الشباب العامل من ظروف شغل قاهرة في قطاعات غير مهيكلة وذات انتاجية عامة متواضعة وركود نسبي مع غياب التغطية الصحية والحماية الإجتماعية. كما تحصل أجورا زهيدة غير قادرة غلى توفير ظروف العيش الكريم والحق في خلق أسرة قادرة على الإنخراط في مجتمع المعرفة والمواطنة بما يتماشى مع الهوية الإسلامية للمغاربة وتحديات العولمة.

ويعتبر هدا النمو الديموغرافي المضطرد في فئة الشباب، مصدرا أساسيا لخلق الثروة ودعم سوق الاستهلاك الداخلي في أن واحد عندما يكون فاعلا ومنتجا، كما يشكل الشباب العاطل عبئا على المجتمع و قنبلة موقوتة بالنظر لاحتياجاته المستقبلية عند الشيخوخة من رعاية صحية وغيرها. ويمكن القول اليوم بأن المجهودات المبذولة ومختلف السياسات العمومية أثبتت محدوديتها وعجزها عن مواكبة الاحتياجات المضطردة لهذه الفئة بما يندر بتأزم الوضع في المستقبل القريب.

ويعتري الشباب المغربي اليوم جملة من التحديات وخاصة، شباب العالم القروي الذي ما زال يعاني من مشاكل الإقصاء والتهميش الجغرافي والإقتصادي، بالإضافة إلى التوضيف السياسي المتمتل في غياب هموم هذه الفئة عن البرنامج الحكومي وإقتصار الحكومة على حلول ترقيعية من خلال برمجة ميزانيات ضعيفة و موسمية كمحاربة الجفاف و الإنعاش الوطني. فبالرغم من المجهودات التي جاءت بها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لخلق مشاريع مدرة للدخل وبرنامج المغرب الأخضر، فإن أثارهما تبقى محدودة بالنظر إلى حجم إحتياجات فئات العالم القروي، والتي يمس الفقر قرابة 4 ملايين منها، وتضم 70في المائة من فقراء الوطن، وتسجل أعلى نسب هدر مدرسي و52 في المائة من الأمية في فئة ما بين 15 و24 سنة، وضعف الولوجية، إن لم نقل غياب المرافق الأساسية للحياة الكريمة.

أما تحصيل التعليم في المغرب، فقد أكدت غلوريا لا كافا، (كبيرة علماء الاجتماع في البنك الدولي( في دراسة حديثة، بأن معدلات الأمية قد تقلصت بشكل كبير دون أن ينعكس دلك إيجابيا على عوائد الاستثمار في التعليم. كما أن سوق الشغل يغلب عليه طابع النخبوية ويتطلب مهارات في اللغة الفرنسية مما ينتج عنه شكل من الإقصاء. وأكدت الدراسة أن هذا النظام من التكوين مكلف وغير ملائم لإحتياجات سوق الشغل مما يدعو إلى أبتكار وسائل أخرى لتيسير نظام الانتقال من المدرسة إلى العمل. وأمام هذا الوضع الإجتماعي المتردي وفي غياب استراتيجية حكومية واضحة و التعثر إن لم نقل الشلل الدي يعرفه الحوار الدي أطلقه الوزير الشوباني والإجراءات الترقيعية المعزولة للوزير أوزين، فإن الحكومة مطالبة بإعادة النظر في أولوياتها والعمل على ملائمة قانون المالية المقبل والأوراش الأساسية الملحة التي يطمح إليها الشباب المغربي وعلى رأسها إخراج المجلس الوطني للشباب إلى الوجود وتوفير الإمكانيات الضرورية لتحفيز الشباب على المشاركة الفعالة في الحياة العامة والشأن السياسي والمواطناتي، وتطوير المنظومة التعليمية وتأهيل وتحديت التكوين الجامعي وتنمية الدورة الإقتصادية بالمغرب وتأهيل الإقتصاد الوطني والرفع من وثيرة ولوج سوق الشغل.

كما أن الشباب المغربي اليوم، مطالب باعتماد آليات ومقاربات جد متقدمة لإسمعاع صوتهم عبر كل القنوات والوسائل الممكنة وتفعيل التنسيق بين مختلف التنظيمات السياسية الشبابية الحداثية التقدمية بما يكفل تحقيق طموحاتهم في مغرب أفضل، مغرب الكرامة والحرية والعيش الكريم.

*الكاتب العام لمنتدى الأصالة والمعاصرة للهندسة الوطنية

وعضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *