آراء

منظمة التحرير الفلسطينية: بوتقة الوحدة الوطنية

الوحدة الوطنية الفلسطينية هي اهم القضايا في العمل الوطني الفلسطيني ،وهي مفتاح المخرج من المازق الذي يهدد الشعب الفلسطيني كله،فلا عجب اطلاقا ان تكون قضية الوحدة الوطنية الفلسطينية اكثر القضايا اهمية و الحاحا على الحوار الوطني في مختلف اصعدته و اجوائه ، ولا عجب ايضا ان تكون ساحات بحث الوحدة الوطنية مرتعا للمزايدات و التخريجات ,و من العًقد ذات الاثر العميق المدى الذي تراكم فيه عبر السنين الماضية .

ربما يستغرب من عجز عن قراءة الواقع قرائنه و مدلولاته اذ ان الشرذمة والضياع الان ما هما الا صورتين خطيرتين من صور المأزق الخانق و القائم حاليا في اطار حركة حماس على اننا لا نقول في ظل وهم ولو للحظة واحدة بأن تحقيق الوحدة الوطنية في ظل حكومة فلسطينية قوية ما هي الا الحل السحري لكافة معضلات و مشكلات الشعب الفلسطيني .

نقول ان عملية ولوج المحطة الاولى و هي استعراض التطورات التي آلت اليه علاقة حماس مع مصر ،و على اثرها مسالة الحوار التي ناشد بها هنية الرئيس ابو مازن قد تعني انعتاق عقلية حماس من شوائب و معيقات عديدة كبّلتها بل و شلّتها ردحا طويلا من الزمن اذا اعلن هنية حل حكومة الانقسام في غزة لتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الرئيس ابو مازن لاجتياز الوضع الفلسطيني الصعب المتمثل في الانقسام و استغلاله من قبل اسرائيل لتهويد القدس وبناء الكثير من المستوطنات بمصادرة آلاف الدونومات من الاراضي الفلسطينية و التنصل من المفاوضات ومراوغتها اميريكيا .كذلك فان تخطي هذه العقدة المؤلفة من عقد يصعب حصرها ولو بخطوة واحدة قد تكون مؤشرا عميقا الى بداية تغيير جذري و الى بداية حل تتحلل بعده العقد واحدة تول الاخرى .

لماذا تصعب اذن الخطوة الاولى ؟ لماذا يبدو الشعب الفلسطيني و كأنه قد كتب عليه ان يظل مراوحا في مكانه عاجزا عن اداء مهامه التاريخية مترددا في خوض نتائج نضاله الطويل المضني الشاق الذي تبدو شروط خوضه الموضوعية و التاريخية و حتى النفسية متوفرة و جاهزة.

ان حكومة الوحدة الوطنية تجمع في وحدة حكومية تنفيذية متناقضة عديدة من الطبقات السياسية والاجتماعية تختلف الواحدة فيها عن الاخرى و تتوحد كلها على اساس برنامج نضالي مشترك و محدد . على ذلك فانه لا يمكن للمرء ان يتصور حكومة وطنية بدون طبقات سياسية مختلفة و الخطر المبدئي يتطلب من المرء ان ينطلق من وجهة نظر فلسطينية في دراسة كل المشاكل المتعلقة بسياسة حكومة الوحدة الوطنية و حلّها,و بالنسة للشعب الفلسطيني و بحكم مركزه التاريخي فان مصلحته السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المصلحة الوطنية تتطابقان تماما. اما بالنسبة للطبقات السوسيولوجية الاخرى في الشارع الفلسطيني السياسي فانه يوجد اتفاق بين المصلحة الخاصة و المصلحة العامة ، الا ان هناك ايضا نقاط اختلاف بينهما ولهذا السبب و من اجل تحقيق الوحدة و دعمها فان هناك بالضرورة صراعا بين مختلف وجهات النظر الخاصة لاعضاء التيارات السياسية الممثلين لمختلف الطبقات الاجتماعية.

ان وحدة من جانب واحد و بدون صراع ستنتهي في الواقع بتدمير الوحدة الوطنية و بتصفية المقاومة و المؤسسات الوطنية ،ومعرفة كيفية ادارة حكومة مؤسسات على المبادئ اي على اساس برنامج سياسي مشترك ،وبهدف تحقيق هذا البرنامج لن يؤدي الى تحطيم الوحدة الوطنية او الى اضعاف الحكومة على العكس ذلك هو الشرط الوحيد لتعزيز الوحدة ولدعم الحكومة ،حكومة الشعب التي اطاحت بها حماس في الانقلاب الدموي عام 2007 .

ان منظمة التحرير الفلسطينية وهي تعتمد على القوى الاساسية لشرائح الشعب الفلسطيني ،وتقوم في كل مرحلة بتقدير دقيق للتغيرات التي تطرأ على مواقع الفصائل و المنظمات ،وتحدد بشكل سليم العدو الاكثر خطورة ذلك الذي يجب الاطاحة به سوف يطبق بتكتيكات مرنة للغاية ،وتدفع بحكومة الوحدة الوطنية بدون توقف و تقودها لكي تتبنى اشكالا من العمل المشترك من اجل هدف ثوري محدد و مباشر،و من هنا تنقسم المعضلات الاساسيى في مسيرة الوحدة الوطنية من حيث طبيعتها الى فئتين :الاولى و هي المعضلات الموضوعية و قد اخذت ملامحها منذ نشأة حركة حماس من التباين في المنطلقات ونصورات العمل ،و من اختلاف الرؤى ،وكذلك من تباعد الخلفيات التنظيمية من التشرذم و الصراع الخفي مضافا اليها الجهد الكامل تقريبا لحركة حماس لم يتوجه الى تحديد وحدة الهدف والاسلوب منذ انطلاق انتفاضة عام 1987 في صالح تنمية علاقات وحدوية تدريجية ،وانما الى التركيز على الذات ،ذات حركة حماس و التحجّر عندها حتى كادت وحدة الهدف والاسلوب تمسي قضايا بلا مدلول عملي فاعل الا بما يصب في خانة دمار الشعب الفلسطيني و هلاكه ،و باتت واضحة امام المطلع وغير المطلع على مشاكل الشعب الفلسطيني .والثانية هي المعضلات الذاتية ، و من الواضح انه لو امكن التغلب على هذه المعضلات و تقليص حجومها لاصبح متاحا التصدي للمعضلات الموضوعية و على راسها قائمة المعضلات الذاتية تاتي قضية العقلية التي تهيمن على قيادات حركة حماس و التي افرزت عجزا تنظيميا و عسكريا و مؤسساتيا و كذلك سياسيا و امنيا ثم تاتي قضية عدم القدرة على تخطي جدار ازمة الثقة التي ظلت تتفاقم الى الان حتى بلغت في كثير من الاحيان افتعال الصدامات و الاغتيالات والتدخلات غير المبررة ولا مقبولة ثم يأتي الاسلوب الناتج من هذا كله الذي اعتمد لمجابهة المعضلات و المشاكل ،والذي يعتبر انعكاسا امنيا لطبيعة العقلية الحمساوية .و قد تميز الاسلوب بصيغة الهروب في اتجاهين نحو الذات في محاولات دؤوبة للتركيز عليها و ابرازها ومناطحة كل شيء من اجلها ،والاتجاه الثاني نحو المجهول اي نحو قضايا غير مضمونة الطريق ولا النتائج بعيدا عن المعضلات و المشكلات الحقيقية و عن جوهر الازمة و في ظل غياب الفهم و القناعة الاستراتيجيتين ،وكذلك في ظل غياب الفهم العلمي لكيفية بنائها من حيث القوى والبرامج فان التعامل قد تميز بصقتين رئيسيتين الموسمية والفوقية، وهكذا كانت تنتهي المحاولات دائما وما زالت اى مزيد من التعقيد .نريد الحواروالحدة ولكننا دائما نخشاها هنا يكمن سر الفشل رغم الجهود ورغم اللقاءات والاجتماعات المضنية والمكثفة.

و لتبدأ اية محطة في العمل الوطني الفلسطيني ، مهما كانت ، بالتسلح بتاريخنا النضالي تاريخ ياسر عرفات و احمد ياسين وعشرات الالاف من الشهداء بهذه الدروع و بغيرها وعلى راسها صمود القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس ابو مازن و صمود جماهيرنا بالضفة الغربية و قطاع غزة و في فلسطين عام 1948 و في الشتات ،عندها نجترح المعجزة …….!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *