متابعات

تصريح السفير الفرنسي بأمريكا يسيء أولا إلى فرنسا ونخبتها

مقال رأي:

إستفزاز غير مقبول من طرف السفير الفرنسي بالولايات المتحدة الأمريكية .. طبعا المعني بالدرجة الأولى هي حكومة الإسلاميين، لأن تصريح السفير كان يخدش من قيم المغاربة وبالخصوص المتدينين منهم، لأنهم لايستحملون مثل هذه المفردات ولا يقبلونها على الإطلاق وتدخل في عداد الطبوهات.

فعندما تتحدث في المغرب عن مصطلح باغية باللهجة المحلية أو كل ما يرتبط بالجنس، غالبا ما يكون رد المتدين ومنهم الإسلاميين بكلمات تلقائية بمعنى التهديد مثل “نعلة الله عليك”، أو عد حشم، أو اتقي الله…

السفير الفرنسي دلاتر Delattre ربما يقصد الحكومة لأنها مؤنث، أم اسم المغرب فهو جامع ولا لايمكن أن يكون سوى مذكر، ومادام أن الشعب المغربي يعرف فرنسا جيدا، ويعرف من يقصدهم السفير دلاتر، لما لا ونصف وزراء الحكومات المتعاقبة على المغرب لهم جنسيات فرنسية وأولاد فرنسا أكثر من المغاربة، لكن لابد من طرح أسئلة جديرة للتمعن لنتعرف لما أطلق السفير الفرنسي العنان للسانه؟ ولماذا هذا التصريح على لسان مناصر للبوليساريو الذي استغل الحدث في باريس بعد أن تراجعت بلاده عن دعم الإنفصاليين.

وباش نعرفوا هاد الشي لابد من التذكير بالسيرة الذاتية للسفير باش نتأكدوا بالصح هد الشي واش كالو عن قناعة أم زلة لسان، ومن خلاله نتسأل عن السر في تأزيم هذه العلاقة، خاصة وأن موقف مثل هذا جاء شهورا فقط من زيارة الملك محمد السادس للولايات المتحدة الأمريكية، وكيف أن الملك باستقباله من طرف أوباما الرئيس الأمريكي، لم يترك للمبعوث الأممي فرصة للتحرك في الصحراء، بل كانت زيارة الملك محمد السادس مارطونية يقطع فيها مسافات كبيرة على طول إفريقيا جنوب الصحراء ودول الساحل.

ربما يكون السر في كل هذا أن مشكل الصحراء لم يعد مغربيا فقط فهو مشكل إفريقي بامتياز، وعلاجه لن يكون سوى بالتسيير الذاتي، وإقرار بمشاريع التنمية، والحكامة الجيدة ولما لا الحكم الذاتي بوصلة التوازن في العالم خاصة وأن العديد من الإثنيات اليوم تريد العودة إلى الأصل الجغرافي، بينما يبقى الإنفصال خط أحمر بالنسبة للدول التي حكمت بمنطق الإمبراطوريات وهو ما يريده المغرب واقنع به حركة الازواد التي استقبلها في مراكش.

وعليه فإن تصريح السفير الفرنسي لايمكن أن يخرج في هذا الإطار ـ بمعنى كاينة شي حاجة غير مفهومة وفيها الخوف على مصالح والدور الإقليمي لفرنسا في إفريقيا؟ وعلاش لا؟ مادام أن أرنب السباق هذه المرة المساهم في وقف الإرهاب في افريقيا هو “عشيقة” فرنسا كما يسميها السفير. ألم يكن معمر القدافي الرئيس الليبي المقتول يتنقل إلى إفريقيا ويستقبل الرؤساء والقبائل لكي يطلقوا عليه لقب سلطان سلاطين إفريقيا، وفي الأخير تبث أنه دعم ساركوزي الرئيس الفرنسي قبل هولاند في انتخاباته الرئاسية.

ورغم تقديمه لهذه المساعدة كانت فرنسا أول من طلبت بتصفية نظامه، وانتهى دور سلطان السلاطين بإفريقيا مقتولا مشوه الجثة عقابا له، لأنه أفصح عن وثائق تورط الرئيس الأسبق ساركوزي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية؟ وأيضا كان سبب انهيار نظامه حينما أراد التغلغل في محمية فرنسا افريقيا ودول الساحل جنوب الصحراء، وهي مناطق تنظر إليها فرنسا كحديقة الحيوانات وأراد القذافي صاحب القبر المجهول منافستها، بإعلان تأسيس مشروعه القومي، الولايات المتحدة الإفريقية بمنطق عروبي.

السفير الفرنسي Delattre الذي يتواجد اليوم في أمريكا، يعرف المغرب جيدا، حيث كان الفضل في تعينه كشاب وسيم إلى الرئيس الأسبق ساركوزي الأقرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنه من جهة كانت له علاقات مع اليهود بأتاوا Ottawa التي عين فيه سفيرا بكندا كما كان مسؤولا بصفته عضوا في الطاقم الدبلوماسي للرئيس جاك شيراك (1995-1998) الذي فضل الإقامة بتارودانت في المغرب، وأيضا أشرف على متابعة الأزمة في البوسنة.

ديلاتري، كان أيضا سفيرا في المانيا ، في سفارة فرنسا في بون (1989-1991)، حيث كان مسؤولا عن القضايا البيئية والتكامل الإقتصادي لألمانيا بعد إعادة التوحيد. والأهم من كل هذا أن تعينه في أمريكا كان بسبب ميوله وخبرته في قضايا الأمن والإستخبارات وتخص مسائل الرصد و الدفاع عن الأمن الأوروبي عبر الأطلسي.

ومن جانب أخر، فزوجته، مادام صوفي إيلاس دلاتر، محامية، كانت متخصصة في الدفاع عن حقوق الأقلية من المستثمرين وقضايا تدبير الشركات، بعد أن أسس شركته الخاصة للاستشارات” فرانكلين” 1990، لتقديم الخدمات للمستثمرين في العالم، ولقد عملت على إقناع العديد من صناديق التقاعد الأمريكية وتحفيز استثماراتهم في فرنسا.

يبقى تصريح السفير الفرنسي دلاتر في أمريكا، اهانة للإسلاميين بالدرجة الأولى، ولعقيدتهم ومرجعيتهم، مادامت أن فرنسا تعرفت عن زعمائهم، وعن نفاقهم، وهي تعلم علم اليقين أن مثل هذه الحكومات لن تقم القيامة ضدها ولوا في مثل هذا التصريح، خاصة إذا تعلق الأمر بفرنسا، وقد يحصل مثلا لإسبانيا كما فعل حزب الإستقلال يوما عندما عبئ وزارة الداخلية لتجميع الناس وبأموال الشعب من أجل مسيرة في الدار البيضاء ضد الحزب الشعبي.

بن كيران منذ وصوله الى سدة القرار السياسي وظف قاموسا لرموز المخزن من تماسيح وعفاريت وو… المعارضة المفبركة هي الأخر سارت على نفس المنوال، فاخترعت هي الأخرى قاموسا للرد عليه وهو أيضا من عينة الحيوانات من حمير وحلوف، وخنزير وغيره، السفير الفرنسي وربما اطلع عن هذه الهرطقة وقانون الغاب في المغرب، وأطلق لسانه لقاموس جديد يخدش من قيم المغاربة ولما لا وقد سبقته فضيحة “كالفان” المجرم الذي اغتصب أطفال المغاربة وتناساه المغاربة كرها.

تبقى نخبة فرنسا التي تدعي الحرية والمساواة وو….، كلام مردود عليه، مادام أن شعوبا مثل المغرب يتم الاستهتار بحقوقها بسبب غطرسة فرنسا، ولعل كل المصائب التي تعيشها افريقيا من صناعة النظام الفرنكوفوني.

وأخيرا، وحتى لا تصاب زوجة السفير صوفي بالغثيان والغيرة والبحث عن العشيقة التي تحدث عنها زوجها، لما لا وقد سبقه أشهر حكام فرنسا نابليون حيث تنسب إليه عدة مقولات منها “وراء كل رجل عظيم امرأة”. وجاء في موسوعة أقوال الفلاسفة والحكماء في عالم النساء أن سيدة حسناء ابتسمت لنابليون وكانت تدس له مسدساً بين ثديها، فأطفأت في صدره نار الإنتقام واكتفى بقوله: “لقد أردت الفتك بالإمبراطور .. فأخفيت سلاحك في مكان أحسده عليه .. فمغفرة لكِ أيتها الفتاة الجميلة”.

وهكذا نجد أن للمرأة –غالبا – دورا مهما وللعشيقة مكانة مرموقة ومساحة كبيرة في حياة الرؤساء والملوك والزعماء بل السفراء وعلى مر العصور. وقد يكون تصريح السفير الفرنسي بأمريكا يسئ أولا الى سمعة فرنسا ونخبتها، ويشكك في مصداقية خطاب الحرية الكبيرة التي نالتها المرأة عندهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *