متابعات

صيام شهر رمضان .. يضرّ بالاقتصاد ولكنه يسعد المسلم

أثبتت دراسة جديدة أجراها باحثان اقتصاديان من جامعة هارفرد أن الصيام يؤثرفي نواح كثيرة من حياة المسلم، حيث ينخفض النمو الاقتصادي خلال شهر رمضان، ولكن سعادة المسلم تزيد في هذا الشهر بشكل ملحوظ.

ويلاحظ ضيوف البلدان الإسلامية من المقيمين الأجانب، التغيير الذي يطرأ على حياة مضيفيهم فور ثبوت الرؤية. ففي شهر الصيام، يتبدد الازدحام المعهود على الطرقات في ساعات الذروة، وتصبح ساعات العمل أقل، مراعاة للموظفين والعاملين الصائمين. ويكتم الشركاء التجاريون الأجانب شعورهم بالاحباط إزاء تعطل الكثير من الأعمال والمصالح خلال هذا الشهر.

التدين الشديد مضرّ بالاقتصاد

أكدت دراسة جديدة، أجراها باحثان اقتصاديان من جامعة هارفرد، ما كان موضع تكهنات، لا تُصرّح بها إلا قلة، تذهب إلى أن التدين الشديد مضرّ بالاقتصاد.

ودرس الباحثان الاقتصاديان فيليب كامبانت وديفيد ياناغيزاوا دروت، بيانات عن شهر رمضان منذ عام 1950، مستخدمين زمن الصيام مقياسًا لدرجة الالتزام بأركان الدين وفروضه.

كما درس الباحثان الدول التي يزيد عدد المسلمين فيها على 75 في المئة، فوجدا أن آثار الصيام على النمو الاقتصادي تكون أشد ضررًا كلما طالت ساعات الإمساك عن الطعام، كما يحدث عندما يقع شهر رمضان في أيام الصيف الأطول.

على سبيل المثال، أظهرت حسابات الباحثين أن زيادة فترة الصيام من 12 إلى 13 ساعة في المتوسط، تؤدي إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 0.7 في المئة تقريبًا. بكلمات أخرى، الورع والتقوى يزيدان المؤمن فقرًا، كما ذهب الباحثان.

رضا إيماني

لكن النتيجة المنطقية المتمثلة في أن زيادة الفقر تسفر عن شعور أقل بالسعادة لا تصحّ على المؤمنين المسلمين، بل وجد الباحثان كامبانت وياناغيزاوا دروت أن المسلمين، الذين يلتزمون بشعائر رمضان في الصيام والتعبد، يشعرون بقدر أكبر من السعادة.

وأظهرت حساباتهما أن زيادة متوسط فترة الصيام من 12 إلى 13 ساعة تزيد بنسبة 4 في المئة احتمالات شعور المسلم بالسعادة في العام، الذي صام خلاله شهر رمضان.

الخيارات تختلف

لكن من النتائج المثيرة للاهتمام في الدراسة أن الخسائر الاقتصادية لا تحدث بسبب هبوط الإنتاجية خلال شهر يقترن بهبوط النشاط وساعات طويلة من الجوع، بل إن تراجع معدل النمو الاقتصادي ناجم من اختلاف الخيارات التي يعتمدها المسلمون بعد شهر الصيام بشأن طريقة حياتهم وتوزيع وقتهم بين العمل والتعبد.

وبحسب الباحثين، فإن تكريس وقت أطول للتعبد، يقود المسلمين إلى اتخاذ قرارات تسفر عن تباطؤ في النمو الاقتصادي، ولكنها تثمر درجة أعلى من السعادة أيضًا.

عام أكثر سعادة

تشكل دراسة كامبانت وياناغيزاوا دروت مؤشرا آخر إلى أن زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي قد لا تكون الطريقة المثلى لتحسين أحوال السكان عمومًا، وشعورهم بالرضا عن حياتهم.

وإذا كان البشر يعيشون حياة أسعد بساعات عمل أقل، وساعات تعبد أكثر، فلماذا لا يقتدي الغرب بالعالم الإسلامي من دون رمضان يدفعه إلى ذلك، كما تتساءل الكاتبة إليسيا ويتماير في مجلة فورين بوليسي. كما تتساءل ويتماير عمّا إذا كان ارتباط السعادة بالورع والإيمان اتجاهًا يقتصر على رمضان والإسلام، أم إنه يصحّ على آخرين يمضون ساعات أطول في الكنيسة أو المعبد.

يصف كامبانت وياناغيزاوا دروت نتائج دراستهما بأنها طريق لإجراء المزيد من الأبحاث. في هذه الأثناء يتزامن شهر رمضان للمسلمين، الذين يعيشون في شمال خط الإستواء، مع منتصف الصيف هذا العام. وستكون أيامه طويلة وصعبة على الصائمين، لكن دراستهما تقول إن هذا العام سيكون عامًا أكثر سعادة على هؤلاء المسلمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *