ثقافة وفن

السخرية السياسية بالمغرب .. “التسوليزم” على خطى باسم يوسف

قبل أسبوعين أعلن مقدم ”برنامج البرنامج” السياسي الساخر باسم يوسف عن توقف تجربته الجديدة في النقد والتي تعتمد على السخرية السياسية.

وقال باسم يوسف في مؤتمر صحافي عقده في القاهرة “لا أقدر أن ألوم القناة على الذي حصل. الظروف والضغوط كانت أكبر من أي أحد”، مشيرا إلى ضغوط مورست على قناة ام بي سي مصر لوقف البرنامج”.

وبذلك أعلنت الرقابة في مصر عن نهاية أحد أكبر البرامج تأثيرا وانتشارا في مصر. وانتهت تجربة الطبيب الجراح الذي اختار أن يخوض غمار تجربة نقد لاذعة، كان صعبة بالنسبة إليه، بعد الثورة المصرية والمخاض السياسي الذي طبع مرحلة ما بعد الربيع، خاصة بعد الانقلاب العسكري.

على خطى باسم يوسف أعلن الناشط المغربي محمد التسولي عن بداية تجربة مغربية في مجال السخرية السياسية على شبكات التواصل الاجتماعي، تحت اسم ”برنامج التسوليزم”.

1528479_707351352662285_1287733628091100411_n

التسوليزم سخرية سياسية على نمط “البرنامج”

محمد التسولي صاحب برنامج التسوليزم قال في اتصال  مع ”مشاهد.أنفو” ”إن برنامجه يستلهم إلى حد ما من تجربة باسم يوسف وعدد من البرامج الأجنبية الساخرة التي نجحت في التأثير عبر استخدام السخرية السياسية”، ”لأن السخرية السياسية، حسب التسولي، أبانت عن قوة تأثيرها و مقبوليتها لدى جمهور واسع من المتتبعين، إذ تمكن المتلقى من فهم بعض القضايا السياسية عبر أسلوب مرح وسهل الهضم، وهي وسيلة ناجعة لتمرير الرسائل السياسية ونقد السلطة بخلاف البرامج التقليدية”.

في دراسة أجراها المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة اعتبر أن ” السخرية السياسية إحدى الأدوات التى تستخدمها المجتمعات فى نقد الواقع والتعامل مع مشكلاته وكشف الممارسات السلبية، وجذب الانتباه إليها بهدف الإصلاح السياسى والاجتماعى، كما أنها تعبر عن المسكوت عنه فى عقول المواطنين، وتكشف اتجاهات الغضب لديهم إزاء القضايا محل الاهتمام المجتمعى، وتهدف إلى فهم التوجهات السياسية السائدة بصورة مكثفة مختزلة فى جهة، وبصورة مفصلة دقيقة معمقة فى جهة أخرى تكون محلا للنقد السياسى الساخر، وغالبا ما تزدهر كنوع من التعويض عن غياب الحريات ووسائل التعبير الحقيقية”.

وتعبيرا على ذلك يقول التسولي إن الإعلام البديل ومواقع التواصل الاجتماعي تعتبر الملجئ الامن لانتشار وتطور هذه الأساليب الجديدة من النقد السياسي، إذ لا يمكن للإعلام المغربي أن ينفتح على مثل هذه البرامج التي تعتمد على النقد والسخرية من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مضيفا أن عدم استقلالية الإعلام العمومي تفرض اللجوء إلى الفضاء الرقمي”.

التسوليزم .. الإعلام البديل ضد الرقابة

بعد اندلاع الانتفاضات الإقليمية المطالبة بالحرية، انتشرت عدد من الأشكال الإبداعية الساخرة التي فتحت هامش أكبر لحرية التعبير والإعلام، من قبيل النكتة السياسية، والبرامج الساخرة المغاربية والعربية.

وبدأت هذه الأشكال النقدية بإدخال روح الدعابة داخل مسار احتجاجي عنيف، معتمدة على مواقع التواصل الاجتماعي وانتشرت في عدد من الفضائيات، ومن أبرزها برنامج “البرنامج” الذي انطلق من موقع اليوتوب ليفرض فيما بعد النجومية وقوة التأثير التي اخترقت حدود مصر إلى كل أنحاء العالم العربي والمغاربي والعالمي.

برنامج التسوليزم الحديث الولادة، يبحث له صاحبه عن موطئ قدم ضمن الشبكة العنكبوتية،ليؤسس لنموذج مغربي جديد ينقل مواقف سياسية منتقدة للشخصيات العمومية والسلطة، في قوالب ساخرة وجريئة. غير أن هذه الأشكال كثيرا من اعتمدها بعض الشباب المغربي، لكنها سرعان ما تختفي أو تكتفي بحلقة أو حلقتين على الأكثر.

”ضيق مجال حرية التعبير بالمغرب قد لا تساعد على تجاوز بعض الخطوط الحمراء، وقد تكون لها تبعات سياسية، ”لكن برنامج التسوليزم سيتطرق بجرأة إلى مواضيع سياسية واجتماعية واقتصادية واجتماعية، على حد تعبير محمد التسولي، لأن النظام السياسي أكد في دستوره الجديد عن مبدأ احترام حرية التعبير والرأي، وستكون تجربة تسوليزم بمثابة اختبار للدستور ومدى احترام هذه البنود، يقول  محمد التسولي.

ddsd

فن السخرية  .. بنيكران وشباط أول ضحايا التسوليزم

رغم بساطة الإمكانيات فريق التسوليزم بدأ يتشكل للتو، فمحمد التسولي يدرك أن السخرية  تعتبر مدخلا منخفض التكلفة للمواطنين العاديين الذين لا يعتبرون أنفسهم سياسيين، وقد ينجح في تطوير برنامجه وإعداد فريق عمل متكامل،  كما أكد في حديثه لمشاهد  قائلا إن فريق العمل يعمل لتوسيع دائرة الإشتغال، فنحن لحد الأن نشتغل بإمكانياتنا المتواضعة بشكل تطوعي وفريق العمل قيد التشكل ، إذ أن هناك من يعمل معي خارج الوطن وداخله في إعداد بعض ما يلزم البرنامج  على مستوى التقني والفني”.

عرفت الحلقة الأولى من برنامج التسوليزم المنتقدة لبنكيران عدد مشاهدات تجاوزت الخمسين ألف، رغم أنه بدأ لتوه في استعمال السخرية والنكتة في النقد السياسى، مخصصا حلقته الأولى لانتقاد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ثم خصصت الحلقة الثانية للسخرية من حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال وستكون الحلقة الثالثة من اختيار الجمهور، إما في موضوع التعليم أو الصحة.. كما أشار إلى ذلك التسولي، مؤكدا أن الجمهور سيكون بمثابة فريق العمل يقترح مواضيع معينة لمعالجتها”.

دراسة أخرى  في نفس الصدد أكدت ما قاله محمد التسولي لمشاهد، حيت اعتبرت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية في إحدى دراساتها  ”أن السخرية السياسية آلية فعالة للاحتجاج والنقد، وأن النشطاء المؤيدين للديمقراطية فى جميع أنحاء العالم يجدون أن السخرية السياسية واحدة من أقوى أسلحة الحرب ضد الاستبداد”.

وقالت المجلة إن الاحتجاجات فى القرن الحالي بدأت تأخذ شكلا اخر أكثر فكاهة، وتخلت عن الوجوه العابسة للثورات فى الماضى. لتحل محلها احتجاجات سلمية تتسم بالفكاهة والسخرية، وتدعو إلى تحول عالمى فى أسلوب الاحتجاج بعيداً عن الغضب والعنف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *