آراء

متى نصل إلى نقط التقاطع بين الأخلاق والسياسية والقانون؟

دخلت الحرب المفبركة بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة منعطفا جديدا، فبعدما دعا رئيس الحكومة والأمين العام لحزب المصباح عبد الإله بنكيران حزب الجرار إلى حل نفسه، بحيث توقع في لقاء مع مستشارات حزبه أن يقوم “البّام” بما نصحه به ويحل نفسه.

ونظرا لكون هذا الافتراض صادر من رئيس الحكومة، الذي كان عليه أن يراعي القانون في الحديث باسم مؤسسات الدولة، وإلا فإن ما صرح به السيد بن كيران لايعدو أن يكون،”خطاب نشاز” أطلق العنان للسانه مخاطبا بالنصيحة دون القانون، وما نصيحته التي قدمها إلى حزب الأصالة والمعاصرة ولقيت ردود فعل من طرف قيادته، بالقول إن “النصحية التي قدمتها للحزب المعلوم والتي أقلقته هي ما سيقع في النهاية لأن المعطوب معطوب مهما حاولت إصلاحه فلن يتم إصلاحه”، تطرح إشكال علاقة السلطة بالقانون، فهي أشبه بكل الكلام التي يردده السيد رئيس الحكومة منذ توليته “الحكم” حيت لا يتردد في تكرار قواميس الغابة مثل التماسيح والعفاريت .. دون أن يعرف الشعب أين تتواجد هذه التماسيح وشاءت الاقدار مؤخرا أن احدها ظهرت للعيان في نهر أبي رقراق دون أن نعلم كيف ظهرت واختفت، وهو ما جعل مواقع التواصل الاجتماعي تقيّم خارجات رئيس الحكومة الإعلامية أمام هذا الزخم في الخطاب الشعبوي بحيث غيرت اسمه إلى “غاندير” مجازفة لكثرة توهيمه الشعب بوعوده.

ومرة أخرى وقبل الحديث عن هذا الإشكال القائم في المغرب لابد من الإشارة أن خطاب حل الحزب السياسي بالمغرب، ارتبطت بحسابات السلطة خارج القانون حفظا على التوازن المقنع، ولعل ذات المسلك في التناول، أي مسلك التجزيء ، فرض نفسه على ضوء مرحلة ما بعد التناوب التي انطلقت في مارس من سنة 1998 في الوقت الذي كان المغاربة ينتظرون فيه أن يكون التناوب مرحلة انتقال وتغيير في الأشخاص والأساليب والعلاقات، ويتوقعون أن تضطلع الأحزاب السياسية التي عهد إليها بتشكيل الحكومة، بدور أساسي في هذا الواقع الجديد، بصرف النظر عن كونه واقعا ممنوحا، استفاقوا على حقيقة استسلام هذه الأخيرة بسهولة وبشكل غير مفهوم لإكراهات السلطة ولنمط من المقاربات السياسية عاشت عقودا من الزمن تشجبه وتنتقد خطابها السياسي حول سلبياته، وتبين تورطها الفادح بعد أن دخلت في مستنقع المعضلات الاجتماعية والاقتصادية التي لم تكن، على ما يبدو، تقدر حجمها الكارثي من قبل.

وتماما كالقابض على الجمر سلمت حكومة اليوسفي زمام المبادرة كاملة إلى الملك في لحظة ترتيب أولوياته وتوطيد دعائمه وركنت هي إلى الظل تؤثث كينونتها بأوراش جانبية كالمهرجانات وو.. ، أن بقاء حكومة بن كيران لايمكنه أن يخرج عن هذه الحسابات وأن حديثه عن حل حزب الأصالة والمعاصرة يدخل من باب النصيحة التي لايعتد عليها قانونا.

ورغم أن السيد رئيس الحكومة له كامل الصلاحيات الدستورية والتراتبية السلطوية لإصدار قرار الحل فإنه ليس بمقدوره فعل ذلك، بكل بساطة حزب الجرار نفسه قد سبق وأن تقدم بحل حزب العدالة والتنمية بدعوى أنه حزب يقوم على أساس ديني، لكن لأحد يعرف مصير تلك الدعوة، ولا الحكم الصادر عنها، رغم أن القضاء اليوم أصبح محط تساؤل أكبر بين الخصوم السياسيين من جهة وبين الضغوط الدولية من جهة ثانية.

إن ثمة إشكال آخر يربط المسؤولية بالمحاسبة في هذا القطاع، فخلال السنة الوحدة يتبين أن المنظمات الدولية لها مايكفي من معطيات ومن علمها بقرارات جائرة صادرة عن المحاكم المغربية سوء ضد الأحزاب السياسية نفسها مثل حزب الديمقراطي الأمازيغي، حزب البديل الحضاري، حزب الأمة …، أو قضايا مرتبطة بالرأي العام الوطني، مثل الصحافة في قضية أنوزلا، أو قضية “ابايجو” المرأة الأمازيغية التي أماطت اللثام عن ملف مافيا العقار بالمغرب. وقضايا نشر الأحكام في الصحافة وإشراف جمعيات المجتمع المدني في إعادة نشر عيوبها إضافة الى اعتقال نشطاء 20فبراير.

وحتى نستوعب الدروس في ما يسمى “بالربيع العربي”، فإن من الأسباب الحقيقية للثورة الأولى في مصر، ليس تواجد السلفيين ولا الإسلاميين عموما، أنها قضايا الفساد التي أجمع عليها الشعب المصري خاصة في قطاع القضاء .. وهو ما يجب على رئيس الحكومة السيد بن كيران أن يدركه اليوم ومن حجم الضرر الذي ألحقه بالجميع بما فيها التنظيمات السياسية والصحافيين و… وعامة الناس.

إن تعدد حسابات الفئوية داخل القرار السياسي، هو السبب في نشؤ هذا التنازع بين السلطات والواجبات، ولعل العبرة في قرارات “حل الأحزاب السياسية” التي ذكرناها، وسعي الغريمين المفبركين”البيجدي” و”البام” إلى توهيم الشعب بحل تنظيميهما، من خلال سعي حزب الأصالة والمعاصرة الى رفع دعوة قضائية ضد الحزب الاسلامي، بينما اكتفى بن كيران بالنصيحة لكي يحل حزب “البام” نفسه بنفسه، وهو ما يعني أيضا في هذه الديماغوجية أن الشعب لم يعد يرغب لا في الحكومة ولا في المعارضة، ويحتاج إلى بديل حتى لاتضيع مصالحه، آنذاك قد نكون وصلنا إلى نقط التقاطع بين الأخلاق والسياسية والقانون.

من أجل التقدم بحل أية مشكلة محسوسة يطرحها صراع السلطات والواجبات يجب الرجوع في نفس الوقت إلى سلسة من القيم تدخل في نطاق الأخلاق وإلى تنظيم اجتماعي في ثناياه الضمانات والعقوبة القانونية، وأخيرا ينبغي الرجوع إلى سلطة مولجة خصيصا بسن القانون وتطبيقه هي السلطة السياسية، أما الحديث عن مبادرة رئيس الحكومة لحل حزب الجرار، خطاب يتكرر عند “النرفزة”، وديماغوجية “دعوية” لتوهيم الشعب، وحملة انتخابية سابقة لأوانها وليست مقتضى قانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *