كواليس

هذا مصير من يرفع صوته مستنكرا فساد قيادة البوليساريو .. الغيلاني نموذجا

لاتزال الأخبار الواردة من مخيمات تندوف تحمل معها المزيد من أخبار الاحتقان الاجتماعي والسياسي الذي تتسبب فيه سلوكيات قيادة البوليساريو، هذه القيادة التي تتلقى اتهامات من أوساط الصحراويين بالمخيمات بالفساد وممارسة التعذيب والبطش في حق من يرفع صوته محتجا أومطالبا بأبسط حقوقه.

وتتداول مصادر صحافية وقطاع عريض من الشباب حكاية لحسن الغيلاني الذي تعرض لشتى أصناف التعذيب والاعتقال والاعتداءات المتكررة الذي طالت أفراد عائلته الصغيرة كذلك، لمجرد أنه طالب بأبسط حقوقه، وصدح صوته مطالبا بالإصلاح، وهي حكاية مليئة بالدروس، حافلة بالمعطيات الصادمة، وتعبر بجلاء عن حقيقة قيادة البوليساريو، كما تبين بوضوح أن ممارسة التعذيب وتكميم الأفواه قاعدة منتشرة داخل المخيمات.

تنطلق حكاية الغيلاني عندما كان شابا عسكريا منتميا إلى مايسمى بجنود الناحية العسكرية السابعة، حينها كان شاهدا على تجاوزات واختلالات كثيرة تحدث في المنطقة العسكرية المذكورة من قبل المشرفين عليها، الشيء الذي دفعه بمعية عدد من الشباب الى إعلان تمردهم على هذه الوضعية مطالبين بابسط الحقوق المتمثلة في إعمال الشفافية في توزيع المؤن الغذائية وقطعان المواشي المخصصة للناحية، والتي يتصرف فيها بعض القادة على هواهم.

بعد شهور من احتجاجات الشباب عادت القوات الأمنية بعدما أحست بأن الأمور لاتسير في صالحها إلى تفريق المجموعة المحتجة إلى مناطق عسكرية مختلفة، حيث تم نقل الغيلاني إلى ما يسمى بالناحية العسكرية الثالثة لمدة ليست طويلة، إذ فوجئ بعد ذلك بقرار طرده من الجيش في حادثة تعتبر سابقة من نوعها.

قام الغيلاني بمجهود كبير للبحث عن مبرر لهذه القرارات لكنه لم يجد أي جهة تنصفه، وتنطلق معاناة جديدة للشاب الغيلاني، ودائما وحسب مصادر صحافية بمخيمات تندوف، فقد قرر التفرغ للعمل الخاص وبدأ العمل كسائق سيارة أجرة “باصاجا” بين ما يسمى بولاية السمارة مكان سكنه ومدينة تندوف، وفي في أوائل سنة 2010 تم توزيع مجموعة من المناشير تدعو إلى التغيير وتحتج على فساد قيادة البوليساريو، حيث لم يعرف حينها من كان وراءها بالضبط، إلا أن الغيلاني قرر أن يضع تلك المناشير على زجاج سيارته في الجهة الخلفية.

ولم تمض سوى أيام قليلة حتى تفأجا الشاب بمجموعة من رجال الأمن تقتاده إلى مخفر الشرطة بما يسمى ولاية السمارة، تم التحقيق معه بشكل أولي قبل أن يتكفل به ما يسمى بوكيل الجمهورية آنذاك المدعو “النزيه” لكنه لم يكن نزيها -حسب تعبير ذات المصادر- حيث قام بتوجيه شتى أنواع السباب إلى الغيلاني، ثم قام بشنقه في الوقت الذي كان فيه مكبلا من طرف رجال الشرطة.

وبعد أن خيم الليل على المنطقة وجد رجال الأمن فرصتهم في استعراض أساليب القمع، إذ تم تجريد الشاب من ملابسه ووضعت الأغلال في أيديه ورجليه وترك لمدة طويلة في زنزانة لا تتسع إلا لشخص واحد فيما كان البرد القارس يزحف على جسده النحيف، بعد ذلك تم اقتياده إلى مكان مجهول تبين له فيما بعد أنه سجن الرشيد سيء الذكر، وهناك وجد أمامه مجموعة من المحققين، ووجه إليه سيل من الأسئلة وهو في حالة سيئة للغاية، فقد كان عاجزا عن الحركة بفعل الأغلال والبرد القارس والتعذيب الجسدي النفسي الذي تعرض له.

وفي الوقت الذي كان الشاب الغيلاني يقبع في سجن الرشيد كانت أسرته في حيرة من أمرها بعد مرور أيام على إختفائه، ثم أخلي سبيله وهو في حالة نفسية يرثى لها.

إثر ذلك اكتشف الغيلاني أنه مصاب بمرض التهاب الكبد، حيث ساهمت معاناته في إصابته بهذا الداء، حيث لاتزال الالتهابات التي طالت مفاصله شاهدة على صنوف التعذيب الذي تعرض له.
ولم يركن الغيلاني إلى السكون والانزواء كما أريد له من طرف من بطش به، وإنما واصل الانخراط في الحركات الاحتجاجية داخل مجموعة 5 مارس.
ومضت الأيام، لكن عندما قرر الغيلاني بناء محل تجاري صغير بالقرب من منزله القريب من الطريق المعبدة تفاجأ مرة أخرى بسياسة المنع والبطش والتعذيب تطاله من جديد، حيث تم اختطافه بنفس الأساليب السابقة، فاقتيدإلى السجن المعروف محليا “بالذهيبية”، إذ أمضى الغيلاني في السجن أياما وتم الافراج عنه فيما بعد.

وعاد الشاب بعدها إلى بيته وعائلته الصغيرة المكونة من زوجته وابنته وفي فجر السابع عشر يونيو 2014 تفاجأ بزوار الليل يقتحمون منزله، ويعتدون عليه وعلى زوجته بالضرب بشكل هستيري، ولم تكتف قوات الأمن، المكونة من ثلاثة سيارات من نوع ” تويوتا ” وسيارة للامن بلون أبيض، بضرب الغيلاني بل تم تكسير مستلزمات منزله وبعدها تم إختطافه مرة أخرى ولم يعرف إلى أين؟ وكأن لعنة الاختطافات تطارده.

هذه باختصار هي حكاية الشاب الغيلاني الذي أراد أن يرفع صوته مناديا بالإصلاح وبالحصول على أبسط حقوق الحياة الإنسانية، لكن عصا قيادة البوليساريو كانت له دائما بالمرصاد، فقد أرادت هذه القيادة التي تبطش بصحراويي مخيمات تندوف أن توجه رسائل إلى كافة المحتجين من خلال ما لحق بالغيلاني إلا أن تيار التغيير أصبح جارفا وانتشر انتشار النار في الهشيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *