مجتمع

الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز .. وعقدة الدونية

يعتبر عدم إدراج الوكالة الرسمية الموريتانية لتهنئة الملك محمد السادس لمحمد ولد عبدالعزيز بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا لموريتانيا، حادثة بسيطة تخفي وراءها غابة من التفاصيل ذات الارتباط بالعلاقات المغربية الموريتانية، والتي تمر حاليا بفترة من الفتور، تداخل فيها المحلي بالأجنبي، لكنها في مجملها تكرس موقفا غامضا للرئيس الحالي، الذي يحمل معه عقدة الدونية وهو يتعامل مع بلد اسمه المغرب، لقد بدأ سوء الفهم المتعمد يطال العلاقات المغربية الموريتانية منذ أن دخلت الجزائر بالوسائل المعروفة، وهي تحاول بكل الأساليب والوسائل تعكير صفو العلاقات المتميزة التي كانت تربط المغرب بموريتانيا بعيد انتخاب ولد عبد العزيز رئيسا للبلاد، وهي المحاولة التي استجاب لها الرئيس الموريتاني عندما ارتمى في أحضان الإغراءات المادية للجزائر، غير مكترت بالعلاقات الأخوية والاستراتيجية التي تربط بلده بالمغرب، لقد لعبت الجزائر لجر موريتانيا الرسمية من خلال رئيسها الحالي لتبني المواقف الباردة والفاترة تجاه جاره الشمالي بعدة أوراق من أهمها:

1- الانفتاح الكبير للمغرب على العمق الإفريقي، وعقد اتفاقيات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع عدد من البلدان الإفريقية مما يعني عزلة مفترضة لموريتانيا عن محيطها القريب المتمثل في مالي والسينغال.

2- الدور الديني الكبير الذي أصبح يلعبه المغرب في إطار تكوين أئمة عدد من الدول الإفريقية وفق الإسلام المعتدل.

3- الانحياز الإيجابي الواضح لعدد من القيادات الحزبية والسياسية الموريتانية للنموذج السياسي المغربي.

4-التعاون الاقتصادي والتجاري في عدد من المجالات مع المستثمرين الموريتانيين، مما خلق نخبة اقتصادية تميل إلى الاختيارات المغربية في مجال التجارة والاستثمارات الدولية.

كل هذه المعطيات وغيرها لعبت بها الجزائر كورقة مفادها أن المغرب متغلغل كثيرا في موريتانيا، وأنه بالتالي قادر على قلب النظام السياسي بفعل هذا التواجد، وهي مغالطات كبيرة انساق معها ولد عبدالعزيز، رغم أن التجربة أثبتت أن المغرب يحترم بشكل كامل سيادة الدولة الموريتانية وينآى عن نفسه التدخل في الشؤون الداخلية لهذا القطر.

ولم تتوقف الآلة الدعائية للجزائر ومعها الإغراءات البترودولارية عند هذا الحد، بل دفعت موريتانيا بمناسبة ترؤسها للاتحاد الإفريقي، إلى المساهمة في تعيين مبعوث خاص بقضية الصحراء، وذلك للإصرار على مزيد من الاستفزاز المجاني للمغرب من طرف رئيس لايزال جزء كبير ومهم من قبيلته يتواجدون بالمغرب، ويعرف قبل أي أحد أن سلوك طريق القطيعة السياسية مع المغرب يكمن أن تكون له  تداعيات وخيمة عواقب لاتحمد عقباها… على محمد ولد عبدالعزيز أن يقرأ التاريخ القريب ليستلهم العبر والدروس قبل فوات الأوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *