ملفات

جحيم تيشكا أو الطريق إلى الموت .. سفر في حلم النفق

في محاولة للغوص في أسرار أكبر المشاريع العالقة بين رفوف وزارة التجهيز والنقل منذ حوالي ستّين سنة والمتعلق بتشيد ”نفق تيشكا”، ستلاحق ”مشاهد.أنفو” خيوط جحيم يحبس أنفاس كل عابر إلى منطقة الجنوب الشرقي.

وستحاول من خلال هذا الروبورطاج تسليط الضوء على إحدى أكثر الطرق رعبا بالمغرب “تيزي نتيشكا” دون أن تقوم الدولة بإجراءات تحد من خطورة مسالكها وذلك بإقبار مشروع حلم ضل يراود أجيال المغرب ”الغير النافع” لسنوات طوال. مشاهد كانت في قلب منعرجات قيل عنها الكثير وأدت إلى مقتل الكثير، وانقلبت معها  حياة العديد من الأسر إلى جحيم حقيقي  في حوادث غريبة ومرعبة.

نفق تيشكا .. الحلم المنسي

في المشهد وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي  يجلس خلف المنصة أمام جموع غفيرة بقصر المؤتمرات بمدينة ورزازات، يتحدث خلال اللقاء التواصلي الذي نظم من طرف حزب العدالة والتنمية عن إنجازات الحكومة بمنطقة الجنوب الشرقي. الخلفي الذي تنقل عبر الطائرة إلى هوليود أفريقيا ولم يذق مرارة ”تيشكا”، لم يكن ينتظر أن تتحول الجلسة التواصلية إلى ”قفص اتّهام أثار  فيه مواطنون  تساؤلات محرجة  عن مشروع “نفق تيشكا”.

بعد تنامي أصوات القاعة تردد وزير الاتصال كثيرا قبل أن يكشف عن معلومة غاية في الأهمية : ”إن دراسية إمكانية تشيد نفق تيشكا على وشك الانتهاء وأن وزارة التجهيز ستعمم قريبا نتائج الدراسة”. اتصلنا في “مشاهد.أنفو” بوزير التجهيز والنقل عبد العزيز رباح ليؤكد معطيات زميله في الحكومة، إلا أنه اكتفى أيضا بالقول بأن “الوزارة تشتغل في الموضوع لكنها لن تكشف عن معطيات أخرى إلى حين انتهاء الدراسة”.

وبعد إلحاحنا حول ضرورة إطلاعنا عن مستجدات الدراسة، رد الوزير في اتصال تتوفر “مشاهد.أنفو” على تسجيله بالقول “راه حنا خدامين ولكن مكنهدروش على داكشي”.

ضل مشروع “نفق تيشكا” حلمًا يراود أبناء المنطقة منذ نعومة أظافرهم، يتحدثون عنه في كل مناسبة تتيح لهم ذلك. أجيال كثيرة تعاقبت على تكرار الهزيمة في كل تجمع حزبي أو نقاش عمومي. وبات حلما يعتبرونه مشروعا مادامت الطريق قد حصدت في مناسبات عدّة أرواح أبناء المنطقة.

فلماذا لم يتحقق المشروع حتى الآن؟ وما سبب إعادة المشروع إلى طي النسيان بين رفوف الوزارة الوصية بعد حادثة تيشكا التي قضى أكثر من خمسين شخصا حتفهم فيها؟ ألم يحن الوقت للتفكير في فك العزلة عن أكثر المناطق غنى في الجنوب الشرقي المغربي؟ سنحكي تفاصيل  طريق أبت إلا ان تكون مثل الجحيم المفروض على كل من غادر إلى الضفة الأخرى من المغرب.

في الطريق إلى جحيم تيشكا

بعد اتصلنا بوزير التجهيز والنقل عبد العزيز رباح، لكشف المزيد من المعطيات عن الدراسة التي تجرى حول إمكانية تشيد نفق تيشكا، قررنا خوض التجربة، والسفر إلى الجنوب الشرقي عبر الطريق الوطنية رقم 9 الرابطة بين مراكش وورزازات، مرورا بتيزي نتيشكا، للوقوف على حجم معاناة كل العابرين من الطريق الوعرة بتضاريسها تلك.

وأنت تركب حافلة، بعد أن قررت السفر إلى مدينة ورزازات بثمن لا يقل عن 80 درهم من مدينة الحمراء، تصادفك في طريق السفر، بعد أن تقطع مسافة 50 كلم من  مدينة مراكش، طريق ضيّقة، يضطر معها السائق إطلاق سفارات الإنذار كلما انتبه إلى أن هناك حافلة أو سيارة في الجهة المقابلة.

تبدو الطريق نهارا وكأنها تقطع حدود مدشرين متقابلين. من النافذة تبدو مشاهد الأراضي القاحلة أكثر جذابية، تستهوي الركاب الأجانب، خاصة الواحات  المنتشرة على جنبات الطريق.  أما محطات الاستراحة، فأغلبها بني تحت جبال حجرية.

شمس خفيفة  تطل من نوافذ الحافلة، تفرض على الراكبين استعمال ستائر الحافلة الحمراء للاحتماء من لهيبها. ويبقى المشهد الوحيد الذي يجري أمامك هو حديث الناس عن مغامراتهم ورحلة سفرهم إلى المغرب النافع، وجوه عابسة، حفرتها قساوة العيش بمنطقة أصابتها لعنة الطبيعة والسياسة.

بعد ساعتين من السفر، تتوقف الحافلة بمحطة ”تدارت”، أشهر محطة للاستراحة بالمنطقة، وهي محطة تستوقف عددا من المسافرين لأخذ قسط من الراحة، عادة تتوقف الحافلات لمدة عشرين دقيقة قبل أن تبدأ مغامرة اقتحام غياهب تيزي نتيشكا، قد تفاجئك أثمنة الخبز والمواد الغذائية المرتفعة عن الثمن الرسمي في هذه المحطة.

بعد قسط وجيز من الراحة، تستوقفك ملامح منازل من طين تحاذيها مواكب من الدجاج والماعز وكلب الحراسة، قرب جبال عتيقة تظهر على ملامحها أثر ثلوج فصل الشتاء القارص، مقاهي عتيقة وحانة وحيدة مختبئة خلف المباني، تنبعث منها أغاني شعبية وأمازيغية.

في الجهة المقابلة نهر قليلةٌ مياهه يسقى بساتين الساكنة. قد يستمر التوقف إلى حدود نصف ساعة، ثم تعاود الصعود إلى الحافة بعد أن تسمع في مناسبتين منبه السائق الذي احتسى شايا وقطعة لحم مشوية على حساب صاحب المقهى.

مغامرة تيشكا .. أو الطريق إلى الموت

بمجرد الوصول إلى منطقة الخوف “تيشكا” التي تقع مباشرة على بعد كيلومترات من محطة الاستراحة تدارت، تتغير ألوان وملامح الركاب، من شدة ترقبهم الرتيب، ”خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ”، ويقول أغلبهم في دواخله ربما ”هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ”، إنها ”تيزي نتيشكا” إحدى أكثر الطرق مثارة للخوف والرعب. إنها الطريق إلى الموت بالنسبة لبعض المسافرين.

سألتُ الجالس قربي، متى كانت لك آخر زيارة إلى مدينة ورزازات عبر طريق تيشكا؟ فأجاب أنه لأول مرة يركب هذه المغامرة، وحدثني عن الروايات والقصص التي سمعها عن طريق بعد أن تعمدت طرح السؤال.

كل من عبر الطريق الوطنية رقم 9 بسيارته أو عبر حافلة ركّاب لا يمكن أن يخفي ملامح الخوف التي تتسرب إلى تفاصل وجهه وهو يحكي قصة عبوره المحفوفة بالمخاطر .. لا يُخفي المسافر خليط المشاعر التي تنتابه حين يجمع بين جمالها وقسوتها.

تجمع تيزي نتيشكا بين متناقضات غريبة. بين عمقها التاريخي وجمال طبيعتها من جهة، وبين حكايات منعرجاتها المرعبة والضيقة. بشاعة الحوادث التي عرفتها على طول سنين، تجعل المارين منها يستعدون مسبقا لموت محتم، أو على الأقل إلى دخول غمار قصة رعب مجهولة تستمر ساعة على الأقل، تهتز معها أنفاسهم وتنقطع كلما سمعوا منبها صغيرا لسيارة قادمة من الجهة المقابلة، لأن الطريق هنا لا يكفي إلا لحافلة واحدة أو سيارتين من الحجم الصغير، وبمجرد التقاء حافلتين من الحجم الكبير، تبدأ قصة أخرى من الانتظار .. وكل ما تراه من زجاج النافذة هو نهر يبعد بعشرات الأمطار إلى أسفل.

لحمة تاريخية .. حلم النفق منذ الخمسينيات

بدأ تشيد مسالك تيشكا الوعرة سنة 1924 بعد اثني عشر سنة على توقيع “عقد الحماية” من طرف الجنرال دوكول المقيم بمراكش آنذاك، وانتهت أشغال تشيد طريق الموت تيشكا سنة 1936، بكل منعرجاتها المتشبكة التي تمتد على مسافة 146 كيلومتر.

وقد صممت وسط كم هائل من المرتفعات رغم صعوبة المسالك الجبلية الواقعة على طول المنطقة، لقد كان الغرض من شق هذه الطريق حسب وثائق تاريخية، “تسهيل الولوج إلى الثروات الهائلة الباطنية التي يخفيها جنوب المملكة، وكذا اختراق قبائل الأطلس الكبير من طرف ما أصبح يصطلح عليه بـ “مصلحة شؤون الأهالي” التابعة لإدارة الاستعمار الفرنسي.

تعود فكرة شق النفق إلى خمسينيات القرن الماضي، فقد بادرت السلطات الفرنسية بالتفكير بالأمر، وحسب روايات عدد من المهتمين بالشأن العام بالمنطقة، فقد قام أحد المهندسين الفرنسيين المعروفين آنذاك بطرح فكرة شق نفق منطقة تيديلي لتسهيل الولوج إلى المنطقة.

وقامت ”مصلحة الأشغال العمومية” بعد بضع سنوات بتعديل بعض مسارات تيشكا وتتمة تشيدها، وكان ذلك آخر تعديل طرأ على طريق الموت، ظلت حبيسة اللمسة الإستعمارية إلى اليوم، فلم تتغير ملامح ”تيشكا” منذ ذلك العهد.

لم تكن فكرة تشيد نفق تشيكا وليدة اليوم، بل ترجع إلى ستين سنة خلت، وقد تم إنجاز أول دراسة لجدوى مشروع نفق تيشكا فعليا سنة 1974، إلا أنها توقفت بسبب ما اعتبرته أوساط جمعوية، تدخل جهات نافذة ولوبيات اقتصادية بمدينة مراكش، والتي كانت قد اقترحت عدم تسهيل الولوج إلى منطقة الجنوب الشرقي لأسباب عسكرية وسياسية وتجارية.

لقد توقفت الدراسة منذ ذلك الحين، وبقيت طي النسيان إلى أواسط التسعينيات من القرن الماضي، إذ بادرت جهات نافذة بمنطقة ورزازات وزاكورة لإعادة فتح ملف “نفق تيشكا” لتسهيل الولوج إلى المنطقة، كانت غالبية أسباب إعادة نقاش جدوى النفق تجد مبرراتها في دواعي اقتصادية بالخصوص.

فالمنطقة غنية بالثروات الطبيعية المنجمية، وتتوفر على أجود أنواع الفضة، زد على ذلك الطابع السياحي والسينمائي الذي يميز المنطقة. واقترحت بعض الجهات سنة 1996 تنفيذ دراسة جديدة من أجل شق النفق لكن ذلك ضل مجرد مقترحات عالقة في مكاتب المندوبية الوصية إلى حدود اليوم.

إن أهمية النفق الذي أضحى مشروعا يثير اهتمام المتحكمين في اقتصاد المدينة، تجلي في تسهيل المرور إلى ورزازات الكبرى من طرف الوافدين، وسيمكن النفق من تقليص المسافة بين مراكش ورزازات بحوالي ساعة من الزمن.

في البحث عن التطورات التي لحقت الملف بعد تولي الملك محمد السادس حكم البلاد في نهاية التسعينيات، وجدنا بعض المعطيات التي تؤكد أن جهات عليا اقترحت على المجلس الإقليمي لمدينة ورزازات إعادة الدراسة إلى الوجود مع حكومة التناوب، وتم فعلا في أواسط الألفينات، إعادة ملف النفق إلى النقاش، فقد باشر المجلس الإقليمي سنة 2006 بإطلاق دراسة جديدة لتشيد نفق تشيكا بمسافة تصل إلى عشر كيلومترات بميزانية وصلت إلى 20 مليار درهم، غير أنها توقفت لأسباب مجهولة.

حين قتلت تيشكا ما يقارب 42 مواطنا دفعة واحدة

تبقى تيشكا الطريق الوعرة المفروضة على كل عابر إلى الضفة الأخرى، خاصة في غياب بديل أو نفق يؤمن عبور المسافرين من مدن الحلم إلى الجنوب الشرقي للمملكة أو العكس. تيزي نتيشكا ”الطريق إلى الموت” هي أحدى الطرق التي شيدها الفرنسيون في عهد الحماية من أجل ربط الجنوب الشرقي بما يسمى المغرب النافع، وظلت من تلك الفترة إلى حدود كتابة هذه الأسطر كما شيدها الاستعمار.

في سنة 2012  قتل  أكثر من أربعين مواطنا في لحظة واحدة على الطريق الاكثر رعبا بالمغرب، فقبل أن يعبرها أي كان لا يكاد يمر منها حتى تبدو لك بمثابة الخيط الرفيع بين الحياة والموت، كل من يمر من هنا، لا يستطيع أن يخفي مشاعره المرتابة أحيانا بين جمال طبيعتها وطريقها الوعرة، هي الطريق التي خلقت منذ عدة سنين جدالا واسعا.

لم يكن المجتمع المدني خارج هذا الجدل الواسع، إذ تحدث فاعلون جمعويون في إطار النسيج الجميعوي للمنطقة في إحدى اللقاءات الجهوية ”عن نفق أحادي الأنبوب بتكلفة قدرها 2.5 و2.8 مليار درهم بينما تحدث ممثلو وزارة النقل والتجهيز عن نفق ثنائي الأنبوب بتكلفة مالية أكثر من 10 مليار درهم”.

وهذا التقدير في ثمن تشييد النفق جعل الفاعلين الجمعويين يعتبرونه تهربا وتسويفا حسب الفاعلين الجمعويين، وللإضافة فقد وضع مكتب “ميك كينسي” دراسات جيولوجية حول إمكانية انجاز المشروع في عام 2004، تم تحيينها سنة 2010″.

وعقد النسيج الجمعوي للتنمية بورزازات لقاء موسعا حضرته عدد من الجمعيات إلى جانب عدد من فعاليات المدينة، للحديث عن واقع التهميش والإقصاء الذي تعيشه منطقة درعة ومعها كل الجنوب الشرقي جراء العزلة المفروضة على هذه المنطقة بسبب ممر تيشكا الوعر وغياب الإرادة السياسية لدى مختلف الحكومات المتعاقبة على تسيير الشأن العام الوطني لتنمية هذه المنطقة.

وقد حمل النسيج الجمعوي من خلال بلاغ له، حصلت ”مشاهد.أنفو” على نسخة منه مسؤولية وأد التنمية بهذه المنطقة للحكومة، بما في ذلك مسؤولية قتل ضحايا الثلاثاء الأسود بتاريخ 04/09/2012، والتي راح ضحيتها 42 مواطن ومواطنة، واستنكار النسيج ما اعتبره استخفاف الحكومة والإعلام الرسمي لحادثة الثلاثاء الأسود وعدم الإعلان عن الحداد الوطني على أرواح الضحايا، وما اُعتبر آنذاك التصريحات غير المسؤولة لوزير التجهيز مطالبين بإقالته، لأنه حمل مسؤولية الحادث للعامل البشري بدل البنية التحتية المهترئة وطالب بفتح أوراش وبرامج تنموية كبرى للمنطقة في إطار الدين التاريخي وجبر الضرر الجماعي للمنطقة وعلى رأسها وبشكل استعجالي فتح نفق تيشكا.

النفق أو الموت.. تهرب  الوزارة ومطالب التفعيل

لقد عاد التفكير في جدية مطالب الساكنة بشق نفق تيشكا، بعد حادثة تيشكا الشهيرة التي أودت بحياة ما يقارب  خمسين راكبا، هو المشروع الذي بقي طي الكتمان كما أسلفنا، ليعود إلى الواجهة بعد ما خلفته حادثة تيشكا المميتة من ردود أفعال كثيرة، حيث أعلن الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة محمد الوافا بباريس في آواخر سنة 2013، أن الحكومة أطلقت دراسة جديدة لتدارس إمكانية شق نفق تيشكا، والذي يرمي حسب الوزير إلى فك العزلة عن منطقة الواحات، عبر ربط مراكش بورزازات على مسافة 17 كلم.

“نفق تيشكا” سيكلف حسب ما أعلن عنه وزير التجهيز عبد العزيز الرباح في السنة الماضية، تكلفة قد تصل إلى عشرين مليون درهم باحتساب نفقات الدراسات الجيوفزيائية والجيوتقنية. وزير التجهيز والنقل تحدث أيضا في معرض جوابه على سؤال شفهي في أكتوبر من سنة 2012 بالبرلمان، عن أن أهم أهداف الدراسة التفصيلية التي تتمحور حول إعداد دراسة تصميمية لنفق ذي ثقبين ودراسة هندسية للنفق ومنافذه وأخرى لتجهيزات النفق٬ ودراسة لمنظومة السلامة والاستغلال داخل النفق٬ والوقع البيئي للمشروع وكذا دراسة الجدوى التقنية والاقتصادية.

تيشكا .. العودة إلى نقطة الصفر

بعد الضجة التي أثيرت حول “مشروع تشيد نفق تيشكا” في أحد اللقاءات التواصلية التي أطرها الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي بمدينة ورزازات، اتصلت “مشاهد.أنفو” بوزير التجهيز والنقل لتوضيح بعض المعطيات التي أدلى بها مصطفى الخلفي خلال اللقاء التواصلي، حيث كشف الخلفي أن “دراسة نفق تيشكا على وشك الانتهاء”، خاصة وأن الساكنة انتقدت بشدة في ذات اللقاء تأخر الكشف عن معطيات جديدة بخصوص النفق.

وفي هذا الصدد رفض وزير التجهيز والنقل عزيز رباح في اتصال بـ “مشاهد.أنفو” الكشف عن معطيات جديدة بخصوص آخر ما وصلت إليه الوزارة الوصية في المشروع، وقال رباح إن “مشروع تشيد نفق تيشكا الذي كانت الوزارة تشغل على دراسته، لن تكشف عن معطياته أخرى بصدده في الفترة الحالية”، مضيفا “نحن نعمل عليه ولكن لا نتحدث حوله”.

واكتفى وزير التجهيز والنقل بالتذكير أن “الوزارة الآن تشتغل فقط على مشروع تهيئة الطريق الوطنية رقم 9 الرابطة بين مراكش وورزازات الذي سيمكن من تعزيز وتقوية جاذبية الجهة الجنوبية الشرقية للمملكة وتحسين قدرتها التنافسية.”

وفي نفس السياق أفادت مصادر مطلعة لـ “مشاهد.أنفو” أن الوزارة الوصية الآن تستعد لتحوير النقاش حول “نفق تيشكا” في اتجاه تهيئ الطريق الوطنية رقم 9، وتحاول طي ملف مشروع نفق تيشكا، لأن دراسة الجدوى أكدت أن تكلفة المشروع كبيرة جدا ولن تغامر الوزارة بصرف عشر مليارات درهم على الطريق الرابطة بين الجنوب الشرقي ومراكش.

بدل النفق توسيع الطريق الوطنية رقم 9

ذكر بلاغ لوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك، أن تهيئة الطريق الوطنية رقم 9، الرابطة بين مراكش وورزازات على طول 186 كلم، سيمكن من تعزيز وتقوية جاذبية الجهة الجنوبية الشرقية للمملكة وتحسين قدرتها التنافسية، حسب وكالة المغرب العربي للأنباء. هذا الخبر تم الإعلان عنه مباشرة بعد أن احتج مواطنون بورزازات على الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي في أحد اللقاءات التواصلية للحزب نظم بقصر المؤتمرات، وطالب الساكنة من خلال كلماتهم الكشف عن مستجدات دراسة شق نفق تيشكا.

وعكس ذلك ذهب البلاغ إلى اعتبار أن تهيئة هذه الطريق تدخل في إطار سياسة الأوراش الكبرى للوزارة لتحديث وتطوير الشبكة الطرقية لملائمتها مع تطور حركة السير، التي تعرف نموا سريعا خلال السنوات الأخيرة، وكذلك في إطار استراتيجية التنمية للجهة الجنوبية الشرقية للمملكة، دون أن تذكر الوزارة أي معلومة عن مشروع نفق تيشكا.

وتبين من خلال ما أعلنته وزارة الرباح أن الهدف وراء ذلك هو تحسين ظروف حركة المرور على هذا المحور المهيكل، والذي سيمكن مدينة ورزازات من الربط بشكل جيد بشبكة الطرق السيارة التي تربط مدينة مراكش بالدار البيضاء وأكادير، في إشارة إلى محاولة إقبار مشروع النفق.

وأشار أيضا بلاغ الوزارة إلى أن الطريق الوطنية رقم 9 تعد المحور الوحيد الذي يربط مراكش بورزازات وزاكورة وتنغير، والتي تعاني حاليا من خصائص هندسية وعرة بسبب مرورها في سلسلة جبال الأطلس الكبير، كما تتميز بحوادث سير خطيرة وتساقطات ثلجية مهمة خلال فصل الشتاء بمنطقة تيزي نتيشكا ذات ارتفاع 2900 متر، مما يؤدي إلى اضطراب في حركة المرور خلال هذه الفترة.

يهم هذا المشروع ساكنة تفوق 2.3 مليون نسمة موزعة على 6 أقاليم، وهي ورزازات وزاكورة وتنغير والرشيدية وتارودانت وطاطا، وذلك على مساحة تفوق 158 ألف كلم مربع .

لقد كشفت الوزارة أن الأهداف الرئيسية لتهيئ الطريق الوطنية رقم 9، تتلخص في تحسين السلامة الطرقية وضمان استمرارية حركة السير بين مراكش وورزازات وخصوصا في فصل الشتاء، وتحسين مستوى الخدمة المقدمة إلى مستعملي الطريق وتسهيل الوصول إلى المنطقة الجنوبية الشرقية للمملكة (ورزازات وزاكورة وتنغير وتارودانت والرشيدية)، فضلا عن كون مدينة مراكش والحوز سيستفيدان أيضا من هذا المشروع.

ويروم هذا المشروع، أيضا، تقليص مدة المرور بين مراكش وورزازات، ودعم وتعزيز دينامية التنمية الاقتصادية للجهة الجنوبية الشرقية، وكذا تنمية السياحة ومحطات الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى تنمية الواحات والصناعة السينمائية بالمنطقة. ولتحقيق هذا المشروع – يضيف البلاغ – خصصت وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك ميزانية تقدر بمليار درهم للفترة الممتدة مابين 2014 و2017.

المدة التي اعلنتها الوزارة تبين أن مشروع النفق مزال طي الكتام وسيعود أدراجه إلى مكاتب وزارة التجهيز إلى حين حدوث فاجعة أخرى تهز الرأي العام بالمنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *