آراء

إلى الرفيق الحريف .. الهرطقات لا تصنع التاريخ!

عاجل إلى الرفيق الحريف، مع التحية:

الهرطقات لا تصنع التاريخ!

“إن عقيدتكم أقل نفعا حتى من البراز .. فبراز الكلاب يمكن أن يخصب الحقول، وبراز البشر يمكن أن يغذي الكلاب. أما العقائد، إنها لا تستطيع لا أن تخصب الحقول ولا أن تغذي الكلاب، فما جدواها؟”.

ماوتسي تونغ

 بضاعة بائرة

حينما يشتد الخناق على بعض السياسيين يستنجد بعضهم إما بضرب خط الرمل و قراءة الفناجين لدى المشعوذات، والبعض الأخر ممن تهيأت له الظروف وحملته الصدف لإطلالة مشؤومة عبر شاشة موقع اليكتروني أو صفحة فايسبوكية يستخدم ويفرغ عبرها ما ادخره من لكاعة وانتهازية وشماتة، دون مراعاة لأي وازع مذهبي أو سياسي أو حتى أخلاقي.

مناسبة هـذا الكلام، إقدام أمين عام سابق لنهج ديمقراطي، لم يحسم بعد هل هو حزب أم حركة، وهو إمتداد بشري لا غير لحركة إلى الأمام، ليأتي في مقالة بألفاظ بديعة وصيغ محبوكة للتحامل على مكونات يسارية مناضلة، وبقلة حياء ضل يجعجع لحضرة من أراد طحيناً ولم ير سوى نتائج تلك الجعجعة، بمنطق “بوحدي نضيوي البلاد ولهلا يقلب”.

فجميل جدا أن يجد اليسار من يشخص له ومن أجله عيوبه ويرصدها، ولكن بموضوعية ومبدئية وبأخلاق المدرسة اليسارية والتقدمية ببلادنا، وهو ما يعوز “التجني الذي أبداه الحريف في حق مختلف مكونات اليسار من الطليعة إلى القاعديين”.

حزب الطليعة .. حزب يميني

لم أكن أدري أنني منذ 14 سنة أناضل في حزب يميني وزعيمه عبد الرحمان بن عمرو ليس سوى “جون ماري لوبين” المغرب، إلا حينما فكت عقدة لسان الحريف وأتى بالخير اليقين وهو الذي لا يحيط بشيء من علمه إلا ما شاء واسع كرسيه زنقة ماكس كيدج بالدار البيضاء.

ويؤسس الحريف خندقة الطليعة في صف اليمين على مشاركتهم في الانتخابات وعلى أنهم يشكون “الإنبطاح” لدرجة التماهي مع حزب الجرار.

يكاد حزب الطليعة يشكل إستثناءا في تاريخ اليسار المغربي حيث خاض حربا شرسة ضد “تسلل الأفكار والمماسات اليمينية” إلى التنظيم، فمناضلي الحزب لما حسموا مع اليمين الانتهازي في 1983 حسموا بثمن غالي، امتد إلى سجن 34 قياديا لمدد وصلت إلى 3 سنوات سجنا، وليس هناك حزب أدى ثمن مقاطعة الانتخابات كما هو الحال لحزب الطليعة الذي سجن 138 من مناضيله فقط لأنهم جهروا بموقف المقاطعة، وليس الجهر بالإفطار في رمضان كما يبارك ذلك حقوقيي النهج بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان ويعدون ذلك في بطولات تخدم “الإستراتيجية الثورية” و”السيرورات الثلاث”.

من حارب حزب الجرار، ليس في الفايسبوك ولا الترامي على تظاهرات 20 فبراير، وإنما أمام محاكم الجماهير والنظام على حد سواء وجر “الجرار” في قلعة السراغنة إلى القضاء لتورط مسؤوليهم في نهب المال العام، وقدمنا ثمنا لذلك حرية مناضل لا زال يشكو مضايقات جراء ذلك، بينما ثوار النهج أنجبوا إبنا من صلب عائلة ثورية كاتبا وطنيا لشبيبة البام.

التائهون بالفطرة

لما صرح المفتش الثري مصطفى ابراهمة قائلا: “إننا لسنا في مراحل متقدمة من الصراع تفرض علينا ضرورة التدقيق أكثر” فهـــو فعلا ينطلق من كون حزب النهج لم يحدد بعض موقع إصطفافه ولم يحصل لديه وعي للتمييز بين مكونات خط الجماهير وما بين أحزاب النظام المخزني، وهذا التيه يترجمه أكثر شباب حزبه في تظاهرات 20 فبراير، حيث الافتتان بجماعة العدل والاحسان والتنسيق معها على حساب مكونات يسارية راديكالية، بل الإرتماء في أحضان البيروقراطية كما حصل في آخر مؤتمر للاتحاد المغربي للشغل، حيث تم تشكيل تحالف يظم التقدم والاشتراكية وجيوش مخاريق وغيرها من المكونات، ضدا على أقلية تنتمي الى فيدرالية اليسار وأساسا حزب الطليعة، قبل أن ينتزع مخاريق شيكات على بياض ومواقف لا يحسد عبد الحميد أمين على حاله حينما يتم تذكيره بتلك المواقف عشية المؤتمر.

ويستمر هذا التيه، إلى الوشاية بطلبة النهج الديمقراطي القاعدي لدى الجهات الأمنية، في إشارة إلى رسالة لوزير الداخلية عبارة عن إتهامات ماسة حتى بقرينة البراءة في حق طلبة “أدينوا حتى قبل أن تثبت براءتهم”.

فن الممكن المنبطح

كاتب هذه السطور، كان من الأوائل الذين انتقدوا مشروع فيدرالية اليسار، من منطلق أنها “حلم جميل .. لكن سابق لأوانه” نظرا لمعيقات سياسية وفكرية وتنظيمية، وكنت أتمنى أن تكون ملاحظات الحريف بمثابة أرضية بديلة لمشروع توحيد العائلة اليسارية بالمغرب، لكن للأسف تعاطى مع هذا المشروع الوحدوي بـ “ردود أفعال سلبية” سبقه القفز لتكوين تحالف ثلاثي مع كائنات ضبابية من قبيل تنظيم يسمى “خيدق” و”منظمة العمل الشيوعي” على غرار التحالف الثلاثي لتحالف اليسار ! إنه فن الممكن .. المنبطح.

إن النهج الديمقراطي لما فشل في قيادة عمل وحدوي ناجح وفي أن يبين حداقته ما بعد الإستيلاء على عدد من منظمات النضال الجماهيري التي تحولت على أيدي “ثوار الحريف” إلى الإتحاد الوطني لتحف المغرب، تفتقت عبقرية أحد اصنامه في التحرش بمناضلي الصف اليساري وتخوينهم والتشويش على مسارهم الكفاحي في “عدمية مقيتة”، ولكن ما جدوى كلاب بالت في دجلة والفرات؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *