متابعات

الانفصال النفعي .. موضة تجتاح بعض شباب سيدي إيفني

”الميتة لاترضع” .. قولة مغربية ماثورة متداولة بالخصوص في منطقة شمال المملكة، ومعناها ألا تامل شيئا من شخص هو نفسه يبحث عنه لعدم توفره عليه.

نفس المقولة بالامكان ان يعبرعنها بالمثل العربي الشهير  ”فاقد الشيء لا يعطيه”.

لعل ما لفت اهتمام بعض الايفناويين المهتمين بالشؤون المحلية لسيدي إيفني  هو الاستقبال الذي ”حضي” به اثنان من ”مناضلي الانفصال” تم إطلاق سراحهما من السجن المحلي بتيزنيت (بعد قضاء عقوبة حبسية من أجل أفعال تتعلق بالفوضى والبلطجة)، حيث كان بانتظارهما من يقدر النضال حق  قدره من “فاعلين جمعويين محليين”.

وفي غمرة الإحتفاء ”بعودة البطلين” لم يسع ”المناضلين الحقوقيين” المتواجدين، الذين أسروا لبعضهم البعض، عن وجوب إعطاء الحدث قوته الرمزية، وهم أدرى بغيرهم بنوعية الرمزية «المنفعة المطلوبة»، لم يسعهم سوى أن يدلوا بدلوهم في تاريخ المنطقة محملين المستعمرين الإسباني والفرنسي مسؤولية  تنحية آيت باعمران عن الصحراويين.

ففي خليط متجانس كان جلهم من ذوي السوابق والعاطلين والفاشلين والجهلة بينهم من قطع شوطا، وإن لم يكن بطويل، وانتفع بفتات ”البومبيستPOMPISTE” كعمر بولسان ومنهم من لم ير من ذاك الفتات إلا ”العجاج الرملي” ومع ذلك مازال ينتظر انتظار السائل المحوج، بدأ بعض المتزلفين من ذوي ”الاحتياجات الخاصة” (من شيرا وماء الحياة)، في التبجيل في وسيط لأن مراده لا يحتمل التأجيل، يشيدون بمواقف ”البطلين” اللذين أعطوا دروسا في الدفاع عن  حقوق الانسان باستماتة ونكران  الذات، آملين أن آذان وعيون حاتم  الطائي بجزر الكناري عمربولسان ،الذي  لايستسيغ أكل شوك ”الاكناري”، إلا بأفواههم، أن يبلغوه عن هممهم في العقوق واستعدادهم الدفاع عن الشيطان نفسه.

وبلغة ولسان الجدات والأجداد التي تشهد لهم  صخور المنطقة وجبالها بصلابتهم وشموخهم و نخوتهم وأنفتهم، وسمائها بصفاء سريرتهم ونقائها من كل الشوائب الدخيلة التي حملها الرعاع في  أسمالهم إليها، فإن هؤلاء الطيش ما هم سوى جهلة استأنسوا الخمول وطلب المساعدة والتواكل على الغير، وهي سمة غريبة عن آيت باعمران، وحين نضبت العين إياها بعدما ألفوا ”الكارطيات”، ابتكروا موضة الانفصال آملين أن ينوبهم مما ناله من سبقهم، من فتات الإعانات نصيبًا، بالتزلف والرياء إن كان ذلك يجدي نفعا.

في جحود، لتاريخ الأجداد المنحوت على الصخر وعلى قبور الشهداء، فما كان لذاك التاريخ إلا أن نبذهم وتبرأ منهم برميهم وأمثالهم في مزبلته لكن أفراد تلك الشرذمة الضالة نسوا المأثور من قول الآباء والاجداد التي كانت مستهل الكلام، فالذين ينتظرون التِفاتََتَهُم، هم نفسهم في حالة انتظار دائم لأعطية اسيادهم ومهما كان، فإن حسنة الاسترزاق والتحايل لا تقسم، وصدق من شبه المرتزق بـ “الميتة التي لاترضع”.

فالحسرة هنا كل الحسرة، ليس على بعض الشباب الضال الذي قد يعود له صوابه أو قد يذهب عن “موضته” أو تذهب هي عنه إلى أن  تخبو تماما لامحالة، بل من كان سببا في الفراغ الذي يعيشه أبناء منطقة آيت باعمران والذي يعود بالأساس إلى انعدام التأطير، وكذا إلى تهميش الكفاءات الجادة من قبل بعض المتهافتين وراء المصالح الشخصية، والحسابات السياسوية الضيقة جاعلين هذه الفئة الضعيفة لقمة صائغة بين أيدي  خبراء الارتزاق.

وجود عناصر ذات نزعات انفصالية تروج لأطروحات قيادة الرابوني هي بالفعل  ظاهرة دخيلة على المجتمع الإفناوي والباعمراني، و”موضة” بين صفوف بعض الشباب تروج لها عناصر قليلة جدا، وفق خلفيات وأجندة مملاة من الخارج، متعمدة الخلط بين المطالب الاجتماعية، والاقتصادية، والحقوقية، وبين المواقف الانفصالية، ستخبو لاحقا، مستغلين تفشي البطالة وانحسار سوق العمل والشغل بسيدي إيفني.

لقد آن الأوان للتصدي لهذه الظاهرة النشاز بكل الحزم والمسؤولية، احتراما لتاريخ ونضالات وسمعة المقاومين البعمرانيين، وعدم التساهل  مع النزعات الانفصالية والسماح لها بالتمدد وسط المجتمع، وآن للأحزاب والجمعيات أن تتحمل  مسؤوليتها تامة في  أداء أدوارها التأطيرية، وألا تلتزم الصمت واللامبالاة تجاه هذه الظاهرة، لأن الصمت في مثل هذه المواقف يعتبر رديفا ومشابها للمؤامرة.

كما آن لمنتخبي المدينة، ومجتمعها المدني، وسياسييها، وأعيانها وكل من يحس أنه ينتمي إلى هذه المنطقة، أن يصطفوا، عِوض الضرب من تحت الحزام و تبادل اتهامات جوفاء حول الانتخابات والمقاعد، في صف واحد وفي جبهة  موحدة إلى جانب أبناء آيت بعمران الشرفاء لإحباط هذه المحاولات الانفصالية، ومواجهة مناورات أعداء الوطن والتصدي للمواقف الشاذة لهؤلاء الضالين، خصوصا في مثل ذده المرحلة الدقيقة التي تمر منها قضيتنا الوطنية الأولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *