آراء

ملكة “طنز عمالة إفني” .. وبقية التفاصيل

sdf

استأثرت ملكة “تاكناريت عمالة إفني ” إهتمام متتبعين حول إجراء فريد من نوعه، وتسأل الجميع عن هذه المبادرة، ومن كان ورائها؟ وهل يعقل أن نتحدث عن ملكة جمال عمالة افني بمقاس جديد وتحت مسمى “تكناريت “عمالة سيدي افني ، وهي بالمناسبة، اسم على مسمى، ويعني عند عامة الناس بـ “طنز ديال عمالة إفني”، تحت ذريعة ملكة جمال “أكناري”؟

أسئلة كثيرة، وما علينا إلا البحث عن أجوبتها ، فربما تتوفر عمالة إقليم افني على عامل أو موظفين مختصين في التصميم، أم أنهم سيستعينون بمصممات خارج المنطقة، باستطاعتهن تصميم نموذجا لإمراة اختارتها عمالة إقليم افني رمزا لشجرة الصبار، أو يكتفي فقط بالمصممات الشعبيات “النكافات” ولا ندري كيف سيقدمونها، بألوانها وشكلها، والمهتمين بالتصميم العالمي والمغربي، سيسألون هم الآخرين على هذا النموذج الذي اقترحته عمالة افني؟

ربما تكون هذه الفكرة وعلى بلادتها مستقاة من مهرجان “حب الملوك” الشعبية لاختيار ملكة الجمال فاكهة “الكرز”، وهي فاكهة نادرة، ولا أشواك لها، وشتان بينها وبين فاكهة “أشفري”، النبة الشوكية، وهذا الاختيار يتم عبر مبدأ التناوب بين فتيات يهوديات، مسيحيات، ومسلمات في احتفال ترافقه فرق موسيقية شعبية تطوف شوارع المدينة، هل هذا ما تريد أن تقدمه مبادرات عمالة سيدي افني؟، إذا كان كذالك، ما علينا إلا أن نرفع أيدنا إلى البارك تعالى أن يبعد عنا شر “الكلاخ” لمسوؤلي المخزن الذي يتم تعينهم بالمدينة، بحيث مر منهم الكثير ولم يحاسبوا إلى عهد قريب، منهم من سرق الثروة، ومنهم من باع أراضي السكان، ومنهم من عرقلة التنمية، ومنهم من مس شرف نساء سيدي افني ومنهم.

ماذا يعني إدراج هذه المبادرة في هذا الوقت بالتحديد، وهل بمقدور هؤلاء إنجاح هذه العملية، بحضور المسيح واليهود والمسلمين، لما لا، وأكناري، موجود في كناريا، والبرازيل، تل أبيب، بل يرمز إلى التعايش في ثقافة منطقة ايت بعمران، وتؤكد أسماؤه المتداولة، ” أشفري”، “موسى، “عيسى”، “اموسلم”، أن تمت ديانات عديدة مرت من هناك. الرأي العام في سيدي إفني اغلبه معارض، معجب ومستنكر، لم يعد يقبل هذه الترهات.

ببساطة كلما سمع المهرجان إلا ويتذكر المجازفة في تبذير الأموال بدون حسيب ولا رقيب، خاصة في منطقة طالها التهميش المقصود، وضعف الكفاءة، وغياب الإستثمار، وحيث أن المشرفون اليوم لم يستحضروا تبعات هذا الإجراء الهستيري، ولا تذكروا تاريخ ملكات جمال سيدي افني أيام الحماية الاسبانية على الإقليم، وكيف تسببت مثل هده الكرنفالات في القلاقل، وكانت من أسباب تأجيج عواطف الناس ضد الاسبان .. ودلالات إعلان ملكة “طنز” عمالة الاقليم” تذكرنا بملكة جمال افني، وليس جمال فاكهة “أشفري”، السيدة فاطمة عبد السلام التهامي، التي استقبلها فرانكو في مدريد 1965، بعد استحقاقها لجائزة جمال إفني، وفي منافسة لجميلات إسبانيا، وليست هي صورة طبق الأصل لمبادرة عمالة إقليم سيدي افني، لأن الأمر يحتاج إلى كفاءات عالية، وإلى خبراء، والى أهداف اجتماعية واقتصادية تعود على المنطقة.

فيكفينا أن نذكر المشرفون على إعداد هذه “الدمية”، أن ملكة جمال المغرب فاطمة فايز، أكدت لوسائل الإعلام العالمية أن اختيار ملكة الجمال اليوم يتم على أساس أن تكون لها ثروة، ومثقفة وهي بالمناسبة سفيرة الأعمال الخيرية للمغرب. فهل اقنع عامل إقليم سيدي افني سيدة تمتلك الثروة لفتح اوراش الأعمال الخيرية التي يحتاج لها الإقليم؟ أم أن ما يهم هؤلاء المشرفون هو كثرة الإنفاق، والمجازفة، وإهلاك مالا لبدا، وكأنهم يحسبون أن احد لم يراهم.

لقد نقلت عن ساكنة افني معلومات وتقارير وهم يقولون لدوي القرار بالمركز أن ساكنة الإقليم يكرهون المخزن، وإن الاعتدال الذي يظهرونه أمام الملك، ورجال السلطة ليس صحيحا، وإنه جزء من خدعة سياسية، لأن الباعمرانيون انفصاليون لا ثقة فيهم. عشنا ورأينا الملك محمد السادس يزور مدينة سيدي افني بعد توليته العرش، وهو مؤشر يحمل دلالات كبرى على أن الجالس على العرش يحاول أن يحترم قواعد اللعبة، وأن يقترب إلى مناطق مهمشة، تحتاج إلى مصالحة مع أطياف المخزن ومحيطه.

لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فطقوس المخزن متوارثة، ومع التجربة المغربية الجديدة قالواان البلاد تتجه نحو إعادة الاعتبار للجهوية، لكن في العمق ليست سوى خطاب عابر، كان لازما القول به بسبب اكراهات وتحديات من جهة، ومع محاولة تفادي المقاطعة الانتخابية للصناديق وما تفرزه، من جهة أخرى، وهذا هو الأهم في هذه المرحلة.

أما ما يحدث مع ساكنة إقليم سيدي افني اليوم التي مازالت ترى أن وصول العدالة والتنمية إلى الحكومة حادثة سير يتكرر، وقوس قزاح عابر، ولا شئ إسمه الانفتاح الديمقراطي، وسنعود إلى أسلوب القديم من إفساد وفساد، بعيدا عن نزاهة الانتخابات وصندوق الاقتراع الذي لا يلعب، إلا دورا استفزازيا حيث تشرى الدمم، أما جوهر هذه اللعبة فيقع في مكان آخر. حيث تنقل ثروات الساكنة ، وتهريب الأموال ووو..

إن هذا الضيق ألمصلحي هو الذي يدفع، ساكنة سيدي افني، إلى الإحساس بالغبن والحكرة، ويتذكرون جرائم “السبت الأسود”، كما يتذكرون تلك الوعود الكاذبة لحكومة الفاسي، ومن استثمرها لصالحه.

صحيح أن سيدي إفني مجال مازال يتمتع بمؤهلات اقتصادية و له موقع استراتيجي، وأن الحكومات المتعاقبة لا تلعب إلا في المركز، لكن في الوقت ذاته يجب الانتباه إلى دلالات صورة سيدي افني اليوم في البعد الاستراتيجي الإقليمي للمغرب، وقدرة هذا الموقع الجغرافي بكل مشاكله على إمكانية رسم معالم طريق للتعامل مع القارات الثلاث إفريقيا أوربا وأمريكا، وتجنب تداعيات الاستفزاز اليومي وما ترتب عنها من أحداث أليمة كانت البداية الأولى لانطلاق شرارة الانتفاضات تسببت بعد ذالك في إعلان سقوط دولا أخرى بسبب الفتن والاضطرابات.

المسؤلون في سيدي افني فيهم عيوب كثيرة ليس أقلها انعدام خبرتهم في إدارة الدولة، وقلة الكوادر والأطر الكفأة في صفوفهم، وأغلبيتهم تبحث عن مصالحها الخاصة، بل يتم توجيههم من طرفي بقايا لوبي إقليم تزنيت، في المقابل أبناء هذه الأرض، يعانون من الظلم والتهميش رغم أنهم خرجوا من رحمها، لهذا فإن إدماجهم في اللعبة شر لابد منه و يعني إبقاء الديمقراطية حية، وطردهم من اللعبة يعني خنق محتمل، كما وقع ويقع في الصحراء التي خرجت من سلطوية فرانكوا إلى ديكتاتورية عبد العزيز. فهل حقا نحتاج إلى ملكة جمال أو ” طنز .. عمالة سيدي افني”، لإتمام بقية التفاصيل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *