خارج الحدود

دور سينما في الهواء الطلق تقليد يوناني بامتياز‎

ان شاهدت طيف هرة يمر امام الشاشة او سمعت صفارات سيارات الاطفاء خلال مشهد قبلة فاعرف من دون شك انك في سينما في الهواء الطلق في اليونان وهو تقليد متحرر من القيود سار منذ حوالى مئة عام في هذا البلد.

فيما يفتح المتفرجون زجاجات المشروب الباردة ويسترخون حول طاولة، ينتقل ماثايوس بوتاغاس (86 عاما) من مكان الى اخر بسرعة للتحقق من البكرات وتحضير جهاز البث والاهتمام ببيع المشروبات.

ويقول صاحب دار السينما “بالاس” في حي بانغراتي في اثينا “اقوم بكل شيء باستثناء التمثيل في الفيلم”.

فمنذ ستين عاما يبدأ نهاره في فصل الصيف عند الساعة السابعة مساء وينتهي قرابة الواحدة صباحا مع الجلسة الثانية.

ويقول الرجل صاحب اللحية البيضاء الذي فتح والده وعمومه الدار العام 1925 قبل ثلاث سنوات على ولادته، “لقد ولدت في هذه السينما”.

ولم يتغير المكان منذ ذلك الحين كثيرا. ففي الطابق الارضي قاعة مغلقة وعلى السطح شاشة في الهواء الطلق محاطة بالنبات وهو “ملجأ العشاق المفضل” على ما يقول صاحب المكان.

وتقول ايلينا باركا وهي جالسة في احد المقاعد “سينما الصيف رومنسية. لكنها اكثر من ذلك.. انها تجربة مختلفة تماما عن القاعة المظلمة فاننا نرى السماء والقمر…”.

وتؤكد هذه المرأة الثلاثينية العاطلة عن العمل “الامر الاول الذي نفكر فيه في اليونان عندما يحل فصل الصيف هو الذهاب الى السينما في الهواء الطلق”. اما جارها وهو متقاعد فيرى في ذلك “ما يتجاوز السينما” فهو “نشاط ترفيهي يعتبر جزءا لا يتجزأ من الصيف اليوناني”.

الكثير من الاماكن في اثينا وجوارها تقدم الافلام في الهواء الطلق. فثمة 90 شرفة او حديقة تستقبل المتفرجين اعتبارا من مطلع ايار/مايو وتقدم عروضا يومية حتى اكتوبر.

وفي هذه الاثناء توقف الكثير من القاعات المغلقة نشاطها حتى سبتمبر.

ويوضح الصحافي ديميتري فيساس لذي وضع دليلا بكل دور السينما في العاصمة اليونانية منذ العام 1896 “في الستينات، كان في اثينا 600 دور سينما صيفية. فكانت وسيلة الترفيه بامتياز في المدن عندما كانت قلة من العائلات تملك جهاز تلفاز”.

ويضيف “قطعة الارض لم تكن تكلف غاليا وكان يكفي اعداد زاوية من مرآب وايجاد اضواء كاشفة ولم يكن الامر معقدا للانطلاق في هذا المجال”.

وقد ادخلت تعديلات منذ ذلك الحين فبعض الدور تقترح كراس للتمدد ومشروبات كحولية متنوعة وتقنية الابعاد الثلاثة.

الا ان التقليد لا يزال يحافظ على امور قديمة كثيرة مثل رائحة الياسمين والمراهم المضادة للبعوض و السجائر واصوات المدينة المتناهية الى مسامع المتفرجين و الزيز والبحر احيانا، فضلا عن استراحة مع موسيقى والجيران الذين ينتشرون على شرفات الابنية المجاورة بالقمصان القطنية الداخلية.

وكان حي بانغراتي يضم في ما مضى عشر “قاعات” في الهواء الطلق على ما تذكر بكثير من الحنين الشقيقتان ماريا وديا كوتيرا اللتان تملكان منذ اربعين عاما سينما “اوازيس” المقامة في باحة يكثر فيها النبات.

وتقول ديا وهي مغنية اوبرا سابقة تسكن سويسرا لكنها تعود كل صيف الى اثينا لمساعدة شقيقتها “كان هناك دور +لورا+ و+ريا+ و+تيتانيا+ و +ليتو+ و +اركاديا+ و +اخيلياس+”.

وتهتم ديا ببيع البطاقات تحت ملصق بالاسود والابيض لجون واين. وتهتم ماريا التي تقيم فوق السينما ببيع المشروبات . ويهتم صديقهما الكبير يانيس بجهاز البث الايطالي الذي يعود الى العام 1965 ويعمل بتقنية تم التخلي عنها منذ عقود.

وتحن حسابات سينما “اوازيس” الى سنوات الازدهار السابقة عندما كانت تسجل بيع اكثر من 80 الف بطاقة في حين ان العدد لا يتجاوز الستة الاف راهنا. وقد استقطبت سينما “ثيسيو” وهي الافضل في اليونان مع منظر رائع على الاكروبوليس ، 45 الف متفرج العام 2013.

وقد تعجز دور السينما في الهواء الطلق من عرض الافلام الجديدة قريبا في حال تم تعميم التقنية الرقمية ما يفرض عليها استثمارات قد يصعب عليها تحملها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *